أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 4th February,2001 العدد:10256الطبعةالاولـي الأحد 10 ,ذو القعدة 1421

مدارات شعبية

السهر,, سفير المحبين لدى الحزن
السهر,, حالة من الأرق المرغوب,.
و,, يمكن تصنيفه تحت قائمة (فوضى المواعيد) ويمكن للكثيرين اعتباره (بروفة الصباح) ويمكن لك أنت عزيز القارىء,.
أن تجلد النعاس,, وتغتال اليقظة,, وتحارب النوم,, وتجلب الأنيس,, الونيس,, الذي يزيل عنك وحشة المساء,.
لقد كُنّا نخاف في الصغر (وربما بعضنا إلى الآن)!! من الظلام,, ومن مواء القطط الذي يحاصرنا بعد كل مرة نعود فيها من السهرة,, كنا نخاف غموض المساء المخيف,, وبودِّنا أن تصبح الحياة بلا مساء,,!! إنها أفكار طفولية، لذا كُنّا نفضِّل السهر بحجة مشاهدة مسلسل السهرة ومتابعة الحلقة الأخيرة من (ليالي الحلمية),.
واليوم ما زلنا نتعلق بالسهر,, ونتصور انه (مكحلة الرجال) الحقيقية,,!!
ودائماً ما نجده خارج نظام التغطية,, وأعيننا بعيدة عن الإرسال البصري,, فنحاول أن نستعيد القوى البصرية,, ونجد أننا ما زلنا بصحبة (القمر),,!!
الكثير من السهارى (يتشفقون) المنام,, بحب السهر,, وإن سألته (لِمَ لا تنام؟!) شبك أصابعه ببعضها,, وتثاءب وقال: (مافيني نوم)!!!,, يحاول أن يخدع نفسه,, ويخجل من المجاهرة بحب السهر,, وصحبة البدر,, حاول أن تجفو السهر وتخلد للنوم بمحاولات يائسة,, وبخديعة ناعسة ماذا فعلت يا نايف صقر:


سقيت أرض السهر ليلٍ قراح ولا نبت مرقاد
وأنا بالي طريدٍ للغرام ورَّق هوجاسه

ثمة حلمٍ يداعب النائم,, المفتوح شباك عينيه من جهة الحب,, يسترجع الماضي ويضغط زر (Rew) فينجح,, ويُحلِّق,, يتسلق شجرة عالية لكي يجني نظرةً (غالية)!!,.
فيقع,, ويصاب بكسرٍ بسيط,,!! (ذنبه على جنبه) يئن من الوجع,, ويظل سهران,, كئيباً,, يعلو الألم ملامح وجهه (المنكسر) أيضاً,, ويصبح السهر حلَّه الوحيد لمقاومة الوجع,, يقول مساعد الرشيدي:


أنا البارحة من يوم غابت إلين أذن
تحلوى عيوني للكرى مير ما احتالت
يثوع النعاس من أرمد الجفن يوم تعن
سراميد غيظ بالحشا حبلها فالت

السهر,, جذوة ملتهبة في كف بدويٌ,, يُقلِّب الحيرة براحة يديه,.
تتطارد أسراب فكره,, ويظل شامخاً كعمود بيته ,.
السهر,, ميناءٌ تبحر منه الأعين إلى ساحل السمر,.
تغادر النعاس,, وتُسدل ستار غفواتها,, وتزرع الأمكنة في حقول وطنها الممتد بالسواد,, في السهر,, لابد أن تذبل أوراق الهدوء والسكينة,, وبالمقابل تزهر الأريحية,, وتتفتق,, وتصبح كأرجوانة وحيدة في صحراء قاحلة,.
مرحى للسهارى،,, ومرحى لأسير الشوق:


اقوم من ليلي واصبِّح على ليل
وما أدري النهار اللي يقولون (وينه)؟!!

فلك لا يهدأ,, ولا يسأم من الدوران حول القلوب,, كأنه يدور حول مجموعة شمسية,, لكي يتمكن (عطارد) من عشق (زهره) كيفما شاء,,!!! سواء كان في الأرض أم المريخ,.
فالعشق تجربة,.
وكل صاحب تجربة لابد ان يذوق إبر النحل لكي يتمكن من شرب جرعةِ (عسل) تمدّه بالنشاط والحيوية,, والسهر حقنة العشاق,, ولا غنى لهم عنه,, حسناً,, لا عليه,,!!
أحياناً يصبح الليل مملوكاً في قبضة مَن نحب,, عندها,, لن نستطيع أن نتمكن من السهر,, (فالسهر بلا ليل,, كالقهوة بلا هيل),,!! (أحب القهوة المهيَّلة)!!!!
وناصر المطيري يحب أن يتجرَّع السهر,, ولكن متى:


جمعت في راحتك ليلي وفجري
حتى حصدت المستوي من نهاري

كيف يمكن لنا أن نصنع الإزدواجية في حياتنا اليومية,, ونختار كيفما نشاء,,!!
الحياة بسيطة,, والأبسط أن نفهمها,, ونطوِّق عقلياتنا بمدارك علومها ومعارفها الشاملة والواسعة,, لنغرق أنفسنا في محيطات (الوناسة) الخالية من الصخب (الفاسق),, والمتشربة بالمبدأ السامق,, أكره الساعات المنبهة,, لأنني أعرف متى سأصحو,,؟! بل اعرف بأنني لن أنام,.
هكذا يقول بدر الشعر (مهندس الكلمة):


كن السهر دربٍ عليه بتجيني
وما ودي أقطع درب لا ماك برقاد

السهر,, محفل العاشقين,, وملتقى الشعراء,.
السهر,, هو سفير الحب لدى الحزن,, والقائم بمهام قنصلية النظرة الأولى,.
حسناً,, سوف أخلد للنوم,, ولكن هناك صوتٌ ما:


توّنا ما أروعك والليل باول شبابه
يوم طاب السهر وش عجَّلك بالرحيل

سعود البديري

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved