| مقـالات
كانت الأسرة السعودية تعيش قبل سنوات في ظل ظروف اجتماعية متماثلة تقريبا وعندما حلت الطفرة الاقتصادية في بلادنا أحدثت تغيرا كبيرا في سلوكيات الأسر السعودية.
فالحياة الاجتماعية قبل الطفرة لدى معظم فئات المجتمع سهلة وبسيطة، كان الرجل وزوجته وأبناؤه وزوجات الأبناء في معظم الأحيان يستقرون في منزل واحد خاصة في القرى والمدن المتوسطة.
وخروج الابن عندما يتزوج من منزل العائلة للاستقلال بنفسه في شقة خاصة به يعتبر أمرا غريبا وغير مستحب، كانت والدة الشاب تنظر الى زوجة الابن التي تتسبب في خروج ابنها من بيت العائلة للسكن في منزل خاص بهما نذر شر.
وهناك أمثال شعبية تصور هذه النظرة السلوكية مثل جتنا وحتتنا مثل حت الريشة أي فرقتنا.
فالأسرة السعودية في المدن كانت الى عهد قريب تعيش في منزل مساحته معقولة وغرفه بعدد أصابع اليد الواحدة,, تحولت هذه القناعة الى السعي لاستبدال هذا المنزل بأكبر منه للتباهي أمام أقرانها من الأسر الأخرى مع ان الأبناء عندما يتزوجون ينتقلون في مساكن خاصة بهم.
أصبح رب الأسرة يجهد نفسه للظهور أمام من يعرفونه انه صاحب أملاك وأموال ومنهم من يقترض لشراء سيارة او سيارتين لزوم التمظهر ويعيش دوامة الديون وتسديد القروض الشهرية والسنوية فبنظرة الى اليمين أو الى الشمال سوف نجد ان لدينا العديد من ضحايا ظاهرة التباهي.
ذكر لي احد الزملاء ان واحداً من أصدقائه باع منزله الصغير الجميل واقترض على قيمته مبلغا كبيرا واشترى به منزلا آخر حتى ان ما يبقى من راتبه مع حسم القروض الشهرية يكاد لا يغطي احتياجات الأسرة المعيشية.
لقد تحولت حياته من الوفرة المادية الى الضنك المادي.
ترى لماذا يجهد الانسان نفسه في شراء منزل جديد لا يحتاج اليه ليكون من نتائج ذلك ان أبناءه لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الضرورية؟!
لقد أصابتنا الطفرة بشيء من الخلل حتى ان معظمنا يعيش حياة ممسرحة بينما النفوس فيها ما فيها,, بصورة أخرى لا زال البعض يعيش حلم الطفرة ولم يفق منها مع انها ولت!!
هذه أمور غريبة علينا,, ترى كيف العودة الى ما كنا عليه من بساطة في التعامل والتكافل؟
لقد صارت المادة هي المقياس,, فبقدر ما تملك يكون وزنك,,!!
فاذا لديك مليون فأنت تساوي المليون اما اذا كنت صفر اليدين فأنت أيضا بنفس المستوى.
كان تقييم الانسان هو بصلاحه وعقله وتدينه وعلمه تحول كل ذلك واختزل بما يملكه من مال وهذا دفع بالبعض الى السعي الحثيث للحصول على المال والفلوس بكل الطرق والوسائل.
وهي من الاسباب الرئيسية للجوء الى الاقتراض لاقتناء منزل كبير أو سيارة فاخرة بالديون والأسلاف المهم ان يظهر أمام من يعرفونه ومن لا يعرفونه انه يتوافر على المال .
فلولا المال ما كان لديه هذا المنزل الفاخر وركب هذه السيارة عالية القيمة بينما هو في واقع الأمر يوزع راتبه بالمسطرة على هذا القرض أو ذاك وأبناؤه ينتظرون ما يفيض منه لسداد احتياجاتهم الضرورية وقد لا يستطيعون وقد تجده عاجزاً عن الوفاء بالتزاماته أمام البنوك أو الديانة أو تجده قابعاً في أحد السجون.
أما الأطفال والزوجة فلهم الله ثم المحسنين ليخرجوا الى الحياة منكسرين.
وهنا نتساءل أليس الأجدى والأفضل هو الرضا بالقناعة بما أعطانا الله,, والانتباه لتربية الأبناء التربية الصالحة وفق ما منحه الله لنا والابتعاد عما يجرنا الى السجون وأطفالنا الى الانكسار وحياة الفشل والتشرد؟
د, خالد آل هميل
|
|
|
|
|