| مقـالات
هل يتحول الكاتب الى حليف طاولة ومقعدين على مقربة من بوابة المجتمع ليعطي أذنه إلى كل مهموم بمشكلته ليسمع منه، ثم يدون شكايته ويرفعها برجاء حلها!!
وهبك مضى الكاتب في مهنته الروتينية هذه وداوم على الحضور لموقعه اليومي، وأعطى أذنيه معاً لمراجعيه، سيكتشف مع مرور الزمن، وإدمان السماع الى الهموم، والكتابة عنها، ومتابعة نشرها، أنه في النهاية هو صاحب مشكلة يريد ان يكتب عنها، ولكنه أصبح غير قادر على تحرير مشكلته الإنسانية، لانه مع وطأة المشاكل المادية لمراجعيه نسي السبيل الأمثل لحل مشكلته الذاتية، ولو حاول الكاتب المهموم هذا مرة من المرات ان يرفع نظارته السميكة، ويزيح مقعده قليلاً ثم يضع يده على جبينه، وينشد شعراً من شعوره، أو يكتب ما يحبه عن خلجة من خلجات الوجدان والأدب والتاريخ لرأى في عين من حوله شيئاً من العتب والملامة، ولقال قائلهم: ما رُخص لك بهذا الموقع، ومنحت هذه الطاولة والمقعد الا لتكتب عن هموم الناس ليقرأها من يقدر على حلها!
ولكن ما حيلة الكاتب، وهموم الناس في وقتنا الحاضر كلها مادية فقد أناخت عليهم المدينة والمدنية بكلكلها وأفنت أعمارهم وأوقاتهم وأموالهم وشعورهم ومشاعرهم في تفاصيل شؤونها وشجونها اليومية التي لا يكمل ناقصها أبداً، فلا مدى للتكميل ولا نهاية للتطوير والتحسين فالإنسان يريد كل شيء وتحقيق مطلب له هو فتح الباب لمطالب متشعبة اخرى!
ولا تجد اليوم من يلقاك فيرغب منك ان تكتب عن موضوع في الأدب او الأخلاق أو الاجتماع أو في مسألة من المسائل الإنسانية فإن لقيك واحد من هؤلاء لقيك عشرة ممن يرغبون أن يقرؤوا عن مناقشة مسائل الطرق والصحة والهاتف والمياه والخدمات الاخرى!
وهبك كان قدر الكاتب ان يعيش هموم الناس المادية ما دام يكتب لهم لا له! وهو وجهة نظري فلماذا ترى الناس يرون أن مطالبهم وملاحظاتهم وعتبهم على الجهات الخدماتية لابد من نشرها عبر الجريدة! هل هو وهم من المواطن كوهمه أحيانا في ضرورة (الواسطة)! هل هو يرى الصحافة وسيلة حفز إعلامي للمسؤول الذي يملك صلاحية الأولويات لكي يتحرك سريعاً لإنجاز الخدمة المتأخرة او المطلوبة ابتداء! هل هو يريد تحويل مشكلته المحلية الى مشكلة مقروءة (عولمة المشكلة)!! الحق أنه لا غنى للمواطن عن دور الصحافة في نقل المشاكل التي يعيشها أحياناً ولكنني أتطلع الى اليوم الذي يستغني فيه المواطن عن دور الجريدة في تعلية همه اليومي مع مشاكله في شؤون الخدمات وأن يتوفر له أسلوب آخر لتعقب مشكلته مع الطريق والصحة والهاتف وغيرها، كأن يبعث المواطن المستوضح لإدارة الاعلام او العلاقات العامة بالجهات ذات العلاقة ليستفسر مثلاً عن حاجته لتلك الخدمة أو سبب تأخر إنجازها على شرط ان تكون خدمة عامة لا خاصة فيأتيه الجواب على عنوانه بعد أيام يسيرة من صاحب الصلاحية يوضح له الأمر الذي يسأل عنه، فيعرف المواطن لماذا تأخر ذلك المشروع ومتى سينجز؟ وما هي العقبات التي تؤخره؟ فيستغني عن الكاتب بالكلية، ويتركه لطاولته ومقعده على الرصيف! ذلك لأنه اكتشف أن ثمة طريقة سريعة ومباشرة لتعقب حاجته، فقال قولته المشهورة: (من الراس ما يحتاج رد الرسايل).
عبدالكريم بن صالح الطويان
|
|
|
|
|