| الاقتصادية
من سمات النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية عدم ثبات بعض أهدافهما وتغيرها باستمرار، وهذا ما يجعل المجتمعات في سعي دائم نحو الوصول إلى مستويات معيشية متقدمة, ومتى ما اقتنعت بأنها وصلت إلى مرحلة من النمو الاقتصادي لا مزيد عليها فإن هذا ايذان ببداية التراجع فالمجتمعات بحاجة إلى البحث عن الافضل وإلى السير نحو مستويات معيشية افضل من الحالية.
فمن الملاحظ ان المجتمعات في بداية نهضتها تبحث عن توفير الاساسيات والضروريات ولا ينصرف التفكير إلى البدائل او إلى تنوع السلع والخدمات.
فطريق لا يزيد عرضه عن عشرة امتار يعد في البداية كافيا لتسهيل عملية الانتقال من مدينة الى اخرى، ووجود هاتف بدون اي مزايا هو اقصى ما يمكن التفكير فيه، والطبيب العام يعد مناسبا في معظم الحالات اما المتخصص فكمالي لا تدعو الحاجة إلى وجوده ويمكن قياس العديد من الامثلة على ما ذكر.
وعادة ما تسعى المجتمعات إلى توفير هذه الضروريات وأمثالها في بدايات عملية التنمية لكن مع مرور الزمن تصبح من البدهيات وتوفيرها لا يعني اكثر من ان هناك قصورا في السابق متمثلاً في كونها لم تُوفر إلا في وقت متأخر ومع مرور الزمن ايضا وتوافر الضروريات تتغير الاهداف ويبدأ السعي من جديد نحو تحقيق الاهداف الجديدة فالطريق الضيق لم يعد وافيا بالغرض لتزايد اعداد السكان وزيادة اعداد السيارات ولتطلع الافراد لا لمجرد الانتقال من مكان إلى آخر بل يصحب ذلك توافر قدر عال من مستويات السلامة والامان على الطريق, وأصبحت الحاجة قائمة لطرق سريعة واسعة وربما لسكك حديد ومطارات.
وكذا لم يعد الهاتف العادي يفي بالغرض بل لابد من وجود انظمة اتصالات متطورة تلبي احتياجات المجتمع التي جدت وتتواءم مع ما يبحث عنه من مزايا وخدمات, ومع زيادة الوعي اصبح الافراد يبحثون عن الطبيب المتخصص المؤهل تأهيلا عاليا والذي يحسن التعامل مع الادوات والاجهزة الحديثة في تخصصه وهكذا في بقية الامور.
ولذا فإن القناعة بما تم التوصل إليه وتحقيقه في مرحلة من مراحل النمو الاقتصادي او فترة زمنية معينة امر غير مقبول, لكن يفترض ان ينظر إليه على انه مرحلة من مراحل تطور المجتمعات تعقبها مراحل أما التوقف عند مرحلة بعينها فلا يعني ان الاخرين سيقفون ايضا ذلك ان اهداف المجتمعات متغيرة وسائرة نحو الامام.
لقد أصبح توافر البدائل والخيارات امام المجتمع سمة من سمات النمو الاقتصادي المعاصر فلم يعد الامر مجرد توفير الخدمة أو السلعة بل بلابد من اتاحة مجموعة من الخيارات أو البدائل وكل فرد من افراده يختار ما يناسبه ويلائم احتياجاته وينطبق هذا على ما يوفره القطاع العام والقطاع الخاص.
وعليه فإن عملية التنمية عملية مستمرة لا تقف عند حد، وما كان يعتبر كماليا في بداية عملية التنمية ربما اصبح ضروريا مع الزمن.
كما ان ما يطلبه ويحتاجه المجتمع يختلف ويتنوع مع مرور الزمن وتغير التركيبة العمرية والثقافية للمجتمع وتبعا لمستوى الدخل وطريقة توزيعه وعلى مدى انفتاح المجتمع على الثقافات الاخرى.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|