| مقـالات
لاشك بأن المبنى الفخم الجديد لمجمع المحاكم الشرعية بالرياض يعتبر من الأمور التي تبعث على المهابة والاعزاز, فالمبنى يدل على ما توليه حكومتنا الرشيدة لأسس العدل والقضاء بين الناس، والمبنى يعتبر تطورا سعيدا لتاريخ زاهر ومشرق للقضاء في هذه البلاد الذي أسس على الشريعة الاسلامية السمحة قولا وفعلا، ونظاما ارتضى الجميع أن يتحاكموا إليه, أقول إنه من المفرح والمبهج حقا أن نكون نحن الذين شهدنا كيف كانت مباني المحكمة في السابق، شهداء أيضا على هذا التطور الحديث الماثل بين أعيننا,, لقد بذل صاحب الفضيلة معالي الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ وزير العدل جهودا موفقة في تحديث أجهزة المحاكم بشبكة معلوماتية موحدة ومنها أيضا هذا المبنى المهيب الذي يتوسط مدينة الرياض.
لكن هذا التطور المادي الذي يشكر عليه كل من ساهم فيه، لا يعني أننا لا نحتاج الى تطور في المضمون,, فالجهاز القضائي يعتبر من الأجهزة الحساسة للغاية في الدولة لارتباطه بأمور العدل والحقوق ولتعامله مع كافة شرائح المجتمع وأفراده,, وبدون الخوض في الجوانب التي تحتاج لتطور المضمون، فإني أحب في هذه المناسبة أن أركز على جانب واحد أرى أنه يحتاج كأولوية مطلقة الى اعادة النظر فيه,, وهو هيئة النظر,, فهل يعرف الإخوة القراء هذه الهيئة وعن دورها في المحاكم وكيفية تشكيلها وآلية القيام بدورها؟!.
إن هيئة النظر تعتبر هيئة استشارية للقاضي، لكنها لا تتبع له إداريا، فهي تابعة لرئيس المحكمة, وهيئة النظر مكونة من موظفين ذوي خلفية مهنية في العديد من التخصصات أو هكذا يفترض ويلجأ لهم القاضي لاستشارتهم في الجوانب الفنية كالهندسة والمساحة وغيرها وذلك لمساعدته في الفصل في القضايا والمنازعات.
من الملاحظات على هذه الهيئة أن تكوينها غير متجانس ولا تتوفر فيه المهنية العالية المفترض وجودها في هيئة استشارية مهمة كهذه، فبعض الموظفين صغار السن شباب وبعضهم مقيمون كالمهندسين وهذا يوحي بأن معلوماتهم عن المجتمع السعودي وتعقيدات القضايا فيه تكون سطحية وغير عميقة ومعروف بأن عامل الخبرة والسن في مثل هذه الهيئة أمر مطلوب لاعطاء الرأي الدقيق عن الموضوع محل النزاع.
من الملاحظات الأخرى أيضا عن هذه الهيئة هو تأخيرها لقضايا الناس,, فالكثير من المتقاضين أمام المحاكم يتملكهم الاحساس بأن قضاياهم لن تحسم في القريب العاجل عندما يعلمون بأنها أحيلت الى هيئة النظر وذلك لسابق الخبرة عن سلحفائية هذه الهيئة في رفع استشارتها للقاضي.
فعلى الرغم من وجود أكفاء في جهازنا القضائي إلا ان هيئة النظر تبدو كجسم غريب في هذا الجهاز وتحتاج بالفعل الى اعادة نظر,, فالمفترض في هيئة مهمة كهذه، يعتمد عليها القاضي في إصدار حكمه، أن تكون مكونة من ذوي الاختصاص والخبرة الطويلة والتأهيل الأكاديمي, وفي هذه البلاد ولله الحمد من الكفاءات ما يمكن أن يسد هذا الفراغ بكل جدارة واقتدار فلماذا إذن ربط قضايا الناس بمثل هذا التكوين الفقير لهيئة النظر الحالية؟؟
ألا تتفقون معي أيها السادة بأن هيئة النظر في حاجة لاعادة النظر؟!.
* كلية الآداب جامعة الملك سعود
|
|
|
|
|