أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 28th January,2001 العدد:10349الطبعةالاولـي الأحد 3 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

شدو
الحياة خارطة فأين موقعك؟!
د, فارس محمد الغزي
الحياة مواقف تُتَّخذُ فمواقع تَتَخلَّق مما يعني أن مواقفك الحياتية قد خلقت لك موقعا على خارطة الحياة, إن مواقع البشر على هذه الخارطة تحددها المواقف ولهذا قالوا إن (الانسان حيث يضع نفسه!),, بل إنه (طبيب نفسه) مما يفيدنا بأن موقفه يحدد موقعه (خرطيا!), إننا كذلك عندما نقول (خارطة الحياة)، فإننا شئنا أم أبينا نعترف بأن لكل انسان موقعا اجتماعيا لا يختلف البتة عن ما هنالك من مواقع على الخارطة الجغرافية من قمم جبال وبطون أودية وضراب وآكام ومرتفعات ومنخفضات، وحتى (مستنقعات)، بل إن للخارطة الاجتماعية هذه (عوامل تعرية) شبيهة بعوامل التعرية الجغرافية: حيث إنه في الوقت الذي تلعب الرياح والأمطار دورا كبيرا كعوامل تعرية جغرافية، فإن عوامل الحظ والفرص المتاحة والنفاق والتملق (ومرونة!) المبادىء تقوم بدور عوامل التعرية على الخارطة الاجتماعية (ومهما ارتفع الموقع!), بل إن هناك عبارات وعبارات بسيطة,, معقدة في المعنى والمبنى,, عابرة,, بيد إنها (معبرة) تأكيدا على أن الانسان يحدد من خلالها موقع أخيه الانسان، فعلى سبيل المثال فعبارة من قبيل (ونعم بفلان) تصعد بهذا الفلان الى موقع أعلى في الخارطة الاجتماعية في الوقت الذي تسقطه عبارة (والخيبة) الى موقع أسفل الخارطة,, تماما كما أن عبارات خفيفة على اللسان كقولنا (لا يهمك,, خله عنك,, فيه وفيه,,) تهوى بالانسان الى حيث لا يهوى هذا الانسان حين تسقطه خريفا وخريفا في حضيض موقع اجتماعي يكفيه (عمقا) أن لا عمق له تحقيرا وتجاهلا, هل استعرضت قولنا الدارج: (فلان طرف من الناس,,) حسنا افعل وأعمل العقل وأمعن النظر كرة بعد كرة في تداعياته (المواقعية) على الخارطة المعنية وحينها سترى أن (هامشية) هذا الانسان أو تطرف موقعه على الخريطة الاجتماعية (لفظيا) قد ترجمه المجتمع الى واقع يشهد عليه قبوع هذا الانسان في (طرف المجلس!),, في آخر الصف,, في آخر درجة السلم الوظيفي,, على أصغر (صحن!),, وعلى ذلك فعليك بالقياس (استقرائيا) لا استنباطيا.
لا تقتصر مواقع الخارطة هذه على بني الانسان فقط، فللحيوان والجماد منها نصيب ونصيب أيضاً, فعلى سبيل المثال، إن في مجرد توصيف الانسان على أنه أعزكم الله كلب لهبوط في الانسان من مكان أعلى الى مكان أقل قدرا وأكثر دونية، مما يفيدنا ايضا بأن للكلب موقع وضيع على الخارطة الاجتماعية، بيد أن في عبارات من قبيل (فلان فحل,, فلان جمل,, حصان,, ذئب) رفع لموقع الانسان من جهة، ورفع لموقع هذه الحيوانات من جهة أخرى,, ولم لا؟!,, أليس الانسان هو مروض الجمل وعاسف الخيل، مما يعني مرة أخرى أن مواقع الانسان الضعيف يحددها الانسان القوي رغم أنف حقيقة أن ما يحدده الانسان للانسان ليس بالضرورة (انسانيا!!), حسنا، دعونا نكف عن الايغال فلسفة! لنقول ان للجماد كذلك نصيب (مواقعي) على خارطة الحياة مثله مثل الانسان والحيوان وذلك بدليل ما يلوكه الانسان من عبارات تحدد المواقع (الخرطية!!) لما حوله من أشياء وجماد كما في قول عجز بيت الشاعر: (,, ترضى من اللحم بعظم الرقبة) والذي لا يفوقه (موقعا) إلا قول الآخر تمثلا (يعرف من أين تؤكل الكتف!)، وبغض النظر عن أن (مكان) الرقبة يعلو مكان الكتف ومع ذلك (فمكانة) الكتف أعلى من مكانة الرقبة، فإن الانسان يضحك على نفسه أحيانا وذلك حين (يستغني) عن شيء ما فيخفض موقعه ولكنه سرعان ما يعود إليه رافعا اياه من السفح الى القمة، فعلى سبيل المثال إن الانسان لا يفتأ يذم أكل (الشعير) بيد انه في حال احتياجه إليه لا يتردد (ولا يخجل!) في أن يعتذر للشعير رافعا إياه الى موقع أعلى,, من الحضيض إلى فمه,, فبطنه ولسان حاله يترنم تمثلا: (الشعير مأكول مذموم!),, (الجوع شين!) بيد أنه يضعك بموقعك الحقيقي ايها الانسان (المتخم تلوناً!) الجائع أنفةً,, فرويدك رويدك: إن هناك من يقع في الحضيض ارتفاعا,, وهناك من يرتفع الى القمة سقوطاً,,!
للتواصل: ص,ب 454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved