أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 29th January,2001 العدد:10350الطبعةالاولـي الأثنين 4 ,ذو القعدة 1421

القرية الالكترونية

رياح التغيير
رياح التغيير تهب على صحافتنا 1-2
د, عثمان بن إبراهيم السلوم
يلاحظ كل قارىء وكل مهتم بالصحافة العربية على وجه العموم والمملكة على وجه الخصوص في السنوات الأخيرة التغير في الطرح والتغير في الموضوعات المطروحة وبالتحديد افساح مجال أوسع للكتاب بالنقد الهادف بجميع أشكاله, وقد يعتقد الانسان العادي منا أن الأمر مقصود وان التغييرات هذه جاءت نتيجة جهد متخذي القرار، ولكن هذه التغييرات هي نتيجة حتمية للتغيرات التي تحدث في العالم ككل انتقلت لنا في قالب واحد كامل، لا يمكن أخذ بعضه وترك البعض الآخر, ومع ذلك فيشكر متخذي القرار في البلدان العربية، وفي المملكة خاصة بتفهمهم لهذه التغييرات واعطائها الضوء الأخضر للمضي قدما لخدمة القضايا التي تهم المملكة خاصة والأمة العربية والاسلامية بشكل عام.
هذه التغيرات أو الانفتاح والحرية هي نتيجة للرياح العاتية التي سببتها طوفان المعلوماتية، وطوفان الاعلامية الفضائية في عصر العولمة وقوة الخصخصة في عصر حرية التجارة, هذه الرياح جعلت الاعلام والصحافة بشكل خاص تبتعد عن الطريقة التقليدية والكلاسيكية القديمة التي كانت عليها في الماضي الى طريقة تساير تقريبا هذه التوجهات الحديثة في العالم بأسره, هذه الطريقة الكلاسيكية امتازت بالبعد الواحد والنظرة الضيقة للأشياء كالعزف على وتر واحد ومنع أي محاولة نقد هادفة لحلول المشاكل الواقعية التي يواجهها الناس في حياتهم اليومية المتغيرة, وقد اتسمت هذه الطريقة الكلاسيكية أيضا بالبطء في نقل المعلومة والخبر وبالمركزية في التفكير والتحليل الموجه من قبل الادارة العليا الجغرافية, وهذا وان كان سببا معقولا في الماضي فإن الاستمرار على هذا الاتجاه في الوقت الحاضر اصبح صعبا بل مستحيلا للأسباب التي سيتم ذكرها في هذه المقالة, هذه الرياح أو التغيرات حتمت من توجه صحافتنا المحلية للانفتاح وقبول النقد وقبول حرية الرأي والتنوع في الطرح وببساطة فإن عدم ذلك يعني الموت المحقق للصحافة المحلية, ومن رياح التغيير التي تهب على صحافتنا هي الأمور التالية:
أولا: نحن الآن في عالم الانفتاح بجميع أشكاله على المعلومات والحقائق التي تدور في هذا الكون من القنوات الفضائية والالكترونية العملاقة التي يستحيل حجب أو ايقاف تدفق هذا الطوفان القادم من جميع الاتجاهات, وهذه الوسائل الحديثة من الاعلام أخذت تسحب البساط من تحت أقدام الاعلام التقليدي من صحافة وراديو وتلفاز، لما تحققه هذه الوسائل الحديثة من الحرية الفكرية والسرعة والتركيز على افساح المجال للفرد والمواطن بشكل أكبر, الصحافة الالكترونية لا يوجد فيها خطوط حمراء ولا خطوط، خضراء ولا أي خطوط وذلك لارتباطها بعالم فسيح لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا السياسية، ولا أي خطوط لا يقبلها العقل الانساني الحديث, هذه الرياح العاتية الالكترونية وللأسف فانها بقدر ما تحمله من معلومات وحقائق في صالح البشرية إلا أن فيها أيضا أخطاراً أخلاقية وسياسية لا تناسب أصحاب القرار في المجتمعات المحافظة, ولكن هي كما قلنا سلعة واحدة لا يستطيع الانسان أخذها بدون وجود هذه العقبات بينما يعتبر تركها تخلفا وشيئاً مستحيلا.
وهي وسائل إعلامية قوية التأثير في المواطن وللدرجة التي يجب الاعتراف بها وبتأثيرها أولا، وثانيا بحتمية مناقشة صحافتنا لاخطارها والتأثيرات التي تحدثها في مجتمعنا, فلا يمكن بحال لصحافتنا تجاهل ما يحدث في هذا العالم الالكتروني من النقد ومن الاشاعات ومن المخالفات ومن الانحرافات الفكرية والأخلاقية, وللأسف فإن صحافتنا بطيئة كل البطء بالاعتراف بهذه القضايا التي تهم المواطن فقط لأنها ليست مصنفة في مجال الخطوط الخضراء أو أن صحافتنا تعتقد أن مستخدمي الانترنت ومستهلكيها هم قلة قليلة لا يؤثر ما يقرؤونه، أو ما يسمعونه في الانترنت على تصرفاتهم وعلى فهمهم واثارتهم في الحياة العملية, ولنعطيكم مثلا واحدا مبسطا حول ضخامة مستهلكي هذه الصحافة والاعلام الالكتروني أو لنسميه اعلام الباب الخلفي , يصل البعض منا في بريده الالكتروني بعض الرسائل اليومية المحملة بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحليلاتها من بعض القوائم الالكترونية في الانترنت بدون رغبة من الفرد ما يجعل الفرد منا حيرانً وحتى خائفا أو خجلا من مناقشة هذه الأمور لأنها ببساطة لا يمكن ان تثار حسب رأي الصحافة التقليدية في صحافتنا, ومن باب حب الاستطلاع حاولت أن أتعرف على عدد المشتركين والمتلقين لهذه الصحافة الالكترونية ظنا مني بأنهم أعداد بسيطة لا يمكن أن تؤثر على الرأي العام أو الفهم العام للمواطنين, ولكنني قد فوجئت بأن أعداد المشتركين في هذه القنوات يعد بعشرات ومئات الآلاف من المواطنين.
إذا كان الأمر كذلك فإن صحافتنا واعلامنا الرسمي في خطر من ان اعلاماً مغايراً اصبح يستحوذ على اهتمام وسلوك وتصرفات طبقة وشريحة كبيرة من شرائح المجتمع, هذا الاعلام الالكتروني والفضائي يركز على المشاكل الحديثة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تهم أفراد المجتمع فقط، ولا يتطرق اليها الاعلام التقليدي, أليس من الأولى لصحافتنا التقليدية ومحطاتنا التلفزيونية ومحطاتنا الاذاعية توسيع دائرة الخطوط الحمراء وخاصة فيما يعود على المواطن والوطن وولاة الأمر بالخير, أليس من الأفضل لصحافتنا المحلية أن تقوم بمناقشة هذه الأمور التي تدور في الأجواء الالكترونية والفضائية فيها قبل أن ينصرف الناس عنها بدون رجعة, إن وصول هذا الكم الهائل من المواطنين لهذه المعلومات لهو سبب مقنع لصحافتنا أن تحاول الاقتراب شيئاً فشيئاً من هذه الوسائل الالكترونية في الطرح وحرية الرأي، وفي الصراحة والسرعة والاعتراف بوجود المشاكل الكثيرة، في جميع نواحي الحياة التي يجب اعطاء المفكرين والكتاب والمبدعين وحتى المواطن العادي المشاركة في حلها.
في الأسبوع القادم سنكمل إن شاء الله الكلام عن بقية رياح التغيير التي تجعل تغير أسلوب وطرح صحافتنا المحلية شيئاً ضرورياً من أجل البقاء.
alsallom@ksu.edu.sa

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved