أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 4th February,2001 العدد:10256الطبعةالاولـي الأحد 10 ,ذو القعدة 1421

محليــات

خاطرة الاحد
خواطر حول قضايانا المعاصرة
أحمد بن حمد اليحيى
ثانياً: الماء
في الاسبوع الماضي قلنا ان الامة التي تسعى الى تبوؤ مركز مستقبلي في هذا الكون لتكون شريكة فاعلة في صنعه لتحقق الازدهار والرقي لبنيها هي الامة التي تتعلم وتفكر وتعمل, وقلنا ان الله (جل وعلا) قد منَّ على الامة بقيام دولة المملكة العربية السعودية الحديثة خلال حقبة تميزت بثورة الصناعات والمعلومات مما ضاعف المسؤولية على قيادتها وابنائها في مواجهة احتياجات هذا العصر, ولقد تناولنا الثروة البترولية والغازية ذات الطبيعة الناضبة كأول قضايا الامة من حيث عمرها وكذا الانتفاع بها كوسيلة لايجاد دخل وطني متجدد ومتنوع.
أما الآن فسنتناول المياه كقضية وطنية تؤرق المفكرين والمنظرين, والواقع انها ليست قضيتنا المحلية وحدنا,, ولكنها مشكلة دولية تواجهها حتى بعض البلاد ذات الانهار الجارية فالدراسات تنذر بأن محور الصراعات القادمة في منطقة الشرق الاوسط سيكون سببها الرئيسي المياه, ونحن على يقين بأن القارىء الفاضل لا يحتاج منا الى ارقام واحصاءات دلائلية فالوضع الماضي السعودي الشحيح واضح وانما نذكّر بأن مصادر المياه الرئيسية التقليدية في بلادنا هي الآتي:
1 الامطار الموسمية: سواء ما يستفيد منه الزرع والضرع مباشرة عند نزوله او ما يتجمع منه في الآبار السطحية والتي عادة ما تنضب قبل عودة موسم المطر التالي هذا اذا هطل مطر بأمر الله.
2 الآبار الارتوازية: وهي رصيد ملايين السنين التي فجرتها الآلة من اعماق الارض وقامت عليها طفرة زراعية فأسرفت في شفطها ما فتأت الا وغارت, فهجر المزارعون حقولهم وتركوها تذروها الرياح.
3 صناعة مياه البحر (التحلية): والتي حرصت الحكومة على تكثيفها لإرواء الحواضر الساحلية وكذلك الداخلية حتى اوصلتها الى المواقع ذات التضاريس الصعبة من جبال ووديان.
القارىء العزيز: القضية الخطيرة هي ان بلادنا ستواجه أزمة مائية لا محالة, وليس الامر متعلقاً بالزراعة فحسب فهذا امر مسلم به ولكن الاخطر هو ما يتعلق بحاجة الانسان من هذا الماء, لقد حان الوقت لمواجهة معادلة (الماء شريان الحياة) من طرفيها.
فالمملكة العربية السعودية ازداد عدد سكانها سنويا بنسبة خصوبة كبيرة تقدر ب(4%) بشكل تجاوز المعدلات الدولية المعتادة, حيث تضاعف عدد السكان خلال خمسة عشر عاما حتى قارب هذا العام العشرين مليون نسمة.
فانعكست هذه الزيادة على تضاعف الحاجة الى استهلاك الماء لا سيما مع هجرة اصحاب المزارع بالمئات الى المدن والقرى التي تتمتع بوجود المياه المؤمنة من قبل الحكومة, ناهيك عن توسع المواطنين في بناء مساكنهم على مساحات كبيرة تتطلب انشاء حدائق بأشجار نخيل واشجار زينة أخرى شره في استهلاك الماء.
وسيظل السكان في ازدياد فقد يصل بعد عشرين عاما الى اربعين مليوناً.
أما الطرف الثاني في المعادلة فهو عجز وشح مصادر المياه الرئيسية الثلاث, ولا سيما الآبار الارتوازية التي لا يتجدد مخزونها الا بعد آلاف السنين.
ولعل من الامور الأكثر ايلاما هو ان التوقعات الناتجة عن اعمال المسح والتنقيب عن مصادر مياه اخرى لا تبشر بوجود مياه في اعماق الارض غير ما تم استنزافه, فالدراسات تشير الى ان 71% من سكان المنطقة التي نعيش فيها يقعون تحت مستوى الفقر المائي, حينئذ يتحول اعتمادنا الكلي في تأمين المياه على مصدر واحد وهو التحلية الباهض التكلفة على الدولة القليل الرسم على المستهلك مقارنة بالتكلفة.
إذن فإن القضية باتت جد خطيرة فنحن لا نريد ان ننتهي في يوم من الايام الى مقايضة الماء بالبترول لا سمح الله, انه امر يجب ان يستشعر خطورته المواطن قبل الدولة, وفي ظني ان المواطن نفسه يجب الا يتهرب من المشاركة مع الحكومة في هذه القضية وعلاجها وتحكيم المنطق والعقل في ترشيد استهلاك هذه الثروة ونبذ اللامبالاة والاتكالية على الغير (أي على خاد م وعمال مزارع ونحوهم).
فثمة أساليب عديدة لترشيد استهلاك الماء لاغراض المنازل بل وللمزارع والاستراحات والحدائق الخاصة لا تخفى على كل ذي بصيرة وقد سبق للسلطات المائية المختصة الاعلان والنشر عنها مرارا, مثل اسلوب التنقيط والاستفادة من اعادة دوران المياه المستهلكة بعد معالجتها وحفر آبار سطحية داخل المساكن ذات الحدائق الكبيرة, هذه الحلول لابد ان نراعيها نحن المواطنين والتمشي بموجبها قبل ان يصبح سعر لتر الماء أغلى من لتر البنزين لا سمح الله.
لقد وصلنا مرحلة شد الأحزمة فنحن لا نعيش لانفسنا وجيلنا فقط ولكن مسؤوليات الاجيال القادمة امانة في أعناقنا نحن ابناء هذا الجيل متوارثة عبر الزمن نسلمها للجيل الذي يلينا ولا ننسى بأن الماء شريان الحياة وقال الله عز وجل في كتابه (وجعلنا من الماء كل شيء حي), والله من وراء القصد،،،،
الكويت

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved