| مقـالات
من جماليات الحياة التي نعيشها ونسعد بها هي تلك المبادرات الحلوة التي تصدر منا بعفوية تجاه الآخرين دون ان يسألوا عنها او يطالبونا بها وكذلك تلك المبادرات الحلوة منهم تجاهنا.
وتلك المبادرات الحلوة المقصودة ليست بعيدة المنال او صعب الوصول اليها او الحصول عليها، بل هي في متناول يد الجميع دون استثناء، ولكنها بحاجة الى التفافة خاصة منا وبحاجة الى ان نعرف قيمها وما يمكن ان تمثله لحياتنا من سعادة بالغة ربما لا نحس بها بشكل ملموس في البداية ولكن حتما سوف نشعر بآثارها الايجابية علينا على المدى البعيد ولو بشكل غير مباشر.
ولأنها كما هو اسمها مبادرات فلا بد ان تصدر منا نحن لا بد ان تنبع من داخلنا، لا بد ان تكون جزءاً منا، لا بد ان تكون صادرة عن قناعة منا وليس بإيحاء او طلب من الآخرين والأهم من ذلك لا بد ان تكون متواصلة ومتكررة وبأشكال مختلفة ولا تكون موقفية ولا لفقدت جزءاً من جمالها الذي يميّزها.
إضافة لذلك فهي ليست مكلفة ويمكن ان تعمل او تنفذ في كل وقت ومكان دون استثناء والمتطلب الوحيد الذي تحتاجه هو ان يكون صاحب تلك المبادرات الحلوة ذا روح حلوة ايضا ويملك شفافية وحسا مرهفا يؤهله لأن يقوم بتلك المبادرات بأسلوب جميل فيه عنصر الجاذبية والتشويق بالاضافة الى عنصر البساطة الذي هو الجمال نفسه.
ربما نتساءل الآن: وماذا يقصد بالمبادرات تلك؟ وهل هناك شيء محدود يستحق هذه الاشادة؟ وكيف لي ان أنميها ان كانت موجودة لدي او ان أوجدها بداخلي ان كانت غائبة عني؟
ولكي نبسط الأمر نقول، ان كونك ترفع سماعة الهاتف مثلا ومن تلقاء نفسك وتطلب انسانا عزيزا عليك مثلا لتسأل عنه لذاته ولتطمئن عليه ولو من بعيد، لتشعره أنك لم تنسه مهما فرقتكم الأزمان والظروف او مهما كان بينكما فتلك مبادرة رائعة تثمّن لك وتودع في حساب رصيدك الخيِّر.
كونك تتأسف وتعتذر حينما تخطىء في حق الآخرين او حينما تحرجهم وكونك تشيد بالآخرين حينما تلمس بنفسك شيئا جميلا منهم، وكونك تبتسم بصدق لهم وغيرها كثير كل هذه مبادرات حلوة تنم عن روح حلوة وشخصية جذابة وذوق رفيع ونفس بسيطة لا تعرف التعالي والتكبر.
فالحياة الزوجية على سبيل المثال لا الحصر ليست هي فطورا وغداء او عشاء، وكذلك واجبات الزوجة ليست هي تلبية وتهيئة سفرة الطعام في حينها كاملة، وكذلك فان واجبات الزوج ليست في تحصيل المال لسد احتياجات المنزل وحسب ابداً، فهناك مبادرات حلوة يتوقع ان تكون اكثر جمالا من تلك المهام الاساسية ولكن الفرق بين تلك الواجبات والمبادرات، هو ان المبادرات يمكن ان تكون في كل وقت وكل مكان وتشعر الطرف الآخر بأهميته وقيمته.
فالزوج مثلا لا تقتصر مسؤولياته على مجرد تلبية احتياجات المنزل وتوفير المتطلبات المالية لأسرته، بل ان دوره سيكون اكثر جمالا حينما يبادر بالقيام بأشياء حلوة اخرى تشعر زوجته وبقية افراد أسرته انه مميز ومختلف عن غيره من الازواج وان حياتهم سعيدة وهانئة قولا وعملا.
ولا احد منا يدعي الكمال لأن الكمال لله عز وجل ولكن روح المبادرة شيء جميل جدا وتضفي على حياة الانسان ومن حوله طعما آخر لا يجعله يفكر في اشياء أخرى.
وما نتحدث عنه ليس مرتبطا بكونك رجلا أو امرأة، صغيرا أو كبيراً، أبدا، فالمبادرات الحلوة ليست مرتبطة بمكانة اجتماعية او عمر او قاصرة عليها، لذا مهما كنت وأيا كان وضعك، حاول ان توجد لنفسك مساحة كافية من المبادرات الجميلة الخاصة بك التي تطبقها على نفسك وعلى غيرك وحينها سوف تشعر بطعم آخر من السعادة الداخلية لم تعهدها من قبل!
سوف تشعر بنوع مختلف من التجديد في حياتك المهم ألا تصتصغر أي مبادرة مهما كانت بسيطة في نظرك لأن مردودها النفسي عليك وعلى كل من يمارسها اكثر من رائع.
ففنجان الشاي او كوب القهوة وغيرها، قد تتعود انت ان تقدمها للطرف الآخر بشكل يومي وفي أوقات معينة او انك لا تجد الوقت الكافي لتناولها معه لأسباب عديدة انت أدرى مني بها, ولكن عدم طلب الطرف الآخر لها لا يعني انه لا يريدها او لا يحبها! فأنت بإمكانك ان تسأله بأسلوبك الخاص عما إذا كان يريدها ام لا! بإمكانك ان تهيىء الأجواء المناسبة لتتناولها معه، بإمكانك أن تبحث عن اساليب جذابة لتجيبها له وان لم تكن مهمة صحيا وبالتالي الجلوس معه والشعور بجو رائع.
بإمكانك كل ذلك واكثر، ولكن مع الأسف لا شيء من هذا يحدث بشكل عام من البعض وان جدت فبشكل تقليدي رتيب ممل او بأسلوب مكرر غير متجدد، بل حتى أدوات الشاي والقهوة وغيرها هي هي لم تتغير! علما بأن مطابخنا عامرة ولله الحمد بأشكال وألوان وأحجام كثيرة من تلك الاكواب والصحون وغيرها وكل شيء أجمل من الآخر ولكن من المستفيد منها يا ترى؟ هل الضيوف فقط؟ وأين مكانها؟ في المطبخ أو على أرفف الدولاب الزجاجي من أجل الزينة أما أن تمتع نفسك بها وتستخدم من حين لآخر فهذا أمره مستبعد لدى البعض! ولا تدري أهو انشغال أم ماذا؟
نحن بصراحة لا نستمتع بما لدينا إلا بالشكليات رغم انه متوفر بين أيدينا ونحن من اخترناه ووفرناه وهذا هو جزء من المبادرات الحلوة التي نقصدها.
صحيح ان البعض قد يقول ومنهم المرأة مثلا والزوجة تحديداً، ولكن فلاناً او زوجي لا يعجبه شيء أبدا! ولا يقدر شيئاً ولا يهتم أو يكترث لما أقدمه فما بالك بان يشكرني عليه أو يالتني أشوفه أصلا او يأتي للمنزل ! وهذا وارد، لأن الناس تختلف، وقد يكون نصيبك مع انسان من هذه النوعية, ولكن أيا كان هو كذلك، فلم لا أبدأ أنا بتلك المبادرات الحلوة مع نفسي وأطبقها علي شخصياً واستمتع بها ولا أحرم نفسي منها وما اكثر تلك المبادرات الشخصية لو فكرت فيها وبدأت بها فعلا.
ان ما نبحث عنه بصدق في حياتنا اليومية أيا كان وضعنا الاجتماعي هو التجدد المستمر والبعد عن الرتابة والاحساس بالحياة وهذا لا يحدث بإذن الله إلا حينما يكون لدينا روح المبادرة في كل شيء وفي الامثال الشعبية يقولون: من سأل ما عطى والمعنى واضح لا يحتاج لشرح وتوضيح.
الآن وبدون أدنى حرج اسأل نفسك ما نصيبك من تلك المبادرات الحلوة وما مدى تطبيقك لها واستمرارك عليها مع من يستحقها؟ وكأني ببعضنا رغبته في أن يقول للطرف الآخر: أرجوك بادرني أولاً اسألني عما أريد، قل لي ما ينقصك، قبل ان اطلب منك ذلك، قبل أن أفاتحك به في كل مرة! أشعرني بسؤالك عني واطمئنانك علي كي أشعر باهتمامك بي وحرصك علي وحبك لي,, لا تتردد أرجوك لا تتأخر فما زلت انتظر تلك المبادرات الحلوة.
ألم أقل منذ البداية انها أشياء بسيطة وبسيطة جدا أحيانا؟ ولكن قيمتها كبيرة وآثارها أكثر من رائعة على الجميع فما رأيك أنت؟
همسة
أترى تلك الوردة الجميلة,.
القابعة هناك,.
وسط الورود,.
أتشاهدها جيدا,.
أتتخيلها؟
***
رغم أنها وردة كبقية الورود,.
لا تفرق عنها,.
كما هو ظاهرها,.
الا انني أراها مختلفة,.
متميزة,.
لافتة للنظر,.
***
لها شكل آخر,.
مختلفة عنها.
لها طعم آخر,.
وكأنها ليست منها,.
***
أتعرف لمَ هي مختلفة,,؟
لمَ هي متميزة,,؟
لأنها منك أنت!
تمثلك أنت!
فأنت من أهداني إياها,.
بكلمات رقيقة,.
فأشعرني بجمالها,.
وأنت من قدّمها لي,.
بابتسامة حلوة,.
فأحسسني بقيمتها,.
***
أنت من بادرني بفكرتها,.
فأشعرني بأن الحياة,.
مبادرات حلوة,.
لا تنقطع,.
طالما أردنا الإحساس بها,.
طالما أردنا أن نحس بالسعادة,.
***
نعم,, أنت المبادرات الحلوة,.
وهكذا أريدك أن تكون,.
روحاً جميلة,.
دائمة التجدد والحيوية,.
وقلباً كبيراً,.
ينبض بالعطاء والتضحية,.
وابتسامة رائعة,.
ليست ككل الابتسامات!
***
عنوان الكاتب::Fhmaghloth@Yahoo.com
ص,ب (75395) الرياض (11578)
|
|
|
|
|