| مقـالات
هب أن ساعياً للبريد أراد أن يوصل رسالة إلى مكان ما في فضاء هذه الأرض, وهنا قد يستعين هذا الساعي بأدواته الخاصة التي تساعده في توصيل الرسالة إلى صاحبها (خارطة الطريق، ومركبة، وماجلان أحياناً), ساعي البريد لن يعنيه إن كان المستقبل لهذه الرسالة أمياً لا يستطيع فك طلاسم رسالته أم عالماً جهبذاً، ولن يعنيه أيضاً إن كانت الرسالة تحمل لصاحبها صوت البشير أم صوت النعي , ساعي البريد لن يكون معنياً إطلاقا بملاحظة ما يحدث لصاحب الرسالة قبل وبعد وصول الرسالة إليه.
ولكن ماذا لو أن الرسالة المطلوب إيصالها كانت عبارة عن مفهوم علمي أو فكرة أو قانون رياضي ، وأن المحطة المطلوب إيصال الرسالة إليها هي دماغ الطفل ؟ لقد أصبح من النادر في هذه الأيام أن تصل مثل هذه الرسالة إلى صاحبها غير منقوصة مشوهة، وهذا يعود لجملة أسباب تتعلق معظمها بالمرسل (المعلم), ولكن لماذا لم تعد (رسائل) المعلمين تصل إلى (أدمغة) طلابهم؟ والحديث هنا مقصور على الجانب الأكاديمي المعرفي فقط, في ظني أن السبب يعود إلى أن معلمينا يتعاملون مع رسائلهم والمستقبلين لها بنفس أسلوب ساعي البريد.
ولكي تصل الرسالة إلى الطالب فيجب أن تذهب إلى (مكانها) الصحيح بين ملايين الرسائل التي سبق وأن وصلت إليه ورتبها في دماغه ضمن نسق عقلي متماسك من المفاهيم، أو ما يسمى بالبنية الذهنية (Cognitive Structure), وإذا لم تجد الرسالة مكانها الصحيح داخل هذا النسق فستبقى (عائمة) مؤقتا خارجه إلى أن تفقد, وهذا هو ما يحدث للأسف في معظم مدارسنا من خلال أسلوب التلقين الذي يفشل معه الطالب في تسكين وتثبيت المفاهيم العلمية ضمن بنيته الذهنية القائمة مما يضطره إلى تخزينها في (موقع الذاكرة) المؤقت إلى أن تزول حاجته إليها,أما لماذا يفشل الطالب في تسكين المفهوم العلمي في دماغه فلأن معلمينا لا يكلفون أنفسهم عناء تشريح بنية الطالب الذهنية، ولا يجتهدون في تحليل المفهوم المراد تعلمه ليعرفوا كيف يمكن تثبيته وربطه بالبنية الذهنية للطالب لكي يتحقق له تعلم مفيد ذو معنى.
E-mail:Alomar20@yahoo.com
|
|
|
|
|