| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,, وبعد:
يضطلع مركز التدريب التربوي بدور فاعل ونشط في سبيل امداد المعلم بما يحتاجه من دورات، كما انه يمهد السبيل لمنسوبي وزارة المعارف ممن أراد إكمال دراسته، فهو منبر علمي ينير طريق المعلمين ويحقق هدفاً سامياً تسعى الوزارة إلى تفعيله بتزويد المعلم بما يحتاجه من علوم ومعارف تتصل بالتطور المتلاحق للعلوم التربوية والمعرفية.
وقد كان لي مع رئيس مركز الدراسات العليا في مركز التدريب الأستاذ محمد الخلف في مكتبه طرف من حديث حول بعض التخصصات التي ترى وزارة المعارف انها لا تفيد المنتسبين لها، ولذلك لا يُمنحون تفرغا إلا إذا كان العلم الذي سيتحصلون عليه محصوراً في تخصصات التربية أو امتداداً لتخصص طالب التفرغ, وقد أبدى الخلف رأيه مدافعاً عن وجهة نظر وزارة المعارف.
أما أنا فإن لي رأياً يخالف تعاميم وزارة المعارف التي لا ترى جدوى من دراسة الإعلام لأحد منسوبيها إذا كان متخصصا في اللغة العريبة مثلا فهو إما أن يكمل دراسته في اللغة العربية أو يلتحق بأحد تخصصات كلية التربية وهذه التخصصات لا يُختلف على أنها ذات صلة وثيقة بالتربية والتعليم ولذلك فخريجو الدراسات العليا من تخصصات التربية ولله الحمد كُثر.
وليس من نافلة القول أن نشير إلى أن العلم في أي تخصص كان مفيد لصاحبه، ويظهر أثره في ملكاته العقلية وفي سلوكه وفي تعامله مع مفردات الحياة بأكملها، فهو يحصِّن صاحبه بالوعي الذي يظهر في المتعلم من خلال تغيير سلوكه وإدراكه للأمور والقدرة على فرز الصالح من غيره.
ووزارة المعارف عندما تنشئ هذا المركز التدريب تبحث عما ينقص المعلم من علوم ومعارف، إضافة إلى إثراء جانب الوعي بمفهومه الشامل لدى منسوبي الوزارة عامة والمعلمين خاصة، بما سيمدهم به المركز من دورات أو ما يستهل به طريق المتعلمين في الجامعة والكليات.
ولو بحثنا النقص لدى معلم مثلا في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية، فإن أهم ما نبحث عنه تمكنه من تخصصه المادة العلمية فإذا كان المعلم يحمل شهادة البكالوريوس من الجامعات او من كليات المعلمين الآن فإنه سيكون متمكناً من تخصصه بما يغطي احتياج المرحلة التي يدرس لها، والدورات التي يوفرها المركز كفيلة بسد أي خلل أو قصور قد يلحق بتمكن المعلم من المادة العلمية مع مرور الوقت.
أما عندما يأتي أحد منسوبي الوزارة ويطلب إكمال دراسته الجامعية فإنه يبحث عن التخصص الذي يميل إليه ويستطيع أن يبدع به، فإذا كانت شهادته البكالوريوس في تخصص ما، فما المانع ان يكمل الماجستير في اي مجال آخر، ،هو بذلك سيخدم تخصصه من نواح أخرى، كإيصال العلم الذي تخصص به، كما أن دراسته ستفيده في تعامله مع الطلاب, والحقيقة من خلال تعاملي مع زملاء كثيرين في وسط التعليم أجد أن ما ينقص بعضهم ليست المادة العلمية للمرحلة التي يدرس لها، وإنما ينقص هذا البعض شيء من الوعي، والقدرة على التعامل الأمثل مع عناصر العملية التعليمية من طلاب يوصل لهم المعلومة، وأولياء أمور يقنعهم، وزملاء يتعامل معهم, ونحن نعلم أن تلك المهارات تتوافر لدارس التربية أو علم النفس وهذه التخصصات وهي من صميم التربية تبحث عنها الوزارة لمنسوبيها وتساعد من أراد إكمال دراسته بأحد هذه التخصصات,, وهذا لا خلاف عليه.
غير أن هذه التخصصات التربوية مع أهميتها، وكثرة خريجيها ليست هي الوحيدة حصراً في إيصال تلك المهارات والقدرات، فهناك تخصصات أخرى أهملتها الوزارة وترى أنها لا تدخل في صميم التعليم والتربية مثل تخصص الإعلام والسبب أن وزارة المعارف لا ترى في تخصص الإعلام ما يخدم التربية والتعليم!
وهذا افتراض غير سليم، والسبب يعود إلى عدة أمور منها:
النظرة لتخصص الإعلام على أنه فقط يقتصر على الإذاعة والتلفزيون والصحافة، بينما الحقيقة أن في دراسة الإعلام ما يتصل اتصالاً قوياً بالتعامل مع الآخرين ودراسة الظروف المحيطة والمؤثرة بالعملية الاتصالية مثل تخصص علم الاتصال والتخصص الدقيق أيضا علم الاتصال البشري ، فتخصصات الإعلام وبخاصة الدقيقة التي تدرس لدارسي الماجستير والدكتوراه تتصل بالتعليم، لان التعليم أحد أشكال الاتصال الذي تحكمه معايير وأسس علمية يدرسها المتخصصون في الإعلام، وأنا مررت أثناء الدراسة البكالوريوس بطرف بسيط من هذا العلم الاتصال مع أن تخصصي في اللغة العربية وقد أفادني في طرق التعامل الاتصال مع الآخرين، وقد أحببت تلك المادة واستفدت منها عملياً عندما التحقت بالتدريس فمسمى تخصص الإعلام أو النظرة السطحية لهذا التخصص هو ما جعل وزارة المعارف تغفل دوره في التربية والتعليم فلا تعطي الفرصة لمنسوبيها لكي يلتحقوا بهذا التخصص.
إذا اتفقتم معي فيما مضى من أن الاعلام يحوي تخصصاتٍ دقيقة تتصل بالتربية والتعليم، فإنه يسهل القول إن التعليم بحاجة ماسة لتخصصات الاعلام المشهورة مثل الإذاعة والتلفزيون والصحافة والعلاقات العامة,, إلخ لأن نظريات التربية الحديثة تنادي بتفعيل الدور الإعلامي للمعلم بهدف إبراز دوره التنويري من خلال مشاركته بالمنابر الإعلامية ووسائل الاتصال الجماهيري وهذا يمثل تواصلاً مع (المجتمع بمفهومه المطلق) كما أن دراسة الإعلام لمنسوبي التربية والتعليم تُثري تجربة المعلم في مشاركته بالنشاطات والنشرات الإعلامية وهذا على مستوى (المجتمع التعليمي) فمشاركة المعلم اعلاميا في مجتمعه المدرسي أو المجتمع بمفهومه المطلق ضرورة لا يمكن أن تسير لها الوزارة وهي تمنع منسوبيها من الالتحاق بتخصص مثل الإعلام فلابد من تمهيد الطريق له لكي لا يكون محصوراً مهمشا داخل أسوار المدرسة، ونشاط المعلم إعلاميا يتطلب إشرافاً من قبل متخصصين اعلاميين، والوزارة سعت إلى هذا من خلال اطلاق مجلة المعرفة واهتمامها ملحوظ بعد تولي وزيرها الحالي د, محمد بن أحمد الرشيد بالدور الإعلامي بشكل عام, وأنا استغرب ألا تشجع الوزارة دراسة الإعلام عندما أهمَلَتِ التعاميم القديمة التي تستبعد مثل هذا التخصص، فالوزارة لديها جهاز متكامل يطلق عليه: إدارة الإعلام التربوي وهذا الجهاز يتطلب متخصصين في الإعلام بمفهومه السائد بعيداً عن تخصصاته الدقيقة.
وما نتمناه من الوزارة ممثلة بوزيرها معالي د, محمد بن أحمد الرشيد، ومسؤولي التربية والتعليم وبخاصة من يشرف على المراكز والإدارات المختصة بتوجيه المعلمين كمراكز الاشراف التربوي، ومراكز التدريب والتطوير التربوي، والإدارات المختصة بتوجيه منسوبي وزارة المعارف، أن تساعد منسوبيها لإكمال دراساتهم، وأن تمهد الطريق لمن أراد الاستزادة من العلوم في تخصصات ذات صلة غير التربية وعلم النفس، والأمل أن نرى تعميما يفتح المجال لتخصصات أخرى مثل الإعلام والحاسب الآلي وغيرها,, ففي رأيي أن حصر الأمر على تخصصات التربية لا يسير وفق توجهات الوزارة في الفترة الاخيرة ويمكن القول إن الوزارة وصلت إلى مرحلة التشبع من التخصصات التربوية، فهلا رأينا من وزارتنا الموفقة فتح مجالات أوسع أمام منسوبيها, هذا ما نتمناه والله نسأل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
عبدالعزيز بن يوسف المزيني
متوسطة العليا الرياض
|
|
|
|
|