| عزيزتـي الجزيرة
يشهد العالم قفزات واسعة الخطى نحو التقدم العلمي والتقني في كافة المجالات ولعل ابرز التقنيات التي يشهدها العالم في عصرنا الحاضر مجال الاتصالات المتمثلة في شبكة الانترنت التي تعد آخر صيحة في عالم الاتصالات, فالشبكة اخترقت الحواجز والحدود لتعلن الانفتاح على العالم بأثره، ولا يخفى على كل حصيف ما ينضوي تحت هذا الانفتاح من الآثار الايجابية والسلبية, ومما لا شك فيه ان هذه النقلة الحضارية في عالم الاتصالات نعمة من نعم الله علينا إن نحن احسنا استعمالها حصدنا منها فوائد كثيرة في كافة مجالات العلم والمعرفة والمكتشفات الحديثة, واستثمرنا الاوقات فيما يعود علينا وعلى المجتمع بالنفع والخير العميم, أما اذا سيء استعمالها فهي نقمة ووبال على الفرد والمجتمع لما تحتضنه من بؤر الزيغ والفساد ومستنقعات الرذيلة التي تدمر القيم والاخلاق السامية وتنشر بذور الشر والضلال في المجتمعات الاسلامية المحافظة, وهذا مما يزعزع كيان الاسر ويهدّم اركانها، إذا انساق افرادها وراء الأهواء والشهوات والملذات, قال تعالى: (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) 26 سورة ص.
لقد غزت شبكة الانترنت البيوت وفتحت المقاهي الخاصة بها التي استقطبت الشباب وغيرهم من افراد المجتمع لقضاء اوقات الفراغ في التنقل بين المواقع المختلفة التي تضم الغث والسمين, ولا شك ان البعض استثمر جل اوقاته في التزوّد من مناهل العلم والمعرفة وسبر اغوار الشبكة بحكمة وروية واتزان للاستفادة من مكنوناتها النافعة.
أما تلك الفئة التي انساقت وراء اهوائها وشهواتها واتخذت من المواقع المشبوهة مرتعا لها في كل وقت وحين فقد باءت بالخسران المبين, وفي خضم هذه التيارات المتلاطمة واستحالة وضع قيود رقابية فاعلة لكل شاردة وواردة على كافة مواقع الشبكة التي تعرض مختلف المبادىء والنحل والتي في معظمها لا تتفق مع مبادئنا الاسلامية فإن على الاسرة والمجتمع العناية الفائقة بالجانب الروحي في تربية الابناء وحضهم على الفضيلة وتحريك النوازع الخيّرة وإيقاظ الوازع الديني في نفوسهم لدرء اخطار النفس الامّارة بالسوء, وهذا الامر يتطلب تكثيف برامج التوعية وتثقيف الشباب بالاخطار المحدقة بهم وتوجيههم الى الاستغلال الامثل لأوقات الفراغ, فالرقابة الذاتية الكامنة في النفس البشرية أجدى من أية رقابة اخرى.
نسأل الله السلامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأذكِّر نفسي واخواني بقول الله عز وجل: (فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي الماوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) 41 النازعات, والله الهادي الى سواء السبيل.
عبدالرحمن سراج منشي
مكة المكرمة
|
|
|
|
|