أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 4th February,2001 العدد:10256الطبعةالاولـي الأحد 10 ,ذو القعدة 1421

محليــات

لما هو آتٍ
الأفكار والإنسان
د, خيرية إبراهيم السقاف
لا أتخيل أنَّ فكرة يمكن أن تطرأ إلا يجد المرء أن هناك من سبقه إليها,,، ويحار المرء كيف يؤكد للآخر أنه توصَّل إليها بمحض الموقف,,، وهناك من يؤمن بخصوصية التَّناول معتمداً على تفرُّد الموقف، بتفرَّد الفرد من الناس، وهناك من يجادل في غير اعتراف بأنَّ الإنسان يمكن أن ينطق في آنٍ واحد هو والآخر دون أن يكون بينهما أي اتفاق، أو حتى معرفة/ سابقة/,,,، وهذا الموضوع في حدِّ ذاته مكرور مطروق ، تناوله المفكِّرون، والمحلِّلون، والاجتماعيون، والفلاسفة، والشعراء,,، كلٌّ بطريقته,, وتوصَّلوا إلى أنه سيظل محور تساؤل دائم، بدوام الإنسان,.
هناك حقيقة لا يختلف أحدٌ في شأنها,.
تلك التي تؤكد أنَّ تماثل التجربة بين إنسان وآخر على اختلاف /النوع/، و/اللغة/، و/الزمن/ و/المكان/ عند تشابه، لا تطابق المواقف، يأتي بما يأتي به الآخر على هذا الاختلاف النوعي، واللغوي، والزماني، والمكاني بينهما,.
ويظل الإنسان إنساناً، يرفض أن يتبرَّع بفكرته لغيره,,، ويظل يؤمن بأنه وحده من فكَّر، ووحده من قال، ووحده من نطق، ووحده من ابتكر !!.
وتظل كثيراً من الأفكار ليست ذات امتداد,,، ولا تخضع للتواصل، ولا تحتمل الاستمرارية، تمرُّ خاطفةً، بمرور الزمن بالإنسان,,،
كما أنَّ هناك كثيراً من الأفكار ذات امتداد، وتخضع لطبيعة التَّواصل، وتحتمل الاستمرارية، ولا تمرُّ خاطفةً,,، وتقوى على الزمن,.
تلك الفانية/ العابرة,.
وهذه النَّامية/ الباقية,.
والأولى تحدث في كلِّ لحظة مع كلِّ النَّاس,,، بكلِّ أنماطهم، ومعارفهم، وقدراتهم، وإمكاناتهم، ومواقفهم، ومواقعهم، وأدوارهم، بل أشكالهم، وأعمارهم، وألوانهم,.
أما الثانية فلا تأتي عفو خاطرٍ، فتعبر، ولا محضَ موقفٍ فتنتهي,,، وإن جاءت عفو الخاطر، أو بمحض الموقف فإنها لا تعبرُ ولا تنتهي,,، لذلك يحسبها كلٌّ تخصُّه، ويحرص أن يسندها إليه، ويسعى كي تكون له وحده، ويرفض أن يشاركه فيها سواه,,,، تلك هي أفكار العلماء، والمخترعين، والمفكرين، مهما تشابهت,.
ومع ذلك تظلُّ للأفكار عموميتها,.
وتظلُّ للخصوصية خصوصيتها,.
ويظلُّ الإنسانُ يطمع في غير إنسانيته,,، ذلك عندما يرفض لغيره أن يكون هو، أو شيئاً منه، أو حتى مثله,.
وعندما لا يمنح الأفكار حقَّ النَّماء في حياض الآخرين.
***
أوحى إليَّ بهذه الفكرة جدلٌ حادٌ نشأ بين اثنين كلٌّ منهما يدَّعي وصلاً بليلى وما كانت ليلى صوب أيهما!!
اثنان يجلسان في حجرة صغيرة، تكتظ بالكتب والأوراق، والمراجعون يذهبون ويعودون,,، وهما يستنزف كلاهما قدراته كي يؤكد للآخر خصوصية موضوع كتابٍ ما كانا يمسكان به، ويلقيانه يمنةً ويسرة، و,,, يتقاذفانه تارة بين أيديهما، وأخرى فوق الطاولة,, وكأني به يصرخ,, يتمنى أن يولّي هارباً,,، فلا هو لهذا، ولا هو لذلك,,، إنه حروف مصفوفة لدلالات محسوسة,,، لأفكار مقروءة,,، لإنسانٍ كان ذات، ولآخر هو اليوم، ولقادمٍ سوف يأتي!!
وهكذا هو حال الإنسان مع الإنسان!!
فليته لا فكَّر، ولا نطق.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved