شامخاً كعادته لم يركع,, كنخلة تتناول آفاق السماء,, باركاً على ثرى الأرض، يفرش بساطته على مساحة من القلوب شاسعة ,, يراقب مدلهمات الأمور:
إنني أخاف العطب
هذا ما كان يردده دائماً
استهلم صموده من آبائه,, كان ذلك في صغره، لكنه عندما كبر صدمته المفاجأة، إذ تراجعت مواقفهم وصار خذلانهم له اصغر من مضغ الحكايا.
ها هم يراودونه عن فرصة,, يستلون منه انغلاقه ودورانه حول مساء واحد,, يحاصرونه,, يضيّقون عليه الدائرة,, شيئا فشيئاً امتلكوه,, نزعوا جسمه الخارجي,, أخذوا يتقاسمونه بلذة فائقة، ثم حين صار بلا جسم تربصوا بعقله,, وضعوا له أكثر من طعم.
,, وهو ما زال يقاوم بعقله فقط,, أرشده بعض أصدقائه إلى أحد البنوك التي سمع أنها تحتفظ بالعقول وتؤمِّنها من مخاطر التلف وتحميها من السطو فبادر بالتسجيل,, أودع عقله في السجلات الرسمية وهناك وضعوا له تاريخاً محدداً لنهاية التأمين فوافق مضطراً,.
من السجلات أخرجوا المعلومات الكافية لتدمير شبكة عقله المتبقية له,,لم يكتفوا بتقاسم جسده وحدهم فقرروا ان يشركوا آخرين في هذه القسمة، ولكنهم حاروا في كيفية الاقتسام ومن سيأخذ النصيب الأكبر منه,, قال بعضهم لا بد من القسمة العادلة بين الفريقين,, وقال آخر لا فائدة من جسمه لأنه أصبح بالياً، فالقسمة يجب ان تكون في العقل,, أما ثالث فقد كان متشائماً حين قال:
يا جماعة ما فائدة هذا العقل بعد اقتسام الجسد.
وأمّن عليه رابع:
يا جماعة لقد أعطيتموه اكثر من حقه، إنه لم يعد سوى مجرد رقم هامشي لا يضيف شيئاً!
اجتماعاتهم استغرقت شهوراً,, كان عقله خلالها ينمو بشكل صاروخي ويبدع أساليب جديدة للصمود,.
من السجلات عرفوا كيف يرسمون له خطة عنكبوتية دامت سنوات وتمت السيطرة عليه سيطرة تامة بعد أن أصيب بالإنهاك إثر تقرير طبي دفعوا الألوف من أجل الحصول عليه,.
هذا وقد تساقطت أعواد المشجب وتقطعت إرباً إرباً,.
جعفر الجشي
|