| الاخيــرة
يظن كثيرون في العالم الثالث أن التعليم الجامعي نوع من الترف أو الرفاهية، ويؤكد هذا الظن أحياناً سياسة القبول في جامعات هذا العالم المختلفة.
والأخطر من ذلك أن النظرة عند هؤلاء الى التعليم الجامعي تنحصر فقط في عملية اكتساب العلوم المؤهلة لسوق العمل سواء أكان ذلك يلبي حاجة اجتماعية أو حاجة خاصة، ويتناسى هؤلاء أو ينسون أن الهدف المعرفي هو الأساس في حد ذاته من التعليم الجامعي، وشتان بين العلم والمعرفة في انعكاس النتائج التطبيقية على وضع المجتمع الاقتصادي.
وبينما يعتبر التعليم من اهم صناعات الحاضر والمستقبل الذي يصبو لتحسين نوعية حياة البشر، والبديل الأفضل والأرخص من حيث الكلفة الاجتماعية للبطالة، فإن المعرفة تعتبر من أهم مقومات الأداء العلمي للوصول الى صناعة هذا الحاضر وذلك المستقبل.
وكلنا يعلم ان النمو الاقتصادي الذي تحققه اقتصاديات السوق الصناعية في الدول المتقدمة، إنما مصدره النمو المعرفي أولًا، وهو المؤدي بالضرورة الى النمو التكنولوجي وتطبيقه في مجال الخدمات وصناعات السلع.
وتبدو المشكلة واضحة في عالمنا العربي الذي يتهافت على شراء الآلات والأدوات أكثر من محاولته التوجه الى محاولة جادة معرفية لإنتاجها.
وتدل بعض الإحصائيات على أن واردات الدول العربية من المواد جاهزة الصنع او كمنتج نهائي يصل الى نسبة 75% في حين (80%) من صادراتها هي عبارة عن مواد خام او منتج في هيئته الأولية، ويمكن تعليل ذلك على أساس النظر الى القدرة المهنية والتكنولوجية كونهما ليسا شيئين يمكن استيرادهما!
هذا يعني باختصار شديد أن الفجوة بين الدول النامية والدول المتقدمة إنما هي فجوة معرفية في الأساس وإن بدت في الظاهر أنها فجوة اقتصادية!!
ويعوزنا دائما الحل، وتعقد الندوات، وتتوالى المحاضرات، وتكثر الأسئلة والاستفسارات بحثاً عن الحلول والخروج من نفق التبعية الاقتصادية والتكنولوجية.
وتدور كل الإجابات فضفاضة عائمة مع ان الإجابة الشافية تكمن فقط في أن تسهم المؤسسات التعليمية ومراكز البحوث والتدريب في التعليم العام بهدف الوصول الى النتائج المعرفية التي يتوقف عليها ردم الفجوة التي تزداد اتساعا يوما بعد يوم.
وإذا كان ذلك كله يقودنا الى شيء فإنه يقودنا الى إعادة النظر في سياسة القبول الجامعي والتعليم العالي مما يجعل لزاما علينا أن نتحرك باتجاه مشاعية التعليم الجامعي، وهذا يعني زيادة فرص التعليم وتنوعها، أو انتهاج مرونة مستمرة ومتنوعة ومتاحة لكل من يحتاجها.
الدروس التي نقرؤها ونعايشها ونستوعبها من الدول المتقدمة كثيرة، والاعتراف بتفاقم الصعوبات والتحديات التي تواجه تحقيق النمو المعرفي أمر لا بد منه وهو وارد وواضح أمامنا,, ولكن واقع حالنا يقول غير ذلك,, وتاليتها!!
أ,د, هند ماجد الخثيلة
|
|
|
|
|