| مقـالات
هاتفني صديق عزيز وزميل قديم بعد طول غياب أو انقطاع,, قال إنه سوف يزورني ذات ليلة وحددها واشترط أن لا يوجد سبب يحول دون ذلك بالنسبة لي, وكانت آخر مرة رأيته فيها قبل عامين كنا في جمع من المحتسبين نودع أحد الأحباب الوداع الأخير وندعو له ونطلب له من الله المغفرة,, قلت في نفسي لعل هذه الزيارة الموعودة تكون فاتحة خير لزيارات متبادلة تعوض ما فات من الانقطاع الطويل بسبب مشاغل الحياة وهمومها المعقدة أو تبعا لما تركته الرفاهية لدى البعض من رواسب الكبر والخيلاء أو استبدال الأصدقاء المخلصين بأصدقاء المصلحة والمنافع الزائلة.
وعندما حان وقت الزيارة كنت أترقب موعدها لفتح ملف ذكريات الأيام بل السنين الماضية بعد مضي الفترة الزاهية من العمر,, حل في منزلي المتواضع ومن ثم أخذنا في الحديث وتبادلنا الأعذار واتهمنا ظروف الحياة وحملناها أسباب التقصير والغفلة، واثناء الاسترسال في الكلام بدأت ألمح من اشاراته ومن ملامح وجهه علامات ابتسامة عريضة كان يحاول كتمانها ولكن سرعان ما أطلقها ضحكة مجلجلة فارتحت كثيرا لأن هذا هو عهدي بزميلي القديم, وبعدها سألني عن السبب, فقلت لماذا؟ فأجاب أتعرف المثل القائل: ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع؟ فقلت نعم, فاستطرد قائلا: إن هذا ينطبق عليّ وعليك وعلى جميع الناس فأنا الآن يقصد نفسه قد أخلدت الى الراحة وتفرغت للأصدقاء والمعارف ولكن ربما بعد فوات الأوان فأنا طويت صفحة العمل الوظيفي وتقاعدت, فقلت له: مبروك والعقبى لنا,, ولكن هل يعتبر الآخرون؟
|
|
|
|
|