| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الفشل أمر وارد لأي مشروع يعزم المرء على القيام به فقد يضع الدراسات اللازمة والحسابات الدقيقة ويستشير من هو أكثر تجربة ونجاحاً في هذا المشروع أو ذاك ثم يقدم على تنفيذه واضعاً نصب عينيه المكسب قبل الخسارة إلا أنه قد يواجه أحياناً بمعوقات وعراقيل لم تكن في حساباته السابقة مما يعرض مشروعه للفشل وبالتالي الخسارة, من هنا تتباين مواقف وقدرات الناس في التعامل مع هذا الواقع سلباً وإيجاباً فمنهم من يظل رهين هذه التجربة الفاشلة يصاحبه اليأس والإحباط معتقداً أن مستقبله ونصيبه في هذه الحياة توقف عند تلك التجربة, تراه يردد في المجالس وعلى مسمع من أقرانه وجلسائه هذه المقولة إن قام حظك باع لك واشترى لك وإن نام حظك عزى لحالي وحالك, في المقابل هناك أناس أكثر عزماً وإصراراً على تجاوز هذه المرحلة.
قال الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم |
فالفشل في مثل هذه التجارب يدفعهم إلى مزيد من الاصرار والعمل الدائب مستفيدين من دروس الماضي مؤمنين بأن ما أصابهم هو اختبار لمدى قدراتهم وتفاعلهم في مثل هذه الحالة ولا يمنعهم ذلك من التنقل والبحث عن مناطق ومدن أكثر فرصاً وأوسع رزقاً والشواهد على ذلك كثيرة.
قال الشاعر:
إذا رأيت الرزق ضاق ببلدة
وخشيت أن يضيع المكسب
فارحل فأرض الله واسعة المدى
طولاً وعرضاً شرقها والمغرب |
ويزداد الوضع سوءاً وتأزماً لدى المرأة والرجل على حد سواء حينما يتعلق هذا الفشل بالمشروع الأسمى والأكبر في نظري وهو الزواج نظراً لمردوده السلبي أدبياً واجتماعياً ونفسياً إلا أن الرجل في معظم الأحيان سرعان ما يتجاوز هذه المرحلة ويبدأ من جديد بإعادة التجربة حتى يجد ضالته المنشودة هنا أو هناك, أما المرأة بحكم عواطفها وأحاسيسها المرهفة وما تتركه تلك التجربة من آثار نفسية صعبة إضافة إلى ذلك النظرة الجائرة للمطلقة من قبل بعض أفراد المجتمع كل ذلك يجعلها أكثر تأنياً وتحفظاً في الاقدام على خوض التجربة مرة أخرى حتى تجد الرجل المناسب وهذا من حقها وهو أمر مطلوب ومحمود في مثل هذه الحالة لكن المشكلة هنا حينما تتجاوز حدود التأني وحسن الاختبار لتصل إلى درجة الخوف والعزوف وإسقاط ممارسات وسلوك طليقها على كافة الرجال المتقدمين لخطبتها الأمر الذي يجعل أسرتها والمقربين منها في حيرة من أمرها.
حدثني زميل معلم على قدر من الخلق والدين قال رغبت في الزواج من أخرى فتقدمت إلى أسرة معلمة مطلقة تجاوزت الثلاثين من عمرها بعد موافقتها المبدئية عن طريق إحدى زميلاتها وقد حظيت بقناعة أسرتها ووالدها بعد لقاء وحوار طويل ووعدوني بالرد خلال أسبوع فعاودت الاتصال بوالدها فقال انتظر فالجماعة يحتاجون إلى مزيد من الوقت وذلك للاستشارة والاستخارة.
ظل زميلنا الطيب شهراً كاملاً في حالة من القلق والترقب لم يعهدهما على حد قوله إلا قبيل وعند اختبار مادة الميكانيكا في معهد إعداد المعلمين الثانوي في ذلك الوقت! فإذا ما ابتسم في وجهه امام المسجد بعد الصلاة قال خيراً لعلهم سألوه وإذا ما دعاه مدير مدرسته إلى مكتبه لأمر من الأمور قال نعم شاوروه! أخيراً عاود الاتصال بهم بعد ان ضاق ذرعاً وسئم صبراً فقالوا عذراً أيها المعلم لقد حاولنا ما استطعنا إلا أنها أبت وامتنعت فقال دعوني أحاورها عبر الهاتف فلعل لديها مطالب وشروطا يمكن التفاوض حولها وبالتالي أتمكن من إقناعها قالوا لا فائدة ولا جدوى من ذلك فهي تقول هل هو أفضل من المتقدمين السابقين أنا لا أريد الرجال على وجه العموم.
قلت له ماذا ستفعل الآن؟ قال سأعيد النظر في الزواج من هنا وسأتجه شمالاً أو غرباً لأجد أناساً أكثر تفهماً ومرونة وأقل جهداً وتكلفة قلت له أما التكلفة فإنني أختلف معك فالمتزوج من الخارج في نظري أشبه بمن يشتري سيارة جديدة قليلة الثمن إلا أن أسعار قطع غيارها باهظة فزيارة واحدة من زياراتها لأهلها تكلف شوي وشويات وماعليك إلا أن تصبر وتبحث هنا حتى يأتيك النصيب قال سأفكر بالأمر والخيرة فيما اختاره الله, والسؤال هنا هل تؤدي فعلاً بعض التجارب الزوجية الفاشلة والقاسية على مايبدو إلى كراهية الرجال من قبل بعض النساء المطلقات ومن ثم التمتع والتلذذ في رفضهم انتقاماً منهم؟ والسؤال الأهم، هل قامت الرئاسة العامة لتعليم البنات والجهات المعنية الأخرى بإحصائية ودراسة لعدد المعلمات المطلقات وبالتالي تقديم المساعدات اللازمة لهن للخروج من أزماتهن النفسية والاجتماعية خاصة ان مهنة التربية والتعليم تحتاج إلى كوادر اكثر صحة واستقراراً وبالتالي أفضل أداء وعطاء.
محمد بن عبدالله الداود
مدرسة فلسطين ببريدة
|
|
|
|
|