| الاقتصادية
أعترف، بدءاً، أنني لم أقع على مرادف عربي مقنع لي على الأقل للكلمة الأجنبية الواردة في العنوان أعلاه, لذلك اضطر من حين لآخر لإيرادها في بعض الكتابات التي تدور حول شؤون القطاع الخاص ومؤسساته المختلفة, ووجودها هذا أمر ضروري، إذ هي صلب الموضوع وجوهره الذي يدور حول سؤال هام يرتبط بالثقافة التي توجه قطاعنا الخاص بشركاته ومؤسساته أو أكثر تحديداً العقلية التي تقف خلف ذلك القطاع وهل هي عقلية تجارية أم عقلية تعتمد أسلوب البزنس بكل ما يرتبط بالأخيرة من رؤية ونظام استثمار.
إن العقلية التجارية تتصف بالتركيز على الربح والخسارة، والحرص الشديد على جني الأرباح، دون الاهتمام الزائد أو الموازي على الأقل بالتخطيط طويل الأجل والاستثمار المادي والبشري، ووضع الأنظمة والاجراءات التي تسيِّر عمل الشركة وتضمن استمراره على المديين القصير والبعيد، فهي عقلية تتصف بالسرعة والسعي لاستغلال الفرص حتى لو كان ذلك أمراً غير مدروس وغير متسق مع نشاط الشركة أو المجال الذي تعمل فيه.
بالمقابل، فإن عقلية البزنس هي تلك التي تتعامل مع الشركة كنظام مؤسسي قائم على أسس علمية سليمة يدار بأنظمة وإجراءات واضحة، ويسعى لتحقيق أهداف بعيدة الاجل مع الموازنة بينها بين الأهداف قصيرة الأجل, ويكون كل ذلك مدعوماً بالتخطيط الاستثماري السليم وتهيئة كافة السبل البشرية والمادية لتحقيق مثل ذلك, فهي عقلية لا تسعى خلف صفقة أو مكسب سريع ما لم تكن تلك الصفقة أو ذلكم المكسب يهدفان الى ويصبان في خدمة الهدف الطويل ويسعيان إلى دعمه ومساندته.
إن المتأمل يجد ان الأسلوب التجاري ما زال سائداً لدى الكثير من شركاتنا ومؤسساتنا، بالرغم من الجهود التي يبذلها البعض منها للانعتاق من ذلك الأسلوب في سبيل تبني الأسلوب الآخر، ومع ان الأسلوب التجاري قد يكون ملائماً لسنوات مضت اتصفت بتوفير الفرص وانعدام المنافسة، إلا إنه بالتأكيد لن يكون مجدياً في عصر العولمة وشدة المنافسة وتطور أساليب الادارة وتقدمها.
ولكن السؤال الذي يظل قائماً هو أنه وبالرغم من قناعة القائمين على الكثير من شركاتنا بأهمية تبني أسلوب البزنس لإدارة أعمالهم، الا ان الكثير منهم يخفق ولا ينجح النجاح المنشود عند التطبيق، مما يعني ضرورة الوقوف على أسباب ذلك ومعرفة ما إذا كان الأمر مرتبطاً بعوامل شخصية لدى القائمين على أمور تلك الشركات، أم هي عوامل مجتمعية وأسباب ثقافية انتقلت إلى تلك الشركات من مجتمع مستعجل في كل شيء ومشغول عن كل شيء وغير منتج حسب ما يطمح إليه في أكثر من شيء,, إنه أمر يستحق التوقف، ليس فقط من قبل المهتمين بإدارة الشركات، والمتخصصين فيها ولكن من قبل المتخصصين في علم الاجتماع والتربية وغيرهما من العلوم الأخرى، فالقضية قد لا تكون قضية فردية بقدر ما هي اجتماعية ترتبط بثقافة المجتمع وسلوكه.
kathiri@zajoul.com
|
|
|
|
|