| مقـالات
يتنازع كوكب الأرض كما هو معلوم جهات جغرافية أربع تتمثل بالشرق والغرب والشمال والجنوب: إنها جهات اعتاد الانسان إلى حد الألفة على تباينها وتناغمها في آن واحد، بيد إننا لو أمعنا النظر تفكرا في كنه هذه الجهات لتراءى لنا (عن الشمال والجنوب على وجه التخصيص!) العديد من الظواهر الغريبة بحق وحقيق.
هنا وقبل الولوج في صلب الموضوع دعوني أذكركم بأن معلومات هذه المقالة ليست سوى مزج (لتخرصات!) وملحوظات شخصية مع قراءات متفرقة يعوزها الدليل العلمي القاطع استقرائياً ومع ذلك دعونا نقول إنه لا يوجد ما هو غريب بخصوص علاقة الشرق والغرب (إلا نحن والغرب) وذلك مصداقاً لمقولة البريطاني (كيبلينج) التي نصها: (الشرق شرق والغرب غرب والاثنان لن يلتقيا)، أما فيما يخص جهتي الشمال والجنوب من الوجود الانساني فثمة غرائب وطلاسم جغرافية وحضارية وثقافية وانسانية وتاريخية بل لغوية كذلك، والطلسم الأخير هذا يتمثل في أنه لغالب الاشتقاقات اللغوية للفظ الجنوب حيثيات سلبية قياساً على ما للفظ (الشمال) من دلالات لغوية ايجابية، فعلى سبيل المثال فإنه باستطاعتنا ان نشتق من (الجنوب) كلمات من قبيل: أجنبي أو جَنِيب (أي غريب)، وتجنب واجتناب، وأم جنيب، وجنبية، بينما نجد نوعاً من الترابط الايجابي بين كلمة (الشمال) وبعض اشتقاقاتها اللفظية من قبيل جمع الشمل، وحسن الشمائل، والماء المشمول: (أي البارد نتيجة هبوب رياح الشمال عليه)، وشمله بالعطف والعناية,,, إلخ،
بالاضافة فثمة فروقات أخرى بين (الجنوب والشمال) وما علينا سوى تذكر ما هنالك من فروقات بين جنوبي وشمالي مدينة الرياض: فمن الناحية العقارية فإنه لا شك أن أسعار الأراضي بشمال الرياض لا تقاس بأسعار أراضيه الجنوبية وليس ثمة مقارنة أيضاً بين الخدمات البلدية المقدمة إلى هاتين الجهتين!، بل يكفي الجنوب والشمال تبايناً ان الصرف الصحي في كافة دول العالم يجري من الشمال إلى الجنوب وذلك لاسباب تتعلق باتجاه الريح، اضافة إلى ان تطور المدن وامتدادها دائماً ما يكون إلى جهة الشمال لعوامل (تخمينية) تتراوح بين مغناطيسية الأرض (حيث تتجه البوصلة!) أو اتجاه الرياح، أو بسبب الموقع قرباً أو بعداً عن خط الاستواء,, إلخ، بل دعونا نخرج من خصوصيات المدن إلى جغرافيات الدول لنقول انه من الثابت ان أغلب مناطق الجنوب في العالم تعتورها الظروف السيئة على مختلف أنواعها: فجنوب لبنان الحر عانى ما عانى من الاحتلال الصهيوني، وجنوب العراق لا يزال يتجرع مرارة وألم بطش (القائد إلى الهلاك): صدام حسين، وجنوب تركيا تسحقه النزاعات التركية الكردية، والكردية الكردية، وهلم جرا ومصائب جنوبية، بل اسمحوا لي بالخروج من الشرق الأوسط إلى أجزاء أخرى من قارة آسيا لنضيف يقيناً على يقين باستعراض ما يجري في جنوب الفلبين من نزاعات دموية بين الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير (مورو) في الجنوب الفلبيني، بل لن نغادر جنوب الفلبين قبل أن نعرج على طيب الذكر (أبو سياف!) ذو السيف المسلط على رقاب السياح الأبرياء خطفاً وابتزازاً باسم الحرية!، الآن نتجاوز حدود قارة آسيا لنقوم بزيارة خاطفة إلى قارة أفريقيا ونزاعاتها المتعددة والتي يكفينا منها وعليها شهوداً ودلائل ما يجري في جنوب السودان من حرب أهلية شرسة، جنباً إلى جنب مع ما يشهده صعيد مصر من جرائم ثأر ومشاحنات عرقية وطائفية، ان حظ الجنوب (غير محظوظ) حتى في قارة أوروبا بدليل ما يشهده جنوب أسبانيا (اقليم الباسك) من حروب دموية بين الحكومة المركزية ومنظمة (ايتا) الانفصالية، فضلاً عن ما يشهده الجنوب الايطالي من صراع مرده استشراء الجرائم المنظمة هناك والمعروفة (بالمافيا) في الختام دعونا ننتقل من قارة أوروبا ونعبر المحيط الأطلسي إلى حيث العالم الجديد: أمريكا وجنوبها المليء عنصرية وجريمة والذي يكفيه انه كان السبب الرئيس في اشتعال فتيل الحرب الأهلية الأمريكية التي دارت رحاها بين الشمال والجنوب وذلك على إثر رفض الجنوب تحرير الأرقاء السود ومنحهم حقوقهم المدنية,,!
,, اللهم أجمع (شملنا وجنبنا!) شتاته,,!
*خاص:
الأخ العزيز حمد حميد الرشيدي: شكراً على (الباكورة!),, ديوان (للجراح ريش وللرياح وكر) والذي يكفيه فخراً وصاحبه مسؤولية شهادة المبدع معالي الدكتور إبراهيم العواجي لهذا الديوان بأنه إعلان عن مولد شاعر أصيل، فقط تذكر انه أنت يا حمد,, وبالتوفيق ان شاء الله.
ص, ب 454 رمز 11351 الرياض
|
|
|
|
|