| مقـالات
يتعرض عشرات الآلاف من اللاجئين الأفغان إلى أسوأ الأوضاع الصحية والإنسانية ولا سيما أولئك الذين أخرجهم من ديارهم اقتصاد ممزق بعد الحرب الأهلية، ويقول موظفو الأمم المتحدة لشؤون الاغاثة عن الأفغان (يشكلون الآن أكبر كتلة للاجئين في العالم)!!
ومع ذلك فإن القرارات التي اتخذتها مؤخراً الدول المجاورة، بدفعهم إلى خارج حدودها، مصحوبة بتدني اهتمام المانحين العالميين، عرضت آلاف الأسر لأخطار جديدة، فهناك أكثر من 10 آلاف لاجئ، هربوا من مناطق القتال بين حركة طالبان وقوات التحالف الشمالي الأفغاني، وحوصروا في جزيرتين صغيرتين في نهر اليانج على الحدود مع تاجكيستان, ولا يمكن لهؤلاء أن يتقدموا أكثر مما فعلوا لأن تاجكيستان ترفض دخولهم، ولا يمكن في الوقت نفسه أن يتراجعوا بسبب قصف مدافع طالبان, ويقال إن العائلات حفرت الخنادق تفادياً للقصف ولموجات الصقيع التي وصلت تحت الصفر.
ولابد ان الجميع يستطيع ان يتتبع أخبارهم في نشرات الأخبار التي تنقل أوضاعاً مأساوية مرعبة للأطفال والنساء والشيوخ وهم في الخيام يتعرضون لأقصى شتاء مر على تلك المناطق منذ سنين طويلة.
ولو قارنا موقع أفغانستان اليوم بالنسبة لنا مع أفغانستان الثمانينات وقت الغزو السوفيتي لها لأذهلتنا الهوة الكبيرة بين المرحلتين، فعلى حين كانت استراتيجيات الدول العظمى تقتضي ان تحافظ كل دولة منها على حدودها ومناطق نفوذها في المنطقة، ولخوف الولايات المتحدة من التدخل المباشر والتورط في مواجهة مباشرة مع الاتحاد السوفيتي، فقد اشتعلت حرب مقدسة جيشت لها قلوب وأفئدة الكثير من المسلمين الذين هبوا يلبون نداء الدين بمثالية وبساطة (كما هو المفترض على كل مسلم)، وقد سقط وقتها الكثير من الشهداء على ارض النضال، بينما كانت هناك حالة تعاطف إسلامي كبير مع الشعب الأفغاني في عموم الشارع العربي والإسلامي.
ولكن التسعينيات لها استراتيجيات وحسابات أخرى، فسقوط الاتحاد السوفيتي المريع ألغى محاور وأقطاب الحرب الباردة، والجيش السوفيتي انسحب من أفغانستان بهدوء ودعة، وانتشرت ظاهرة الأفغان العرب بشكل سبب الكثير من الاضطرابات لاستقرار المنطقة السياسي والأمني، إضافة إلى أن حكومة طالبان تبدي تعنتاً وعدم ليونة حيال الكثير من الأمور ولا سيما في ايواء بعض من الفارين وقواد الجماعات المتطرفة، ولأن السيناريو انتهى بنهاية غير سعيدة فإن اللاجئين لا يلاقون الكثير من الاهتمام والمتابعة من قبل المنظمات العالمية.
والسؤال الذي يبقى معلقاً حائراً أمام أذهاننا الآن: لماذا لغة الحرب والدم والعنف والدمار والقتل هي فقط التي كانت سائدة حول أفغانستان بحيث كانت تلهب المشاعر والضمائر والتبرعات,,, إلخ، بينما عجزت مظاهر البؤس والانكسار واللوعة واللهفة وفواجع الفقر التي تعلو أعين اللاجئين ان تستثير كوامننا الإنسانية؟؟ هل الإسلام ينحصر فقط في لغة الدم والقتل والحروب؟! أليس هو أيضاً يدعو إلى إغاثة الملهوف والتآخي والتعاضد واعداد لامتناهية من القيم النبيلة السامية؟ والتي تجعلنا نعيد النظر أكثر من مرة في أوضاع اللاجئين الأفغان الذين يقع فرق واسع جم بين علاقتنا بهم اليوم وفي الثمانينات الميلادية زمن الحرب الباردة!!
e-mail:omaimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|