| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
في حادثة غريبة تسببت في توتير العلاقة بين جارين عزيزين مدة من الزمن، ذكر لي شخص ابتلي بممارسة عادة التدخين، ان طفله الذي يبلغ الثامنة من عمره جاءه في إحدى المرات يطلب منه بكل براءة ان يعطيه سيجارة، يقول فقلت له ضاحكاً وماذا تريد أن تفعل بها؟!!
فقال لأدخن مثلك، فلم أحر جوابا للحظات من هول الصدمة، إلا إنني بعدما استوعبت ما قال، غضبت منه غضباً شديداً وكدت ان اعاقبه عقاباً عسيراً على جرأته التي فاقت كل الحدود، إلا ان بكاءه الشديد جعل قلبي يرق للحظات كانت كافية ليستغلها أفضل استغلال، حيث قال لي والدمع ينهمر من عينيه بغزارة، إن فلاناً قال لي قل لأبيك ذلك، وسوف يكافئك على ذلك مكافأة حسنة، يقول الاب فتعجبت أيما تعجب من قوله فجاري العزيز لم أعهد منه مثل هذه الحماقة منذ عرفته فكيف يفعلها الآن، إلا أنني لم أرد الاستعجال فكتمت ما يعتمل في صدري إلى ان التقتيه في مناسبة ما، حينها عاتبته عتاباً حاراً على تصرفه السيئ مع طفلي الذي قد يأخذ ما يستمع إليه على انه مسلمات، ولكنه بدلاً من ان يعتذر صدمني حين اجانبي دون اكتراث، ان التدخين مضر بالصحة وقد نصحتك مراراً وتكراراً إلى وجوب تركه فلما لم يفد ذلك، أردت أن تدرك أي مصير مظلم ينتظر ابنك إن واصلت عنادك ودخنت، يقول فصرخت في وجهه وقلت له، ألا تدرك أنك بتصرفك الأحمق هذا، قد تجعلني أهجر التدخين بلا رجعة، ولكن قد يقع فيه فلذة كبدي أ ه .
واعتقد ان محدثي معه كل الحق حين يغضب من تصرف جاره, فالتدخين لا خلاف بين الجميع انه عادة سيئة ومذمومة، ويكفي انه يتسبب في أكثر من خمسة وعشرين مرضاً قاتلاً لا مجال لذكرها، ولكن هذا لا يبرر تصرفه حتى وان كان هدفه نبيلاً، لانه ليس بالنيات الطيبة فقط تتحقق الأهداف النبيلة؟!!
كما انه ما هكذا تورد الإبل، فغرس رغبة ممارسة التدخين في عقل هذا الطفل الباطني، يعد جريمة ما بعدها جريمة وقبل ذلك يعد مفسدة حتى وان كانت ستؤدي الى مصلحة، لأن القاعدة الشرعية تقرر أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
وختاما أعتقد أنه لو كان هذا الأمر حدث بين الطفل وأبيه بصورة عفوية، دون تدخل من أحد لكان ذلك أبلغ في التأثير على الأب، أما محاولة صنع مثل هذا الموقف، فإنه يعتبر مجازفة ما بعدها مجازفة حتى وإن أدى ذلك إلى الوصول إلى النتائج المرجوة، فليس في كل مرة تسلم الجرة.
علي بن زيد القرون
حوطة بني تميم
|
|
|
|
|