| العالم اليوم
القراءة المتمعنة لما جاء في البيان الصحفي المشترك وكذلك النقاط التي بحثت في مفاوضات طابا تظهر انه ليس المفاوضات كانت بهدف تسويق باراك انتخابياً، ولكن أيضاً تشير الى أن مسلسل التنازلات الفلسطينية مستمر، فبالاضافة الى التأكيد على مواصلة الاجتماعات الامنية والتنسيق بين الادارات الأمنية الاسرائيلية والفلسطينية ومايتبع ذلك من مراقبة واعتقال العناصر من اعضاء حركتي حماس والجهاد وحتى اعضاء حركة فتح الذين ابدوا تباعداً عن خط السلطة الفلسطينية، فهذه الاعتقالات وتواصل الاجتماعات لا تخدم باراك انتخابياً، فحسب بل وتخدم المؤسسة العسكرية والأمنية الاسرائيلية لأنها تضمن تعاونا فلسطينياً لخدمة أهدافهم بملاحقة العناصر الانتفاضية ، وبالتالي إجهاض الانتفاضة قبل بدء الانتخابات والحيلولة دون تصاعد العمليات العسكرية الفدائية الفلسطينية التي أخذت تبرز في الآونة الأخيرة معوّضة تراخي فعاليات الانتفاضة.
اما التنازل الخطير الذي قدمه الفلسطينيون، فهو السماح بمناقشة مبدأ بقاء كتل الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية التي ستشكل الدولة الفلسطينية، ويظهر البيان الصحفي أن هناك نية للموافقة على إبقاء أكبر عدد من المستعمرات داخل الأراضي الفلسطينية والتي تضم مائتي ألف مستوطن، وسوف يقبل الاسرائيليون بنقل وتفكيك بعض المستعمرات الاسرائيلية.
أما قضية القدس والمسجد الأقصى وعودة اللاجئين فقد مرَّ البيان الصحفي عليها مرور الكرام ولم يتم الحديث عنهما بتفاصيل في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده أحمد قريع وشلومو بني عامي، وكل هذه خدمة لأهداف باراك الانتخابية، لأن التركيز على القضايا الأمنية ومواصلة اجتماعات التنسيق الأمني، وبقاء المستعمرات جميعها تخدم باراك المحتاج لأصوات الاسرائيليين، أما عودة القدس وبقاء المسجد الأقصى تحت السيطرة الإسلامية وعودة اللاجئين فتلك هموم فلسطينية لا يحتاج أحد لأصواتهم فلا انتخابات ولا يحزنون, وهذا أيضا يفسر إقدام باراك على وقف المفاوضات والإعلان عن عدم إجراء أي لقاء بين الفلسطينيين والاسرائيليين حتى الانتهاء من همِّ الانتخابات، فلم يكلف نفسه حتى لقاء عرفات، حيث يوجدان في دافوس هذه الأيام.
المهم باراك سيكسب عددا من النقاط في معركته الانتخابية وقد تفلح الأوساط الفلسطينية في إقناع بعض الوجوه السياسية والشخصيات الاعتبارية من فلسطينيي عام 1948م بالدعوة للتصويت لباراك وقد ينجح باراك في الانتخابات، فهل يرد الفضل لعرفات والسلطة الفلسطينية أم يتنكّر لهم كما فعل بعد الوقوف معه في الانتخابات الأولى,,؟!
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|