| متابعة
* كتب محمد السنيد
تحت رعاية فخامة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تنعقد اليوم الاثنين أعمال الدورة الثامنة عشرة لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس بمشاركة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية والرئيس الفخري لوزراء الداخلية العرب وحضور أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب.
وبهذه المناسبة تحدث لالجزيرة الأمين العام للمجلس الدكتور أحمد السالم عن أبرز المواضيع المدرجة على جدول الأعمال والتي من أهمها الأوضاع العربية والمتعلقة بالتعنت الإسرائيلي ضد الحقوق الفلسطينية والانتفاضة الفلسطينية الباسلة ومناقشة تحصين الدول العربية من الداخل من أجل مواجهة المؤامرات والفتن وأعمال التخريب والارهاب في الوطن العربي، وبيّن الدكتور السالم أن المجلس سيناقش تقرير صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية والرئيس الفخري للمجلس ورئيس مجلس أكاديمية الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية عن جهود الأكاديمية وجهودها في تلبية الاحتياجات العلمية والأمنية للدول العربية وأكد أن الاجتماع سيناقش مشروع قانون عربي نموذجي بشأن الأسس والقواعد المتعلقة بتناول وسائل الإعلام العربية للمسائل الأمنية وقضايا الإجرام وفيما يلي نص الحوار:
* تنعقد غداً الاثنين الدورة الثامنة عشرة لمجلس وزراء الداخلية العرب، فكيف تنظرون إلى هذه الدورة في ظل الظروف العربية الراهنة,, وما هي أبرز المواضيع المدرجة على جدول أعمالها ,,, ؟
من البديهي القول إن الدورة المقبلة لمجلس وزراء الداخلية العرب، والتي ستشهدها تونس غداً تأتي في ظل أوضاع عربية غاية في الحساسية والدقة، وذلك بعد تجدد الانتفاضة الفلسطينية الباسلة ووصول مسيرة السلام العربية الإسرائيلية إلى طريق مسدود، بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي ورفضه الانصياع لارادة المجتمع الدولي ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، والانسحاب من بقية الأراضي العربية المحتلة، وفي تقديري ان هذه الدورة ستشكل فرصة هامة للقاء عربي جديد على مستوى رفيع يضم نخبة من القيادات العربية الساهرة على حفظ الأمن والنظام وسيادة القانون في الدول العربية، وذلك من أجل تعزيز المسيرة الأمنية المظفرة التي يقودها المجلس الموقر، وهو أمر يشكل في الوقت الحاضر عملاً في غاية الأهمية، ذلك ان تحصين دولنا العربية من الداخل في مواجهة أي مؤامرات أو محاولات لاثارة الفتنة أو القلاقل أو القيام بأعمال التخريب والارهاب، هو من المهام التي تحتل الأولوية في الوقت الحاضر، لكي يمكننا مواجهة التحديات الخارجية، ونحن في موقع قوي ومتماسك, وكلنا على ثقة، بطبيعة الحال، بأن أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب هم على مستوى تحديات المرحلة الحرجة التي تواجهها منطقتنا العربية حالياً، وعلى قدر المسؤوليات الكبيرة الموكلة إليهم، وهو ما يدفعنا إلى الثقة الكاملة بان الدورة المقبلة ستكون بإذن الله من أنجح الدورات وأجداها.
وبالنسبة للمواضيع المدرجة على جدول أعمال الدورة فإنها عديدة ومتنوعة، وهي تتناول الجوانب المتعلقة بمسيرة العمل الأمني وطرق تعزيزها، هذا اضافة إلى بعض الأمور التنظيمية والادارية المرتبطة بتلك المسيرة, ويتعلق البند الأول من جدول الأعمال بتقرير الأمين العام للمجلس عن أعمال الأمانة العامة بين دورتي المجلس السابعة عشرة السابقة والثامنة عشرة المقبلة, ويتبين من هذا التقرير ان الأمانة العامة نظمت خلال عام 2000م، ما لا يقل عن 21 مؤتمراً واجتماعاً عقدت جميعها في مواعيدها المحددة، وكانت نتائجها ايجابية ومثمرة على صعيد توطيد علاقات التعاون بين الأجهزة الأمنية.
كما أن الأمانة العامة شاركت في أكثر من 20 لقاء على الصعيدين العربي والدولي أبرزت من خلالها جهود وانجازات مجلس وزراء الداخلية العرب في مكافحة الجريمة ومحاصرتها، كما ساهمت في تكريس علاقات التنسيق سواء مع المنظمات العربية أو الدولية في كل ما من شأنه تحقيق أهداف وتطلعات المجلس, وفي هذا المجال، فقد تم التوقيع على مذكرة التفاهم التي سبق التوصل إليها مع برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات وأقرها المجلس في دورته السابقة.
ومن جهة أخرى فإن الأمانة العامة تابعت، خلال العام الماضي، تنفيذ 14 قراراً صدرت عن المجلس في دورته السابعة عشرة الأخيرة التي شهدتها العاصمة الجزائرية، الجزائر، بالاضافة إلى أكثر من 156 توصية معتمدة صادرة عن الاجتماعات والمؤتمرات التي انعقدت خلال عام 1999م، وفي الوقت ذاته، فإن الأمانة العامة، واصلت من خلال مكاتبها المتخصصة، اعداد التقارير والدراسات والبحوث التي تخدم المسيرة الأمنية العربية وتزيد من فعاليتها.
ويتضمن البند الثاني تقرير صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، وذلك بصفته رئيس مجلس ادارة أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، عن أعمال الأكاديمية بين دورتي المجلس, ويتضح من خلال التقرير ان الأكاديمية واصلت جهودها في تلبية الاحتياجات العلمية والبحثية والتدريبية للأجهزة الأمنية العربية من خلال تنظيم الدورات التدريبية، واقامة الندوات واللقاءات العلمية، واعداد الدراسات والبحوث، وتقديم برامج الدبلوم والماجستير، وهو ما يساهم بشكل فعال في تطوير الأجهزة الأمنية العربية، ورفع مستوى أداء المنتسبين إليها.
ويتعلق البند الثالث بالتقارير السنوية المتعلقة بتنفيذ كل من: الخطة الأمنية العربية الثالثة، الخطة المرحلية للاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب، الخطة الإعلامية العربية للتوعية الأمنية والوقاية من الجريمة، والخطة المرحلية الثالثة للاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية, وقد تضمنت التوصيات الصادرة عن اللجنتين المؤلفتين من ممثلي عدد من الدول العربية، والمكلفتين بمتابعة تنفيذ الخطط المذكورة، توجيه الشكر إلى الأمانة العامة والاكاديمية على الجهود المبذولة في تنفيذ بنود تلك الخطط على الشكل المطلوب.
ويتناول البند الرابع تقريراً عما نفذته الدول الأعضاء من الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية, ويتبين من التقرير ان هناك تجاوباً كبيراً من مختلف الدول العربية في تنفيذ بنود الاستراتيجية المذكورة، وهو ما ينعكس بصورة ايجابية على مكافحة ظاهرة المخدرات في عالمنا العربي.
ويحتوي البند الخامس على توصيات المؤتمرات والاجتماعات التي عقدت في نطاق الأمانة العامة خلال عام 2000م، وهذه التوصيات تشمل مختلف جوانب العمل الأمني العربي المشترك، والاقتراحات الرامية إلى تعزيزه وتدعيم قواعده لما فيه تثبيت مسيرة الأمن والاستقرار في كافة أنحاء الوطن العربي.
وفي البند السادس تم ادراج مشروع الخطة المرحلية الثانية لتنفيذ الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب، فقد قام فريق عمل مشكل من ممثلي عدد من الدول الأعضاء، انعقد في نطاق الأمانة العامة خلال العام الماضي، بوضع مشروع خطة ثانية، بعد انتهاء العمل بالخطة الأولى، وتضمن المشروع الجديد برامج ومهام تتناسب مع التطورات المستجدة، وبما يساهم في مكافحة الظاهرة الارهابية، ودرء أخطارها عن دولنا العربية.
وفي البند السابع هناك دراسة شاملة لنظام اتصالات عصري بين أجهزة المجلس, والهدف من هذا النظام هو تسهيل سبل الاتصال بين الأجهزة المختلفة للمجلس لمساعدتها على القيام بدورها على أكمل وجه لما فيه خدمة المسيرة الأمنية وتحقيق أهدافها.
ويتعلق البند الثامن بمشروع قانون عربي نموذجي بشأن الأسس والقواعد المتعلقة بتناول وسائل الإعلام العربية للمسائل الأمنية وقضايا الاجرام، وأهمية هذا المشروع تكمن في الدور البارز الذي تلعبه وسائل الاعلام في الوقت الحاضر، وضرورة ان تساهم هذه الوسائل في مساعدة الأجهزة الأمنية على التصدي للجريمة، من خلال ما تنشره أو تبثه من أخبار أو معلومات أو برامج حول المسائل الأمنية والأفعال الاجرامية.
ويتضمن البند التاسع مشروع استراتيجية عربية للسلامة المرورية, وهذا المشروع في غاية الأهمية لأنه يتناول سلامة المواطنين وأمنهم على نطاق واسع، وذلك بسبب تزايد حوادث المرور وما ينجم عنها من كوارث وآلام بشرية بالغة واضرار مادية كبيرة.
وهناك موضوع حيوي ايضاً وارد في البند العاشر، ويتعلق بسبل النهوض بدور الأسرة العربية في مجال التنشئة الاجتماعية في ظل ما يسمى بالعولمة.
واضافة إلى ذلك فإن جدول الأعمال يتضمن في بنوده الحادي عشر، الثاني عشر، الثالث عشر، الرابع عشر، والخامس عشر، تعيين أشخاص في بعض المناصب القيادية بعد انتهاء فترات ولاية الأشخاص الذين يشغلونها حالياً، وفي مقدمة هذه المناصب منصب الأمين العام والأمين العام المساعد.
ويتضمن جدول الأعمال أخيراً بعض الأمور المالية والادارية الخاصة بالأمانة العامة.
* على ذكر ادراج موضوع تعيين الأمين العام على جدول الأعمال، هل أنتم باقون في هذا المنصب,, وإذا كان الجواب بالنفي فلماذا ,,,, ؟
الواقع ان هناك بعض المناصب القيادية في الأمانة العامة، تحكمه فترات محددة بحيث ينبغي البت بأمرها لدى انتهاء هذه الفترات, فالأمين العام ينتخب حسب النظام الداخلي للمجلس لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد, وهذا الحال ينطبق على مستشار الأمين العام, أما الأمين العام المساعد فإنه ينتخب لمدة ثلاث سنوات فقط، وهي غير قابلة للتجديد، في حين أن مدة ولاية مديري المكاتب المتخصصة هي ثلاث سنوات، قابلة للتجديد لمرة واحدة.
وبالنسبة لمنصب الأمين العام المعروض على جدول أعمال هذه الدورة، فقد منحني أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب ثقتهم في مطلع عام 1992م، وتم اختياري لهذا المنصب لمدة ثلاث سنوات، ثم أجمع أصحاب السمو والمعالي الوزراء على تجديد الثقة بي مرة أولى في عام 1995م، وثانية في عام 1998م, وهو ما مكنني من خدمة الأمانة العامة ورسالة المجلس الموقر السامية لمدة تسع سنوات.
وبعد هذه السنوات التسع ارتأى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، والذي كان صاحب فكرة ترشيحي لمنصب الأمين العام، ان الحاجة تقتضي عودتي إلى المملكة للعمل فيها، فكان ان اقترح مرشحاً آخر لهذا المنصب، وبالنسبة لي فإنه بقدر التزامي بخدمة المجلس وأهدافه، بقدر ما أنا ملتزم أيضاً بخدمة بلادي والمساهمة، بجهودي المتواضعة، في تقدمها ونمائها.
* هل أنتم راضون عما تم تحقيقه من انجازات خلال السنوات التسع التي توليتم فيها قيادة الأمانة العامة؟
إذا نظرنا إلى الأمر من جانب الظروف والامكانيات فإنني أستطيع القول بكل فخر واعتزاز ان ما تحقق من انجازات خلال السنوات التسع الماضية كان أكثر من المأمول والمتوقع، وهو ما يجعلني في غاية الراحة والسعادة وطمأنينة الضمير, اما إذا أخذنا الأمر من زاوية الطموحات والتطلعات، فإنني أعتقد انه كان يفترض انجاز المزيد لخدمة الأهداف النبيلة التي نسعى إليها، وهي تأمين كافة متطلبات الأمن والسلامة والاستقرار لبلداننا وشعوبنا العربية، والمساعدة في توفير مقومات رقيها وتقدمها وازدهارها.
والواقع انني لو أردت عرض ما تحقق من انجازات، فإن الحديث سيطول في هذا المقام، ولذلك سأكتفي بالاشارة إلى بعض المحطات الرئيسية, وفي هذا المجال، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد تسلمت مهام الأمانة العامة والعمل فيها يتم بالاسلوب الاداري والمكتبي القديم، فكان أن تم ادخالها بسرعة إلى عالم العصرنة والكومبيوتر، والآن فإن لنا موقعاً خاصاً على شبكة الانترنت والعمل يتم بآليات العصر الحديث وأدواته، وقد استلمت الامانة العامةوهي تعاني عجزاً مالياً ونحن الآن نفكر جدياً في انشاء مقر للأمانة العامة يمتلكه المجلس ويليق به، بتمويل ذاتي ناتج عن احتياطي عام تكون خلال السنوات الماضية، بفضل سياسة ترشيد الانفاق وضبط المصروفات، هذا بالرغم من كثافة برنامج العمل، وتزايد الأنشطة، وبقاء الموازنة على حالها، كذلك هناك مشروع تأمين صحي لموظفي الأمانة العامة ومكاتبها المتخصصة، تغطي كافة نفقاته من ماتم تحقيقه من عوائد مجزية لأرصدة الأمانة العامة، وهذا معناه ان الأمر لن يكلف الدول الأعضاء أية أعباء مالية اضافية.
وفي عام 1992م، كانت الأمانة العامة تعمل في ظل استراتيجيتين فقط أولهما تتناول الجانب الأمني والثانية تهتم بمكافحة المخدرات، والآن لدينا ست استراتيجيات يتم تنفيذها من خلال خطط انبثقت عنها، اعتمدها المجلس الموقر، الذي يتابع دورياً عملية تنفيذها، ومن الانجازات التي قام بها المجلس والتي نفاخر بها جميعاً نذكر ما بدأ به منذ عام 1994م، من وضع اتفاقيات في مجال اختصاصه، بلغت حتى الآن 4 اتفاقيات، وما أبرمه من مذكرات تفاهم مع عدة منظمات دولية ذات اهتمام مشترك، مثل برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية الانتربول والمنظمة الدولية للحماية المدنية.
وخلال هذه السنوات التسع أيضاً ازدادت أنشطة الأمانة العامة وتنوعت، سواء على صعيد تنظيم المؤتمرات والاجتماعات التي تساهم في تدعيم علاقات التعاون والتنسيق بين الدول العربية في مجال ارساء قواعد الأمن ومكافحة الجريمة، أو على صعيد تعزيز الروابط مع هيئات العمل العربي المشترك الأخرى، وكذلك مع الهيئات والمنظمات الدولية ذات الاهتمام المشترك، وكل ذلك لخدمة أهداف المجلس وبرامجه وخططه.
وفي الحقيقة فإن هذه الأمور ليست خافية على أحد بل انها جلية وواضحة للعيان, والفضل الأساسي في كل ما تحقق يعود للدعم الكبير واللامحدود الذي لقيناه على الدوام من أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب, وقد أدت الجدية التي ميزت عمل المجلس إلى جعله يتبوأ مكانة رفيعة على الصعيدين العربي والدولي وأصبح مثلاً يحتذى في مجال العمل البناء والمثمر، وهذا ما يشهد به باستمرار المراقبون وكبار الكتاب والصحافيين، بل ما صرح به، في أكثر من مناسبة، عدد من زعماء الأمة العربية, لهذا كله فإني سأعيد الأمانة وأسلم العهدة وأنا هادئ البال مرتاح الضمير، وكلي أمل أن تتهيأ لخلفي الأسباب الكفيلة بدفع المسيرة أكثر فأكثر إلى الأمام.
* يحمل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية لقب الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، لماذا منح هذا اللقب وما هو دوره في تأسيس المجلس وعمله؟
ان أحداً لا يجادل اطلاقاً، في أهمية وحيوية الدور البناء الذي يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله في تدعيم ركائز مجلس وزراء الداخلية العرب ومؤسساته المختلفة، وبالتالي في تثبيت قواعد مسيرة العمل الأمني العربي المشترك، وتعزيز خطواتها الرامية إلى توفير الأمن والأمان والاستقرار لدولنا ومجتمعاتنا العربية، هذا مع وجوب التأكيد في الوقت ذاته على الدور البارز الذي قام به أصلاً صاحب السمو في تأسيس المجلس وانشائه، فقد تقرر تأسيس المجلس الموقر في المؤتمر الثالث لوزراء الداخلية العرب، الذي انعقد في الطائف عام 1980م، برئاسة صاحب السمو, كما ترأس صاحب السمو المؤتمر الاستثنائي لأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب، الذي انعقد بالرياض في بداية عام 1982م، وتمت فيه المصادقة على النظام الأساسي للمجلس.
وهكذا يتضح ان فكرة انشاء وتأسيس المجلس تبلورت في مؤتمرين وزاريين، استضافتهما المملكة العربية السعودية، تحت اشراف ومتابعة صاحب السمو وزير الداخلية, وتقديراً واعترافاً بالجهود التي بذلها صاحب السمو في تطوير المجلس إلى مؤسسة دائمة من مؤسسات جامعة الدول العربية، اجمع وزراء الداخلية العرب في أول دورة انعقدت لهم بالدار البيضاء في ديسمبر/ كانون الأول عام 1982م، على تنصيبه رئيساً فخرياً لمجلسهم الموقر، ومن باب التقدير والعرفان أيضاً، اتخذ المجلس في دورته الرابعة عشرة التي انعقدت في مطلع عام 1997م قراراً بتغيير اسم المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب ليصبح اكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية وقد علل قرار المجلس هذا التغيير بالقول: ان ذلك قد تم اعترافاً من مجلس وزراء الداخلية العرب بالجهود القيمة التي يبذلها صاحب السمو في بناء وتطوير المسيرة العلمية للعمل الأمني العربي المشترك .
كما كان لصاحب السمو الملكي دور ملموس وفعال في انجاح الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب، الذي انعقد في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة في نهاية شهر ابريل/ نيسان 1998م، حيث تم التوقيع على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب.
وما كان لهذا الاجتماع التاريخي، الذي يعتبر الأول من نوعه على صعيد مسيرة العمل العربي المشترك، ان ينجز مهامه في زمن قياسي وبنجاح باهر، لولا توفيق الله ثم الرئاسة الحكيمة والموفقة لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، فكانت جهود سموه في ذلك الاجتماع محل تقدير واعتزاز الجميع, ونظراً لما يتمتع به من خبرة واسعة ولما يحظى به من مكانة رفيعة لدى أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية والعدل العرب، فقد اجمعوا على ترؤسه للجنة الوزارية المشتركة التي عقدت اجتماعها الثاني في تونس، وانجزت المهمة الموكلة إليها بنجاح تام، حيث أقرت الآلية المناسبة لمتابعة تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب.
والواقع ان صاحب السمو يولي مجلس وزراء الداخلية العرب وأجهزته المختلفة، ومنذ اللحظة الأولى لقيام المجلس العتيد، جل اهتمامه، وبالغ رعايته، وكريم عنايته، وقد جاءت كلمته في حفل افتتاح الدورة الأولى للمجلس ، معبرة عن صدق اعماله وأفعاله، حيث قال حفظه الله: أرجو أن نأخذ جميعاً هذا الانجاز بالجدية اللازمة، ولا ندع أي عائق يحول دون قيام المجلس بذاتية واضحة، واستقلال تام ولا يزال سمو الأمير خير عون وسند، لدعم مسيرة العمل الأمني العربي المشترك وازاحة ما تواجهه في شقيها التنفيذي والعلمي، من عوائق وصعوبات، حتى أصبح مجلس وزراء الداخلية العرب من أنجح المجالس الوزارية العربية، وأكثرها عطاء وانتاجاً.
* مع تصاعد الانتفاضة الفلسطينية، تسعى اسرائيل إلى الصاق تهمة الارهاب بالاطفال الفلسطينيين ورجال المقاومة,, فكيف تنظرون إلى هذه الاتهامات الإسرائيلية وطرق مواجهتها؟
الواقع ان من يقوم بالارهاب هو اسرائيل وليس رجال الانتفاضة، كما ان من يستحق الصفة الارهابية هو اسرائيل وليس غيرها.
فالشعب الفلسطيني وهو يقوم بانتفاضته الباسلة، انما يمارس حقه المشروع الذي تنص عليه كافة المواثيق والأعراف الدولية، من أجل الحصول على الاستقلال واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني, وما يقوم به الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يدخل تحت أي ظرف من الظروف في خانة الارهاب، بل انه يندرج في نطاق الكفاح المسلح للشعوب الخاضعة للاحتلال الأجنبي من أجل تحرير أراضيها، والحصول على حقها في تقرير مصيرها واستقلالها وفقاً لميثاق وقرارات الأمم المتحدة, وهذا الأمر ورد بشأنه نص صريح سواء في الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب، المعتمدة من قبل مجلس وزراء الداخلية العرب الموقر، أو في الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب التي تم التوقيع عليها في الاجتماع التاريخي الذي أشرنا إليه آنفاً.
أما اسرائيل فإنها تغتصب الأرض وتشرد السكان، وتمارس ضدهم كافة أنواع القتل والقمع والعدوان والارهاب، وتدعي في الوقت ذاتها انها منارة حضارية وديمقراطية, ولا تقتصر هذه الحضارة الإسرائيلية العريقة على شعب فلسطين، بل انها تتعداه إلى الشعوب المجاورة، ولا تزال دماء ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت وأطفال قانا في الجنوب اللبناني رطبة بما فيه الكفاية لتذكر كل العالم بتلك الحضارة الارهابية المتميزة، ولم يتوقف الارهاب الإسرائيلي عند هذا الحد، بل انه امتد ليشمل الطيران المدني أيضاً, وكلنا يذكر بالطبع عملية القرصنة الجوية التي قامت بها اسرائيل قبل سنوات عندما اجبرت طائرة مدنية ليبية، وهي في الأجواء الدولية، على الهبوط في أحد مطاراتها بحجة الاشتباه بوجود ركاب معينين على متنها.
وهذه الحقائق وغيرها لا يمكن لأحد أن يجادل فيها ولكنها، مع الأسف، ليست معروفة على الصعيد الدولي، وهو ما يحملنا على دعوة أجهزة الاعلام العربية المختلفة إلى الاهتمام بهذا الجانب، وبذل جهود اضافية ليتم الانفتاح أكثر على العالم الخارجي، والتوجه بشكل أفضل إلى الرأي العام العالمي لشرح حقيقة ما يجري داخل الأراضي الفلسطينية، وكشف ارهاب اسرائيل وزيف ادعاءاتها, وفي يقيني انه من الضروري الاستفادة من القنوات الفضائية العربية لبث اخبار وبرامج باللغات الأجنبية الرئيسية تساعد المواطن غير العربي على فهم طبيعة الاحداث الجارية في الأراضي المحتلة، وهو ما يسمح لنا كعرب بكسب تعاطف الشعوب والدول المختلفة ويضعف إلى حد كبير موقف اسرائيل والقوى التي تساندها في احتلالها وعدوانها.
* تواجه الشرطة الفلسطينية اعتداءات متواصلة من قبل القوات الإسرائيلية في مناطق السلطة الفلسطينية، فكيف يمكن مساعدة رجال الشرطة الفلسطينيين لمواجهة تلك الاعتداءات؟
كان من الملاحظ بالفعل، ومنذ انطلاق الانتفاضة الفلسطينية، ان القوات الإسرائيلية تتعمد قصف مقرات ومواقع الشرطة الفلسطينية في مختلف المناطق، وهذه الاعتداءات الصارخة تشكل عملاً في منتهى الخطورة، فالشرطة الفلسطينية تشكل أحد أهم رموز السلطة الوطنية الفلسطينية والاداة الأمنية الأساسية لحفظ الأمن والنظام والاستقرار في المناطق المحررة كلياً أو جزئياً، ولذلك فان الاعتداء عليها بشكل مباشر، وبالصورة الراهنة، انما يستهدف ليس فقط الاعتداء على السلطة الوطنية، وانما أيضاً اثارة الفوضى والبلبلة في المناطق المذكورة، وذلك في محاولة للايحاء بأن هناك مشكلة حقيقية داخل مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، وان هذه السلطة غير قادرة على القيام بمسؤولياتها على الشكل الصحيح، وفي الوقت ذاته فان اسرائيل تريد من خلال عدوانها ارهاب الشرطة الفلسطينية، وحملها على التصدي لرجال الانتفاضة وقمع تحركهم، وذلك بدلاً من الوقوف إلى جانب المناضلين العاملين على مواجهة الاحتلال.
ولكن هذا المخطط الاسرائيلي فشل والحمد لله في تحقيق اي من اهدافه، وهذا يعود الى وعي الشعب الفلسطيني بمختلف قياداته وفئاته، والى ادراكه ان الاولوية هي المواصلة الانتفاضة ودحر الاحتلال.
وبالنسبة لدعم الشرطة الفلسطينية فان المجلس الموقر لم يتأخر يوما في هذا الاتجاه، بل انه كان سباقا الى ذلك، وقد اصدر في هذا الصدد وفي عام 1995م قرارا حث فيه الدول الاعضاء على دعم ومساعدة الشرطة الفلسطينية بشكل ثنائي وبالفعل فقد تم تقديم هذا الدعم الذي اتخذ اشكالا عدة، من قبل عدد من الدول العربية كما ان اكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، وهي الجهاز العلمي للمجلس، تساهم في تقديم هذا الدعم من خلال الدورات التدريبية التي تعقدها والتي يشارك فيها عناصر من الشرطة الفلسطينية.
وفي نطاق دعم الشرطة الفلسطينية ايضا فقد قمت شخصيا بزيارة الى مناطق السلطة الفلسطينية بدعوة من فخامة الرئيس ياسر عرفات في عام 1996م واجريت عدة اجتماعات مع قيادات وافراد الشرطة الفلسطينية، واطلعت على اوضاعها عن كثب وقد قابل الاخوة الفلسطينيون هذا الدعم بالارتياح والثناء، كما ورد بصورة واضحة في الكلمة التي وجهها سعادة اللواء غازي الجبالي مدير عام الشرطة الفلسطينية، الى المؤتمر الرابع والعشرين لقادة الشرطة والأمن العرب الذي انعقد في تونس في اواسط شهر اكتوبر تشرين الاول الماضي، حيث اكد ان هذا الدعم يساهم في تطوير اداء رجال الشرطة بما يحقق الارتقاء بمستوى الخدمات التي يقدمونها للمواطنين للحفاظ على الامن والاستقرار والنظام العام.
ولكن ذلك كله لا يمنع من القول بضرورة العمل حاليا على تقديم ما يمكن من الدعم المادي والمعنوي الى الشرطة الفلسطينية لمساعدتها على تعزيز صمودها في وجه الاحتلال ومساندتها في المعركة التي تخوضها الى جانب كافة أبناء الشعب الفلسطيني لتحقيق الاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وقد اوضحت اهمية هذا الامر، في برقية وجهتها الى اصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب في مطلع شهر ديسمبر كانون الاول الماضي.
* رغم وجود الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب الا ان بعض الدول تحجم عن تسليم العناصر المطلوبة في قضايا ارهابية فما هي اسباب ذلك من وجهة نظركم وهل تعتبرون ان ذلك يشكل تقاعسا في تنفيذ الاتفاقية ام ان العناصر المطلوبة خارجة عن سلطة الدول الموجودة فيها؟
اذا ابتعدنا عن الاستثناءات فاننا لم نلاحظ اي تقاعس في تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب بل على العكس من ذلك فان الالتزام بها، من خلال تنفيذ بنودها بالكامل، هو على افضل ما يكون ومثل هذا الامر يعرفه ويدركه المسؤولون المعنيون بتنفيذ الاتفاقية اولئك الذين يتابعون عملية التنفيذ وبالطبع فان الرأي العام لا يعرف ما يجري بالتفصيل على هذا الصعيد، لأن الاجراءات التي تتخذ في هذا الشأن ترتدي في احيان كثيرة الطابع السري.
واذا حدث ان احد المطلوبين الارهابيين لم يتم توقيفه او تسليمه فان ذلك لا يعني على الاطلاق تقاعسا من قبل الدولة التي يوجد على أراضيها لأننا نلاحظ انه حتى بعض المجرمين العاديين يتمكنون، ولفترة من الوقت من التواري عن الانظار والبقاء بعيدا ولو الى حين عن ايدي العدالة ولكن هذا الامر لا يستمر طويلا لأن المطلوب سواء كان مجرما ارهابيا او عاديا لابد وان يسقط في قبضة الشرطة والقضاء والواقع ان الأمانة العامة تتابع عن كثب تنفيذ الاتفاقية، وعملية المصادقة عليها من قبل الدول الأعضاء التي لم تصادق عليها حتى الآن لأسباب اجرائية، علما بأن عدد الدول التي صادقت عليها وأودعت وثائق التصديق لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية يبلغ 12 دولة, وهنا اود الاشارة الى ان عدم مصادقة بعض الدول على الاتفاقية حتى الآن لا يعني انها غير موافقة عليها لأن هذه الموافقة تمت أساسا من خلال التوقيع الاجماعي عليها في الاجتماع المشترك لأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية والعدل العرب.
* لماذا توقفت اجتماعات اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة تنفيذ هذه الاتفاقية,, وهل هناك نية لاستئناف تلك الاجتماعات؟
في الأساس، نشأت اللجنة الوزارية المشتركة المنبثقة عن مجلس وزراء الداخلية والعدل العرب والتي ترأسها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، لمتابعة تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب.
وقد عقدت اللجنة الوزارية اجتماعها الاول في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 1/8/1999م واتخذت عدة قرارات من بينها تشكيل اللجنة الفنية المكلفة بوضع مشروع الاجراءات التنفيذية للاتفاقية ودعوتها للاجتماع لانجاز عملها خلال عام 1999م كما ان اللجنة ناشدت المنظمات الاقليمية والدولية وضع اتفاقيات لمكافحة الارهاب على غرار الاتفاقية العربية، وذلك لتعزيز التعاون بين مختلف دول العالم أمنيا وقضائيا، لمواجهة هذه الظاهرة والتصدي لها بشكل جماعي وفعال، وكلفت الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بمتابعة هذا الموضوع كما تم حث الدول العربية على عقد اتفاقيات ثنائية في مجال مكافحة الارهاب مع الدول الاجنبية مما يساعد على رصد تحركات الارهابيين وحصرهم وتسليمهم للدول التابعين لها، باعتبارهم مطلوبين للعدالة.
وفي أواخر شهر اكتوبر 1999م اجتمعت اللجنة الفنية المشار اليها في نطاق الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، وانجزت المهمة الموكولة اليها والمتعلقة بوضع مشروع الاجراءات التنفيذية للاتفاقية وقد رفعت الأمانة العامة هذا المشروع الى اللجنة الوزارية المشتركة، التي عقدت اجتماعها الثاني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز في تونس بتاريخ 3/5/2000م فتم اعتماده وبوشر العمل به اعتبارا من 1/1/2001م.
وبالطبع فلا شيء يمنع من استئناف اللجنة لاجتماعاتها اذا ارتأى أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية والعدل العرب ذلك، كما ان لا شيء يمنع من اعطاء طابع الديمومة لتلك اللجنة لمتابعة تنفيذ الاتفاقية ومعالجة المشاكل والعراقيل التي قد نواجهها عند تطبيق آلية المتابعة، لا سيما وان عددا من الدول العربية لم تصادق على الاتفاقية حتى الآن، مما يحد من التعاون العربي في هذا المجال، ومن قدرتنا على ترجمة بنود الاتفاقية وأهدافها الى واقع ملموس.
* الاستراتيجية الاعلامية التي رافقت اتفاقية الارهاب، لم نعد نسمع عنها أي شيء ,, فهل انتفت ضرورة تطبيقها وهل هناك مشاكل تعترضها؟
ليس هناك في الواقع استراتيجية اعلامية مرتبطة بالاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب، بل انه سبق للمجلس الموقر ان اعتمد استراتيجية اخرى هي الاستراتيجية الاعلامية العربية للتوعية الأمنية والوقاية من الجريمة ويتم تنفيذ اهداف وبنود هذه الاستراتيجية من خلال خطة مرحلية ما زال العمل جاريا بها حتى الآن بصورة جيدة وموفقة ودون اية عقبات او عراقيل تذكر.
وهذه الاستراتيجية تخدم بطبيعة الحال الجهود المبذولة لمكافحة الارهاب لأن التوعية الأمنية بمختلف صورها تصب في خانة محاربة الارهاب والاخطار الناجمة عنه.
وحرصا منا على تفعيل هذه الاستراتيجية وتنفيذ بنودها على افضل وجه فقد قمنا باحالتها الى مجلس وزراء الاعلام العرب الذي اشاد بالجهد المبذول في اعدادها، وقرر تعميمها على الأجهزة الاعلامية للدول الاعضاء للاسترشاد بها.
كذلك فانه من باب تعزيز التعاون والتنسيق بين مجلسي وزراء الداخلية والاعلام العرب لتحقيق التوعية الأمنية والوقاية من الجريمة بكافة اشكالها ومن بينها الارهاب بطبيعة الحال فان من بين الامور التي سيبحثها مجلس وزراء الداخلية في دورته المقبلة، موضوع عقد اجتماع مشترك للمجلسين وهو اجتماع نأمل بأن ينعقد قريبا ونؤمن بأن نتائجه ستكون على مستوى الآمال والطموحات المعلقة عليه.
* هل تتجاوز الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب صيغتها الأمنية والقانونية للبحث في الأمور المسببة للارهاب والمتعلقة على سبيل المثال بالاعلام وغيره وذلك من اجل اجتثاث جذوره او الحد منه؟
عندما تم وضع الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب فقد كان واضحا لكل من شارك في اعدادها ان الارهاب ليس ظاهرة معزولة، وان مكافحتها لا تنحصر فقط في الجوانب الأمنية والقضائية فالكل كان على قناعة كاملة بان الظاهرة الارهابية نشات نتيجة اسباب وعوامل متعددة، وان مواجهتها تتطلب بالتالي الالتفات الى تلك الأسباب والعوامل، والسعي الى ازالتها، ولو عدنا الى الاستراتيجية لوجدنا اكثر من دليل على ذلك، ففي مجال الوقاية من الارهاب مثلا، نصت الاستراتيجية على ان هذه الوقاية تتحقق من خلال زيادة دعم الدولة للأسرة لكفالة التربية السليمة للنشء والشباب، وتضمين المناهج التعليمية القيم الروحية والأخلاقية والتربوية النابعة من الاسلام والعروبة وكذلك قيام المؤسسات الدينية بتوضيح الصورة الصحيحة للاسلام والعروبة، وكذلك قيام المؤسسات الدينية بتوضيح الصورة الصحيحة للاسلام، وايضا قيام مؤسسات الدولة المعنية بدراسة الأسباب المؤدية الى الارهاب، والحيلولة دون تفاقمها والعمل على ازالتها هذا بالاضافة الى تكثيف استخدام وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لتنمية الوعي الوطني والقومي، وايضاح الصورة الحقيقية للاسلام والعروبة كما ان الاستراتيجية تضمنت ايضا دعم مراكز البحوث والدراسات وحثها على دراسة وتحليل ظاهرة الارهاب للتعرف على أسبابها وأساليبها ووسائلها والآثار الناجمة عنها وكيفية مواجهتها ومعالجتها لذا فهي استراتيجية عربية شاملة تتناول التصدي لظاهرة الارهاب من مختلف الابعاد والاتجاهات وهذا ما حدا بكل من مجلس جامعة الدول العربية ومجلس وزراء الاعلام العرب ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية الى تبنيها والمساهمة في تنفيذ ما يخص هذه المجالس من بنود واهداف تلك الاستراتيجية.
وهكذا يتضح ان المجلس الموقر لا ينظر الى الارهاب من زاوية واحدة بل انه يدرك تماما ان هذه الظاهرة الخطيرة لها اكثر من بعد، وان المنطق يقتضي التصدي لها من كافة الجوانب المرتبطة بها اذا أردنا لعملية التصدي ان تكون ناجعة ومحكمة بحيث يتم انقاذ بلداننا وشعوبنا العربية من الويلات والمآسي والأضرار الفادحة التي قد تنجم عنها وعلاوة على الاستراتيجية فان الأمانة العامة تساهم في ترجمة توجهات المجلس في هذا المجال من خلال التوصيات الصادرة عن المؤتمرات التي تعقد في نطاقها وفي الدراسات والبحوث التي تعدها واللقاءات العربية والدولية المختلفة التي تشارك فيها وكلها مساع تصب في اتجاه العمل على مكافحة الارهاب من خلال التصدي له من جهة ومعالجة اسبابه وعوامله من جهة أخرى ومن بين تلك الأسباب الفكر المنحرف والفهم الخاطىء للاسلام مما يعني ضرورة ايضاح الصورة المضيئة والمشرقة للاسلام هذا الدين الذي يدعو الى التسامح والمحبة والاعتدال وينبذ كل اشكال العنف والارهاب.
* وقعت مؤخرا عدة اعمال ارهابية في بعض الدول العربية,, فهل تتابع الأمانة العامة هذه الأعمال وماذا يمكن لها اتخاذه من اجراءات لوضع حد لها؟
من البديهي ان تتابع الامانة العامة وهي المعنية أساسا بتنفيذ اهداف المجلس الموقر وتوجهاته بشأن تعزيز وتدعيم التعاون الأمني بين الدول العربية ما يحدث على الساحة العربية من حوادث، ومن بينها بالطبع الاعمال الارهابية ويتم هذا الأمر من خلال تقرير يومي تتلقاه الأمانة العامة من مكتبها المتخصص بالاعلام الأمني، الذي يوجد مقره في القاهرة والذي من بين مهامه العمل على تحقيق التعاون والتنسيق بين الجهود الاعلامية الأمنية في الدول الأعضاء لمواجهة الجرائم.
وبالنسبة لمواجهة الأعمال الارهابية فان ذلك يندرج في نطاق السياسة العامة لمواجهة ظاهرة الارهاب الخطيرة فالارهاب غالبا ما يكون ذا صبغة تنظيمية تقتضي مواجهته التعاون والتنسيق ليس على المستوى العربي فحسب بل ايضا على المستوى الدولي، باعتبار ان الأخطار في هذا المجال لا تقتصر على بلد بعينه بل انها تمتد لتشمل مختلف الدول والشعوب.
ولذلك فانه لابد من تضافر كافة الجهود وعلى مختلف الأصعدة المحلية والاقليمية والدولية من اجل تأمين مواجهة فعالة وحاسمة للارهاب والجماعات الاجرامية المدبرة والمنفذة له.
* أين وصلت جهود المجلس لزيادة تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب,, وهل سجل تبادل ارهابيين بين الدول العربية؟
ان مجلس وزراء الداخلية العرب يتميز بحرصه على متابعة تنفيذ القرارات التي يتخذها وكذلك على تفعيل اي اتفاقية او خطة أو برنامج يعتمده وذلك ايمانا منه بأن العبرة في التطبيق وفي العمل على تدعيم وتعزيز ما يتم الاتفاق عليه وليس فقط في اصدار القرارات واعتبار ان المهمة تنتهي عند هذا الحد وفي الوقت الذي نواصل فيه الجهود والمساعي من اجل استكمال مصادقة كافة الدول الأعضاء على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، نجد ان المكتب العربي للشرطة الجنائية بدأ في تطبيق الاجراءات التنفيذية للاتفاقية والتي اعتمدتها اللجنة الوزارية المشتركة التي سبقت الاشارة اليها.
وأرجو ان يكون الجميع على ثقة بأن المجلس وبالتعاون مع مجلس وزراء العدل العرب لن يدخر اي جهد لتفعيل هذه الاتفاقية التي تعتبر انجازا عربيا كبيرا، خاصة وان أضرار الأعمال الارهابية ومآسيها تطال الجميع.
وبالنسبة لتبادل الارهابيين فان ذلك يتم بصورة دورية ويساهم المكتب العربي للشرطة الجنائية التابع للأمانة العامة والذي يوجد مقره في دمشق في تسهيل اجراءات ملاحقتهم وتسليمهم.
وهكذا يمكنني القول بكل ثقة واطمئنان ان الامور تسير والحمد لله على الشكل المطلوب.
* يعاني العديد من الدول العربية من تزايد انتشار آفة المخدرات,, فما هي الجهود المبذولة من قبل المجلس لمواجهة هذا الوضع,, وهل يتم الاكتفاء بالتنسيق بين الدول العربية ام ان المجلس يقوم بدور توعوي في هذا المجال؟
مما لاشك فيه ان مشكلة المخدرات تعتبر في الوقت الحاضر واحدة من أخطر المشاكل التي تواجه ليس وطننا العربي فحسب بل العالم بأسره وقد كان تعاظم الشعور بخطر هذه المشكلة هو السبب الرئيسي الذي حمل الأمم المتحدة على عقد دورة استثنائية في مطلع شهر حزيران يونيو من عام 1998م لبحث السبل الكفيلة بالسيطرة عليها وانقاذ الشعوب والأمم من الاخطار والمآسي الناجمة عنها وقد شاركت شخصيا في اعمال هذه الدورة وألقيت كلمة اكدت فيها حرص مجلس وزراء الداخلية العرب على الاشتراك في أي جهد يستهدف تطويق ظاهرة المخدرات ووضع حد للأضرار الفادحة التي تتسبب فيها كما انني أجريت العديد من الاتصالات مع كبار المسؤولين في المنظمة الدولية وفي مقدمتهم الأمين العام للامم المتحدة السيد كوفي عنان من اجل تنسيق الجهود وتوثيق عرى التعاون لتحقيق الاهداف المشتركة في هذا المجال.
وبالنسبة للوطن العربي فاننا نعاني دون شك من هذه الآفة وأضرارها ولكن بنسب اقل من غيرنا والحمد لله وتسجل الدول العربية تعاونا جادا وفعالا للتصدي لها ومعالجة آثارها ونتائجها.
وعلى صعيدنا نحن فقد أدرك المجلس الموقر منذ البداية خطر المخدرات على أمن وسلامة شعوبنا ومجتمعاتنا وتعامل مع هذا الخطر بشكل حازم ومسؤول وهو ما زال يوليه جل عنايته واهتمامه بدليل انه ومنذ سنوات عديدة يتم طرح هذا الموضوع على جدول اعمال دورته السنوية ويتخذ بشأنه ما يلزم من قرارات ولو اردنا الحديث بتفصيل اكثر لقلنا ان المجلس الموقر اعتمد وفي وقت مبكر أي في عام 1986م الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية التي استهدفت تحقيق اكبر قدر ممكن من التعاون العربي لمكافحة آفة المخدرات وكذلك الغاء الزراعات غير المشروعة للمخدرات واحلال زراعات بديلة لها من خلال خطة تنمية شاملة لمناطق زراعتها وفرض رقابة شديدة على مصادر المواد المخدرة وعلاج المدمنين ورعايتهم واعادة ادماجهم في المجتمع وبشكل عام فان الاستراتيجية تستهدف خفض العرض والطلب غير المشروعين للمخدرات والمؤثرات العقلية والجدير بالذكر ان هذه الاستراتيجية التي جاءت شاملة ومتكاملة في التصدي لظاهرة المخدرات من كافة الأبعاد والاتجاهات لا زالت الاستراتيجية العربية الوحيدة المعمول بها على مستوى جامعة الدول العربية منذ ذلك التاريخ.
واضافة الى الاستراتيجية فان المجلس اعتمد خطة مرحلية اولى لها قامت بتنفيذها على مدى خمس سنوات، الأمانة العامة واكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية وبعد انتهائها في عام 1993م تم اقرار خطة مرحلية ثانية انتهى تنفيذها من قبل جهازي المجلس المذكورين بنهاية عام 1998م وفي مطلع عام 1999م اقر المجلس خطة مرحلية ثالثة للسنوات 1999 2003م كذلك فقد اعتمد المجلس في عام 1986م القانون العربي النموذجي الموحد للمخدرات الذي استهدت به دول عربية عدة عند تعديل قوانينها الخاصة بالمخدرات او لدى اصدار قوانين وتشريعات جديدة بهذا الشأن كما اقر المجلس ايضا في عام 1994م خطة اعلامية عربية موحدة لمكافحة ظاهرة المخدرات وكذلك الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية التي دخلت حيز التنفيذ في آخر شهر حزيران/ يونيو 1996م.
والى جانب ذلك فان الامانة العامة للمجلس تنظم سنويا مؤتمر الرؤساء اجهزة مكافحة المخدرات في الدول العربية وكذلك لمجموعات عمل فرعية اجرائية ثلاث لمكافحة المخدرات تتألف من الدول الاعضاء حسب توزيعها الجغرافي حيث يتم دراسة كافة المستجدات المتعلقة بالمخدرات والسبل الكفيلة بتعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين البلدان العربية لمواجهتها والتخفيف من آلامها وويلاتها.
وفي الوقت ذاته فان الامانة العامة تحرص على المشاركة في اعمال المؤتمرات والاجتماعات والندوات التي تعقد سواء على المستوى العربي او الدولي والمتعلقة بمشكلة المخدرات وذلك سعيا لتوحيد الجهود العربية والدولية وتكثيفها ولتأمين السيطرة على هذه المشكلة وتطويق آثارها وفي هذا الاطار فقد عمدت الى التوقيع على مذكرة تفاهم مع برنامج الامم المتحدة لمكافحة المخدرات في شهر ابريل/ نيسان من عام 2000م وعلاوة على ذلك فان الامانة العامة تحرص على متابعة ما يستجد على هذا الصعيد وتبادر من خلال مكتبها المتخصص بشؤون المخدرات الى اصدار العديد من البحوث والدراسات والتقارير والنشرات والاحصائيات اللازمة في هذا المجال هذا اضافة الى الوثائق والمطبوعات المتخصصة ومن بينها اصدار نسخة سنوية منقحة من القائمة السوداء العربية الموحدة لتجار ومهربي المخدرات والمؤثرات العقلية وكذلك اصدار نسخة سنوية معدلة من الجدول العربي الموحد للمواد المخدرة وبذلك تظهر مدى الجدية التي تعالج بها مشكلة المخدرات وكذلك مدى الحرص على استخدام كافة الاساليب والوسائل الناجعة والمناسبة لانقاذ دولنا وابناء أمتنا من مخاطرها وآلامها.
واستطيع القول بأن لمجلس وزراء الداخلية العرب جهودا متميزة في مجال مكافحة المخدرات وفي تعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين دولنا العربية لتطويق هذه الظاهرة ومحاصرتها تستحق من الجميع الاشادة والتنويه.
ولا يقف دور المجلس عند حد التنسيق بين جهود مكافحة المخدرات وانما يتجاوز ذلك الى التوعية بأضرارها فجانب كبير من اهتمامات المجلس يتمثل في التوعية من مخاطر الجريمة بكافة اشكالها وانواعها نظرا لقناعته بالعمل الوقائي في التصدي للجريمة ويعلق المجلس اهمية كبرى على التعاون والتنسيق مع مجلس وزراء الاعلام العرب في هذا المجال ويؤكد في كل مناسبة حرصه على تعزيز عرى التعاون بين الاجهزة الامنية ووسائل الاعلام العربية.
* يشهد العالم انواعا جديدة من الجرائم ومن ذلك ما اصبح يعرف بجرائم الحاسوب وجرائم الانترنت,, فكيف تواجهون ذلك، وما هي انجازات المجلس في هذا الصدد؟
ان الاجرام اساسا لا يتوقف عند حد معين بل انه قادر باستمرار على الابتكار وهو ما يوجب على الاجهزة الامنية وعلى كافة الهيئات المعنية الحفاظ على أمن افراد المجتمع وسلامتهم وممتلكاتهم وحقوقهم والعمل على مواجهة ما يستجد من افكار ومخططات واعمال اجرامية وفي نطاق هذا الابتكار الاجرامي ظهرت الى الوجود جرائم الحاسب الآلي ونظم المعلومات والانترنت وهي جرائم لها نوع من الخصوصية بسبب تسارع وتيرتها كما ان خطورتها تتفاقم بارتفاع قيمة وحجم البيانات والمعلومات المستهدفة ومع ان دولنا ومجتمعاتنا العربية لا تزال غير متأثرة نسبيا بهذا النوع من الجرائم فان المجلس الموقر بادر من خلال امانته العامة الى الاهتمام بهذا الموضوع من اجل اتخاذ التدابير اللازمة والمناسبة بشأنه وهكذا فقد طرحت الامانة العامة في عام 1997م على جدول اعمال الاجتماع الخامس للجنة المتخصصة بالجرائم المستجدة التي تشكل سنويا وتعمل في نطاق الامانة العامة موضوعا حول مكافحة الجرائم المرتكبة بواسطة الانترنت وقد تضمنت التوصيات الصادرة عن اللجنة دعوة كل من الدول العربية الى تشكيل لجنة وطنية يشارك في عضويتها ممثلون عن مختلف الهيئات المعنية وتتولى دراسة كافة الجوانب المتعلقة باستخدامات الحاسبات الالكترونية وشبكات الانترنت ووضع التدابير اللازمة لضمان سلامة استخدامها وكذلك رسم خطط التوعية وتنظيم التعاون والتنسيق بين تلك الهيئات في هذا المجال مع مراعاة الاستفادة من التجارب الدولية في هذا الشأن.
كما تضمنت التوصيات دعوة الدول الاعضاء الى وضع النصوص القانونية الكفيلة بتجريم افعال اساءة استخدام الحاسبات الالكترونية وشبكات الانترنت وفرض عقوبات رادعة بحق مرتكبيها وكذلك دعوة كل من تلك الدول الى انشاء وحدة امنية متخصصة لمكافحة الجرائم الناجمة عن سوء استخدام تلك الاجهزة وايضا الى تنظيم دورات تدريبية في مجال التقنيات المذكورة وادخال مواد جديدة حول استعمالها في مناهج التعليم والتدريب بكليات ومعاهد الشرطة وكذلك رفع مستوى اداء وكفاءة العاملين في هذا الاطار.
وفي العام الماضي عقد في نطاق الامانة العامة اجتماعات لبحث هذا الامر ضم الاول اعضاء فريق عمل شكل خصيصا لدراسة الجرائم المرتكبة بواسطة الحاسبات الالكترونية وشبكات الانترنت في حين شمل الثاني الذي بحث جرائم نظم المعلومات وسبل مكافحتها اعضاء اللجنة المتخصصة بالجرائم المستجدة وقد صدرت عن الاجتماعين عدة توصيات ستعرض على اصحاب السمو والمعالي الوزراء في دورتهم المقبلة وهي تتناول امورا عدة من بينها ضرورة وضع الأسس والمواصفات الفنية المتعلقة بأمن المعلومات وايجاد الآلية المناسبة لمتابعة مدى الالتزام بهذه الأسس والمواصفات.
كذلك فقد تمت دعوة الجهات المختصة في الدول الاعضاء من اعلامية وثقافية وتربوية وغيرها الى العمل على نشر التوعية الامنية اللازمة والكفيلة بالتعريف بمختلف انواع واشكال الجرائم المرتكبة بواسطة نظم المعلومات واساليب الوقاية منها وطرق مواجهتها.
والواقع ان معالجة هذا الموضوع لم تقتصر على اجتماعات هذه اللجنة او فريق العمل بل كانت محل اهتمام عدد من المؤتمرات التي نظمتها الامانة العامة وفي مقدمة هذه المؤتمرات تلك التي عقدها اصحاب السعادة قادة الشرطة والامن العرب ورؤساء اجهزة مكافحة المخدرات ورؤساء أجهزة الاعلام الامني ومديرو ادارات التدريب ومعاهد وكليات الشرطة هذا فضلا عن اللجنة الاستشارية لتقييم وتوجيه البرامج الاعلامية والثقافية والتربوية من ناحية تأثيرها السلوكي والامني وقد ركزت التوصيات الصادرة عن هذه اللقاءات على ضرورة اتخاذ عدد من التدابير الرامية الى الحيلولة دون استخدام هذه التقنيات الحديثة في الاضرار بأمن المواطن العربي ومصالحه.
وهكذا فاننا نأمل من خلال اعتماد كافة التوصيات المتعلقة بهذا الموضوع وتنفيذها مواجهة هذا النوع من الاجرام المعاصر علما بان الأمانة العامة ستواصل متابعة ما يستجد على هذا الصعيد واطلاع المجلس الموقر على ذلك لاتخاذ القرارات المناسبة بهذا الشان.
* عقدتم مذكرات تفاهم مع بعض المنظمات الدولية المختصة، فإلى أي مدى تساهم هذه المذكرات في خدمة مسيرة المجلس وأهدافه؟
- إن الأمن بمفهومه الشامل وجوانبه المتعددة وامتداداته المختلفة لا يمكن أن يتحقق إذا تم النظر إليه من منظار ضيق وجرى حصره في إطار محدود, وانطلاقاً من هذا الواقع الذي يدركه المجلس الموقر جيداً، فقد كان هناك حرص على ضرورة تعزيز العلاقات مع الهيئات والمنظمات الدولية ذات العلاقة, وعلى هذا الأساس فقد سعينا إلى إبرام مذكرات تفاهم مع بعض تلك الهيئات والمنظمات، ومن ضمنها منظمة الأنتربول ، برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات، والمنظمة الدولية للحماية المدنية, ويتم تنفيذ هذه المذكرات، التي تساهم بالتأكيد في تحقيق أهداف المجلس ورسالته السامية، من خلال المكاتب المتخصصة القائمة في الأمانة العامة، وذلك كل حسب اختصاصه, فالمكتب العربي للشرطة الجنائية يتولى متابعة تنفيذ المذكرة الموقعة مع الأنتربول ، في حين يقوم المكتب العربي لشؤون المخدرات بالدور ذاته بالنسبة للمذكرة المعقودة مع برنامج الأمم المتحدة، وينسحب الأمر على المكتب العربي للحماية المدنية والانقاذ بشأن المذكرة المعقودة مع المنظمة الدولية للحماية المدنية.
ونظراً للنجاح المسجل في هذا المجال، فإن الأمانة العامة لن تتوانى عن السعي إلى إبرام مذكرة تفاهم جديدة مع أية منظمة أو هيئة يمكن أن يؤدي عقد مثل هذه المذكرة معها الى خدمة الأمن العربي وسلامة المواطن في دولنا العربية, وهي تنطلق في ما تقوم به من توجهات المجلس الموقر ومن موافقته على عقد مثل تلك المذكرات، نظراً لقناعته بجدواها.
|
|
|
|
|