اذا أراد الناس أن يتحدثوا عن حياتهم الحاضرة,, وما منّ الله عليهم من رزق وفير,, وتنوع في المأكولات والمشروبات, وما اكتشفه العقل البشري من مصنوعات وغرائب تسهل الحياة، وتختصر المتاعب,, وتقرب البعيد,, وتجعل كل شيء في المتناول,, إذا أرادوا الحديث عن هذه الظواهر,, قالوا: لو بعث الأولون,, من قبورهم ورأوا ما نحن فيه,, ماذا سيقولون؟! وغريب أمر هؤلاء الناس، فلماذا يريدون من الموتى أن يعودوا للدنيا، فلعلهم في سعادة وهناء، خاصة اذا علمنا أنهم عاشوا في بيئات سليمة، وكد ونصب يؤجرون عليه ان شاء الله ولم تتسخ أيديهم بوصب وغثاء حياتنا الحاضرة ولم ينجرح إيمانهم، ولا عباداتهم بما جد من مخترعات اعلامية وقنوات فضائية، ولم يختلطوا بهؤلاء الأجانب الذين جاءونا وغزونا بضعف المعتقد وسوء الفهم للدين، وضحالة الخوف من الله، وهشاشة الضمائر,, فلماذا يريد هؤلاء المتمنون إيقاظ أولئك الهاجعين ان شاء الله في النعيم,, لكن ذلك التمني عند هؤلاء هو نوع من الاستغراب,, خاصة من الذين عاشوا نصف حيواتهم في ذلك الزمان المحدود في معيشته وتنوع اقتصاده، والنصف الآخر في لجة هذا الزمان الذي نعيشه والمليء بالاعاجيب، لذلك فهم يريدون من الأولين المشاركة ورؤية ملامح الاستغراب لديهم، وردة الفعل كما يقولون,, وأذكر,, أننا ونحن في الابتدائي في أواخر السبعينيات الهجرية انا كنا نتلقى التوجيهات عبر كتاب المطالعة، وتأتينا عبارة لا تأكل الفاكهة الفجة,, فلم ندر ما الفاكهة ولا الفجة,, وهل وجدنا شيئاً يؤكل فادخرناه،,, لذلك يجب على هذا الجيل أن يحمد الله على سعة رزقه وتنوعه وعلى هذا الأمن والاستقرار، وتنوع الفواكه,, فقد كنا نرى رسم الموز، وكيف أن القرد يحبه كثيراً، لكننا لم نشاهده إلا على الورق، وحتى القرد لم نره إلا أخيراً عندما اشتبك العالم,, وتوسعت شبكات الاعلام.
وأذكر اننا قبل تخرجنا من الابتدائي عام 1372ه, أقمنا حفلة على شرف سمو ولي العهد آنذاك الملك سعود رحمه الله في المدرسة الأهلية بالبطحاء وأقام الأهالي عشاء كان من ضمنه فاكهة تسمى البرتقال، وبعد أن انتهى الشيوخ هجمنا على الأكل وفوجئنا بهذه الفاكهة المدورة الصفراء، وكنا في قرانا لا نعرف إلا الترنج فظننا انه ترنج صغير، والمؤلفون سامحهم الله يكتبون لنا في المطالعة لا تأكل الفاكهة الفجة,, ولو أن صابون اللوكس أو التايد أو الشامبو، قد وصل للبلدان العربية التي تصدر منها كتب الدراسة آنذاك لقالوا,, عليك باللوكس أو الشامبو لكي تكون نظيفاً، مع أنها لم تصلنا إلا أخيراً، وكان السائد آنذاك صابون أبو عنز الذي تستعمله لمدة شهر ولا ينتهي فدعوا الأولين في قبورهم.
|
