أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 29th January,2001 العدد:10350الطبعةالاولـي الأثنين 4 ,ذو القعدة 1421

المجتمـع

في كلمة شاملة عامة لشعبه وإخوانه المسلمين عام 1361هـ
الملك عبدالعزيز يقدم درساً في الإرشاد والتوجيه مؤكداً بها عمق إيمانه بالله وسعة علمه
* الرس مكتب الجزيرة حسين محمد الصيخان
كتب المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه من ضمن ما وجه به شعبه وأمته خطاباً شاملاً جامعاً عام 1361ه وهو من الخطابات التي حفظها التاريخ للمؤسس رحمه الله وقد جاء في الخطاب الذي سنعرضه فيما يأتي العديد من التوجيهات الإيمانية الخالدة، حيث بدأه غفر الله له بقوله:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين.
من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى من يراه من إخواننا المسلمين سلك الله بي وبهم طريق عباده المؤمنين وجعلني وإياهم من حزبه آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فالموجب لهذا هو نصيحتكم وتذكيركم بنعم الله التي أسبغ عليكم وعلينا امتثالاً لقوله تعالى : (وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) وقوله (فذكّر إن نفعت الذكرى)، وقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة ثلاثاً قيل لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وروى الطبراني عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ومن لم يمس ويصبح ناصحاً لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم فليس منهم, وفي الصحيحين عن جرير قال: بايعه النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم، وأعظم ما أنصحكم به وأحثكم عليه تقوى الله في السر والعلن وذلك بفعل ما أوجب الله عليكم من الطاعة وترك ما حرم عليكم من المعاصي قال تعالى: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم ان اتقوا الله) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم), وقال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب), وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون), وقال ابن مسعود: تقوى الله حق تقاته ان يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر, وقال عمر بن عبدالعزيز: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترضه فمن رزق بعد ذلك خيراً فهو خير إلى خير, وقال ابن حبيب: إن تقوى الله ان تعمل على طاعة الله على نور من الله وان تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله, فإذا عرفتم هذا فالواجب علينا وعليكم تقوى الله تعالى بفعل ما أوجبه وترك ما حرم من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة،وقد علمتم وتحققتم ما منّ الله به على المسلمين وخصهم به من نعمة التوحيد الذي هو أساس الملة والدين وهو مضمون شهادة ان لا إله إلا الله وحده لاشريك له وهذه النعمة هي أعظم النعم على الإطلاق ما اقترن بها من تحكيم الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
وما في ضمن ذلك من الأمن الشامل العام وغير ذلك مما أنعم الله به على المسلمين فتمت بذلك النعمة وقامت الحجة، فالواجب على المسلمين جميعاً ان يقوموا بشكر نعم الله سبحانه ليزيدهم من فضله ويدفع عنهم النقمة, وقال تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) وحقيقة الشكر هو الاعتراف لله تعالى بنعمه باطناً والتحدث بها ظاهراً ومحبته سبحانه وتعالى على ذلك والخضوع لله وإقرار العبد على نفسه بالعجز والتقصير عن شكر النعمة وصرف ما أعطاه الله من النعم فيما يرضي الله ربه عز وجل من فعل طاعته أو اجتناب معصيته, هذا هو الشكر الذي يحصل به دوام النعم الموجودة واستجلاب النعم المفقودة والسلامة من غضب الله وعظيم عقوبته وأما الشكر باللسان مع إصرار العبد على المعاصي فهذا لاينفع بل يخاف على صاحبه من مكر الله ومعاجلته بالعقوبة قال تعالى: (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم), وقال تعالى: (فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون).
وفي المسند قال عقبة بن عامر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (فلما نسوا ما ذكَّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون).
قال الحسن البصري: مكر بالقوم ورب الكعبة اعطوا حاجتهم ثم أخذوا وقال قتادة بغت القوم أمر الله وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكرتهم وعزتهم ونعمتهم فلا تغتروا بالله فإنه لايغتر بالله إلا القوم الفاسقون.
فالواجب علينا وعليكم الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى والإنابة إليه والتوبة النصوح مما سلف من الذنوب والقيام بشكر نعمته ومن أعظم شكر الله على النعم المحافظة على الصلوات الخمس فإنها أعظم الواجبات وأفرضها بعد التوحيد وهي عمود الدين كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وهي آخر ما يفقد من الدين كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) وقال صلى الله عليه وسلم العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وهي ميزان الأعمال وأول ما يحاسب به العبد من عمله كما جاء في الحديث, (أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته فان قبلت منه قبل سائر عمله وان ردت رد سائر عمله).
وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: من تشبه بقوم فهو منهم ومن أعظم الشكر وأوجب الواجبات أداء الزكاة المفروضة على أهلها المستحقين لها بنشاط وطيب نفس وقال تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون), وقال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) فأداء الزكاة إلى أهلها تطهر المزكي من الإثم وتنمية لماله وحفظ له من أسباب التلف ومنع الزكاة وعدم صرفها إلى مستحقيها من أعظم الأسباب في زوال النعم وحلول النقم وتلف الأموال ونزع بركتها والتعذيب بها في نار جهنم, قال تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون).
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم ولا فضة ولا ذهب لايؤدي حقها إلا عُذّب بها يوم القيامة , ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة وروي عنه أيضاً أنه قال: ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم فيقول الله وعزتي وجلالي لأقرّبنكم ولأبعدنهم .
فيجب على المسلمين أن يتناصحوا فيما بينهم وأن يتآمروا بالمعروف ويتناهوا عن المنكر على حسب الطاقة والجهد وألا يداهنوا في دين الله، ويجب على المسلم ان يبدأ بنفسه فيلزمها بالخير ويزجرها عن الشر وأن يتعاهد ذريته وأهل بيته وينصحهم ويحرضهم على أداء ما أوجب الله عليهم ويحذرهم من معصيته كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة), روي عن علي رضي الله عنه انه قال: في معنى هذه الآية: أدبوهم وعلِّموهم وقال قتادة في هذه الآية أيضاً: أن تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصيته وأن تقوم عليه بأمر الله، وتأمرهم به وتساعدهم عليه فإذا رأيت معصيته منعتهم عنها وزجرتهم عليها والحذر كل الحذر ان يخالف فعله قوله قال تعالى: (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون), وقال تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون).
ويجب على المسلم الحذر من الربا في المبايعات فانه من أعظم الكبائر والمحرمات ومن المحاربة لفاطر الأرض والسماوات قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) وقال سبحانه: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحلَّ الله البيع وحرّم الربا), ومعنى أنهم لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أنهم يقومون من قبورهم يوم القيامة كما يقوم الذي قد مسّه الشيطان وصرعه، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا أي حلالا فاستحلوا ما حرّم الله فإذا بعث الله الناس يوم القيامة مسرعين إلا أكلة الربا فإنهم يقومون فيقعون كما يقوم المصروع كلما قام صرع,, قال قتادة آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا وذلك ميزة لأهل الربا وآكليه يعرفهم بها أهل الموقف, وفي الحديث: ما ظهر في قوم ربا إلا ظهر فيهم الجنون ولا ظهر فيهم الزنى إلا ظهر فيهم الموت ولا بخس قوم الكيل والوزن إلا منعهم الله القطر , وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال: أربعة حق على الله ألا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها مدمن خمر وآكل من مال يتيم بغير حق والعاق لوالديه الحديث,,.
ويجب على المسلمين أن يحذروا من شرب المسكرات واجتناب المحرمات كلها كالزنى واللواط وشهادة الزور والسرقة والخوض في أعراض الناس والكذب والنميمة والغيبة والفحش وقطيعة الرحم والنظر إلى ما حرم الله والاجتماع على ما يلهي عن طاعة الله والبعد عن ذكر الله كالزمر والغناء وضرب الطبل وجر الرباب واللعب بالقمار واستماع أصوات سائر الملاهي، ويجب على المسلمين كذلك الحذر من التشاحن والتهاجر والبغضاء والحسد فإن كل ذلك من أعظم السيئات الموجبة لزوال النعم وحرمان المغفرة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: تعرض الأعمال على الله في كل يوم اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرىء لا يشرك بالله شيئاً إلا امرأ بينه وبين أخيه شحناء فيقول عز وجل اتركوا هذين حتى يصطلحا .
وثبت عنه أيضا انه قال: لاتحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولايحقره ولا يخذله والتقوى ها هنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وقال صلى الله عليه وسلم: إياك والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب , وقال صلى الله عليه وسلم: دب فيكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء، هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم وعنه صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام فيلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام والله المسؤول والمرجو الإجابة ان يوفقنا وإياكم لأسباب عفوه وأن يمنَّ علينا وعليكم بالهداية وأن ينصر دينه ويعلي كلمته انه على كل شيء قدير, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حرر في محرم عام 1361ه.
المرجع كتاب ظاهرة الأمن في عهد الملك عبدالعزيز .
تأليف: عبدالعزيز بن محمد الأحيدب.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved