أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 28th January,2001 العدد:10349الطبعةالاولـي الأحد 3 ,ذو القعدة 1421

عزيزتـي الجزيرة

ليلة التسمم بأول أوكسيد الكربون!
هكذا وجدت الفزعة من أبطال الغسق !
العيش في الحياة بدون تجارب واحتكاك، يجعل الحياة مملة ورتيبة وليس لها طعم خاص, وقد تدفع بالمرء تجارب من غير قصد ليتذوق لونا آخر من ألوان الحياة، وقد تكون هذه التجارب بمحض الصدفة أو الاهمال أو حتى بارتكاب الاخطاء المقصودة وغير المقصودة.
ولقد كنت في معظم حياتي وأنا الآن في العقد الخامس أتجنب الاحتكاك برجال الشرطة أو رجال الأمن، لما أجد في هذا الاسم من توليد بعض الاهتزازات الكهربائية القلبية بمجرد ذكر هذا الاسم!
ولكن، وهذه الكلمة الاعتراضية التي تكون احيانا اشراقة أمل لايضاح فكرة ما أو جوانب غير معروفة لدى كثير من الناس، هذه اللآكن تعني هذا الآتي:
في يوم الخميس ليلة الجمعة الموافق 23 24/10/1421ه كنت في استراحتي الخاصة بمحافظة المزاحمية مع أبنائي (جهاد/ 9,5 سنة)، و(عبدالعزيز 7,5 سنة) وقد كانت ليلة قارصة البرد وشتاء فجائي بمزحة من مزاحه المعتاد, وقد قررنا المبيت في الاستراحة في انتظار زوارنا من الجيران الذين تواعدنا على اللقاء معهم في الاستراحة ظهر يوم الجمعة.
وهكذا كانت تلك الليلة شديدة البرودة، وقد تعطل لدينا الكهرباء لضعف الاسلاك الممدودة، ولقد اثر فيها نزول المطر السابق، مما جعل كثيرا من الكهرباء يتسرب داخل الارض، وهذا بالطبع مسؤولية الكهربائيين الذين لا يخلصون في اعمالهم، حيث تكشف عوامل الطبيعة جهدهم المتواضع, عموما لتلك الاسباب كانت الكهرباء ضعيفة، ولم يكن بمقدورنا استعمال المكيف الساخن لتدفئة غرفة النوم، وهكذا استعملنا شيئا من الفحم ليكون السمر والسهر والدفء.
ولتجربة سابقة مع الفحم وما يسببه من مشاكل جعلني آخذ جميع الاحتياطات اللازمة منها:
1 عدم تدخيل الفحم إلا بعد ان يصبح ناراً وهذا كان فيها بعض التغاضي نظراً لشدة البرد.
2 تجديد هواء الغرفة من حين لآخر.
3 عدم تبييت النار في الغرفة عند النوم.
بعد كل هذه الاحتياطات، وتخريج النار في الصالة المجاورة، أغلقنا الابواب والنوافذ وأخلدنا للنوم.
استيقظت فجأة في الساعة 12,45 تقريبا، واحساس بصداع وضيق تنفس، وعند محاولتي القيام سقطت، ولم استطع ذلك رغم تكريري المحاولة مرات عديدة فعرفت ان تسمماً هوائياً من أول أوكسيد الكربون قد شمل الغرفة، فحاولت جاهدا فتح باب الغرفة والنوافذ ولخوفي على ابنائي من هذا الاختناق اتصلت برقم 999 الذي اعطاني مشكورا الرقم 997 وهو رقم الإسعاف، وبمكالمة ضعيفة مربكة شرحت لهم الحالة والموقع.
ولعدم وضوح موقع الاستراحة، أو تميزها بعلامات واضحة اصبح الاتصال على مدى ولمدة ساعة ونصف كاملة على الجوال بيني وبين الشرطة، والامارة، وأمن الطرق، والاسعاف، والدفاع المدني، والجميع جزاهم الله خيراً في اتصال ولهفة لاغاثة الملهوف، وكانت المكالمات استعلام عن الحالة والموقع وارشادات بفتح النوافذ والأبواب وغير ذلك من النصائح القيمة، وفي هذه الاثناء استيقظ ولدي عبدالعزيز فجأة وقد أحس بالغثيان فقام مسرعا ليتقيأ إلا أنه ارتطم بالباب لفقده التوازن، وجرح رأسه وجلس يبكي وأنا أسمعه لا أستطيع الحراك، إلا بعد جهد احتضنته وأنا أواصل المكالمة مع (أبطال الغسق) الذين اصبحت افخر بمكالمتهم وأعتز باهتمامهم.
وعندما أعياني وأعياهم التعب في ايجاد هذه الاستراحة قررت أن أذهب مع ابنائي بسيارتي إلى الخط العام علهم يجدوننا فأيقظت ابني النائم جهاد، وبجهد جهيد استطعت ان احمله إلى السيارة لانه كان يقوم ويسقط.
وهكذا وجدنا (أبطال الغسق) على الطريق العام حيث اخذونا بسيارة الاسعاف وقد كانت الهيئات الموقرة جميعهم هناك الشرطة والدفاع المدني والاسعاف والامارة وأمن الطرق.
وهكذا أقول لمن يظن أي ظن بأن ليس للدولة اهتمام بالمواطن أقول، وقد مررت بهذه التجربة، وأنا أحمد الله على السلامة والعافية، وأحمده سبحانه وتعالى على هذا الوطن، وعلى هذه العلاقة القيمة الودودة بين المواطن ومسؤوليه، أتوجه بالشكر الخالص الى جميع من وقفوا معنا تلك الوقفة الخالصة الصادقة الدالة على الامانة وعمق الترابط والاخاء الايماني النابع من ديننا الحنيف.
وأخص بالشكر ايضا مدير مستشفى المزاحمية والاطباء والعاملين لاهتمامهم ومتابعتهم الحالة بكل ود وحبور مما أنسانا هول المشكلة.
وباسمي وأفراد اسرتي وعائلتي اتوجه بالشكر العميق الى مولاي خادم الحرمين الشريفين وإلى ولي عهده الأمين وإلى سمو النائب الثاني.
كما أتوجه بالشكر الخالص والجزيل الى سمو وزير الداخلية الذي غرس الحب والتفاني والاخلاص في هذا الجانب من المسؤولية بالوطن، حيث نجد رجل الامن في الطرق يساعد ويحرس، وفي المدينة يحمي وينظم، وفي الحدود يفدي بروحه الله ثم الملك والوطن.
كما أتوجه بالشكر الجزيل لمحافظ المزاحمية بالمتابعة الجيدة، جعل الله ذلك في موازين الحسنات لكل المسؤولين.
وكذلك أتوجه بالشكر العميق لجمعية الهلال الأحمر وحضورهم والتواجد المشرق بالعطاء والمحبة والاهتمام، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
محمد إمام برناوي

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved