| مقـالات
في مقاله المنشور في عكاظ الغراء غرة الشهر الجاري بعنوان شبابنا وشاباتنا إلى أين؟ نبه الدكتور عبدالله الفوزان إلى انفلات الشباب بعد أن أصبح بلا قدوة ولا رقيب ولا هدف ولا طموح، تستهويه مخالفة أنظمة المجتمع وقوانينه، ويجد سلواه وتحقيق ذاته في المعاكسات الهاتفية، لا يعرف تحمّل المسؤولية وينكسر أمام أبسط المواقف, وهو تشريح جريء وواقعي لحال شبابنا المنفلت والذي لا مجال لإيقاف انفلاته هذا كما قال الدكتور إلا بالتبصر الواعي والحكيم في مساراته وكبح قوته التدميرية وفق أسس وقواعد وإجراءات علمية مدروسة, وإذا أضفنا إلى ذلك قول الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجِدَه
مُفسدةٌ للمرء أي مَفسده |
ونقف على أهم اسباب ارتفاع معدلات الجريمة كما نعرف بأن كل شرورها تنبع في الأساس من بؤرة الفراغ الذي يعيشه شبابنا لأسباب قد يكون معظمها خارجا عن إرادته.
يجب الاعتراف بأن نصف أبنائنا الحاصلين على الثانوية العامة لسنوات عديدة قد أحيلوا تباعاً إلى (المعاش) مبكراً، فلا طالتهم رحمة الجامعة بالقبول ولا أهلناهم لمواقع العمل الشاغرة الكثيرة في طول الوطن وعرضه, وقد ملَّت الأقلام وهي تطالب بوضع خارطة للتنمية البشرية الوطنية طبقاً لحاجة المجتمع وهو مشروع عاجل يجفف منابع البطالة ويسرع كثيراً في تحقيق أمل السعودة بحيث لا تصبح مجرد شعار وأماني,, وأن نضع في الاعتبار وجود الكثير من التخصصات المهنية والحرفية لا تمثل حصة السعوديين فيها حتى الآن إلا حصة النمل من أركان جبل ثهلان الشهير، وتبقى الكعكة من نصيب الغير، ولن نملَّ القول بأن عاقلاً لا يجرؤ على فرض أفراد ناقصي التأهيل على قطاعنا الخاص بدعوى أن ذلك واجبه، فإنه لو تحقق لأصبح وبالاً على اقتصادنا القومي لأن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه.
وكما نطالب الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل بأن يكونوا جادين في اصطياد فرصهم، فلا بد أن نكون جادين في توفير هذه الفرص لهم قبل ان نحاسبهم، فإيجاد الحلول العملية لاستثمار الطاقة البشرية الهائلة المعطلة هو المفتاح الصحيح للحل, الأمر يقتضي إذن أن تتضافر الجهود وبشكل عاجل بين الجهات الحكومية ذات العلاقة وعلى رأسها المؤسسات التعليمية المختلفة والقطاعات العسكرية ومكاتب العمل وغيرها، وبين القطاع الخاص ممثلاً في الغرف التجاربة الصناعية وجمعية رجال الأعمال وذلك بهدف وضع خطة حقيقية قابلة للتنفيذ ننقذ بها أبناءنا المتسكعين على رصيف الحياة وندفعهم إلى مجراها العملي ليصبحوا قوة فاعلة في اقتصاد بلدهم وتنميته وبذلك نتصدى للكارثة الاجتماعية التي أشار إليها أخي الدكتور الفوزان والتي نرى ملامحها تتشكل عاماً بعد الآخر بزيادة أعداد المتعطلين غير المؤهلين.
إضافة إلى ما تقدم، ولمعالجة الآثار السلبية الناجمة عن ترف يتخم فئة ليست قليلة من شبابنا، فإني أدعو إلى دراسة تجارب الآخرين من حولنا، ومن أهمها مشروع التجنيد الإجباري، ومشروع تكليف خريجي الجامعات بالعمل لمدة محدودة بنظام الخدمة العامة, ذلك واجب وطني لم يعد يحتمل مزيدا من التأجيل حتى لا نساهم نحن بكلتا يدينا في هدم طاقتنا البشرية بل وتحويلها إلى غول يهدد المجتمع بالخطر.
* وكيل إمارة منطقة عسير المساعد.
|
|
|
|
|