أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 28th January,2001 العدد:10349الطبعةالاولـي الأحد 3 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

التحدي الحضاري والغزو الفكري
د, عبدالرحمن بن محمد القحطاني
قيل عنه بأنه أحد رواد الفكر المعاصرين، ترك أثراً واضحاً في حياة الأدب الحديث، تميز بأسلوب سهل ممتنع وعبارة ساطعة جميلة واضح الرأي جلي الفكرة والهدف,, لا ينبئك مثل خبير ذلك هو الأستاذ الدكتور يوسف عز الدين, مؤلف كتيب (التحدي الحضاري والغزو الفكري) وأصل الكتيب محاضرة ألقيت في ندوة ما يريد التربويون من الإعلاميين التي دعت إليها إدارة مكتب التربية العربي لدول الخليج في الرياض 69 شعبان 1402ه (الموافق 29 مايو أول يونيو (حزيران) 1982م) وصدر هذا الكتيب عن دار أمية للنشر والتوزيع, وقد أهدي إلي نسخة من هذا العمل الجليل.
تلك الندوة القيمة افتتحها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ورئيس المجلس الأعلى للإعلام السعودي، والذي عرف عنه بالحكمة وأهمية الفكر وأهله في عالم الصراع الحضاري, يحذر سموه الكريم بأنه:
سوف يتعرض الجيل الناشئ للمؤثرات التي ترد مع وسائل التطور الخارجي، لذا فإن مسؤولية المؤسسات التربوية والإعلامية متماثلة في هذا المجال، وهي أن تعمل على توجيه الفرد وبخاصة الصغار في الاتجاه الصحيح من حيث بناء الشخصية الوطنية المؤمنة ومن حيث مقاومته المؤثرات الخارجية إلى بناء عوامل المناعة الذاتية,, .
إن العبارة السابقة التي قدمها سمو الأمير نايف لهي الحق إننا بالتأكيد امام تحد حضاري وغزو فكري خطير على العقل العربي والإسلامي, والأخطر من ذلك أن العمل في هذا الصراع وغزو عقول أبناء هذه الأمة العربية والإسلامية هو عمل مخطط له مسبقا، ووجب الآن، المكاشفة والتشخيص والوقاية بل والتذكير، وهنا وقع اختيارنا على محاضرة الدكتور عز الدين لتعم الفائدة مرة أخرى ونتعرف على الطبيعة الإنسانية ونفهم نفسية الآخرين.
يقول عز الدين بعد أن خسر الاستعمار مواقعه القديمة التي حصل عليها بالسلاح والقوة الغاشمة بقيت مصالحه المادية تلح عليه بضرورة العودة إلى تلك المواقع التي جلبت له الرفاهية والخير,, اتجه إلى أسلوب رقيق ولطيف الشكل جميل التكوين لا يغير في النفوس ما تثيره اصوات المدافع ووقع سنابل الخيل وهدير الدبابات وأزيز الطائرات بعد دراسة متأنية وفحص عميق في مكونات العقل العربي والفكر الشرقي,, ولم يجد أمامه بالطبع أسهل من الغزو الفكري والسيطرة الثقافية,, وقد أعانه الإعداد العلمي المنسق والتطور الحضاري القائم على التقنية المتطورة في عمله.
ومن هنا كان العمل الأول والهدف الأساسي ,,القضاء على الوعي العميق الذي ورثه العرب من الحضارة الإسلامية والذي خلق الذات العربية والأصالة التاريخية والبناء الوجداني,, حيث لمس الغرب أن الإسلام هو الخطر القادم للغرب وبالتالي لجأ إلى زعزعة المسلمين بأنه سبب تخلفهم وأن اللغة الفصحى هي سبب تخلف الأدب والفكر ليخرج عليهم الرصافي يفند المقولة الزائفة بقوله:


يقولون في الإسلام ظلماً بأنه
يصد ذويه عن سبيل التعلم

فالإسلام في حقيقة الأمر وفر عامل التصحيح العقلي لنا, فالرسول، صلوات الله وسلامه عليه يقول :نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم .
إلا أن التنظيم الغربي ومنذ القدم بدأ في إدخال طرز جديدة متطورة على الحياة اليومية تزيده ترفا وترهقه بالرفاهية والمتعة الجسيمة فطور حاجات الفرد في الزينة والطعام والنقل السريع ونشر القصص والشعر الأوروبي الذي يداعب النفس المراهقة حتى بلغ الطوفان الفكري مداه وبدأ يفرغ تلك القوة والتماسك يوما بعد يوم بصبر وأناة,, فاعتنق بعض المفكرين الفوضوية والوجودية والدادية والعبثية والغموض والسريالية واللامعقول دون أن يسبروا غور أسسها ويعرفوا قواعدها ومكوناتها ودوافعها الاجتماعية التي أفرزتها للمجتمع الغربي.
فقلد الغرب وتجسمت محاسنه امام التأخر الفكري والانحطاط الأدبي, الأمر الذي عمق التقدم الغربي والتضامن الأوروبي برغم اختلاف اللغات والمذاهب والأديان وتطاحن العرب وتمزق المسلمين برغم وحدة اللغة والتاريخ والمصير المشترك وما صاحبه الساسة من مساوئ ومظالم وكبت للحريات في الوطن العربي الكبير.
إن القلق بدأ يقوض الشخصية الإسلامية ففقد الفرد والمجتمع الشخصية، وضاع الإيمان بالأمة وعدم وجود قاعدة فكرية قوية تحمي هؤلاء خلق جيلاً قلق الروح مرتابا بحاضره خائفاً من المستقبل هذا الأمر نتيجة تناقض الحياة مع ما عرفه من مثل وما درسه من قيم خلقية,.
إن هذا القلق والحيرة والخوف استمر في عقلية المسلم خصوصاً أن الإعلام الغربي سعى بأساليبه وتنوع طرقه ليعمق عدم الثقة بالتراث الإسلامي والفكر العربي بل وجعل كلاً من المفكر والأديب والصحفي والتاريخي يدور في حلقة فارغة يكتب التاريخ بعقلية المنتصر, ويدرس العقيدة بالقسر والإجبار قاتمة على عدم الاقتناع والإيمان والأصالة.
وكنتيجة حتمية انبهر العربي وهو يرى كل شيء جاءه من الغرب وقضى على الصناعات الأصيلة في بلده بعد أن استخدم الآلة الحديثة في مزاحمة كل صناعة وطنية,, وزاد الطين بلة وجود الخادمة والسائق والمربية والعامل والصانع الأجانب الذين ينشرون عاداتهم وتقاليدهم ولغاتهم في هذا المجتمع,,, ودون رقابة أو متابعة رسمية أو أسرية.
وأواخر ذلك هو هجرة الأدمغة العربية للخارج وهو واقع سيئ عندما يسمع العربي بالحرية التي يمتلكها الغربي وحرية التنقل وحرية الكتابة والتعبير ويرى في الوطن العربي الكبت والإرهاق والظلم ومصادرة الحريات فيصاب بالخيبة والمرارة, حيث نبت المجتمع فاقداً حريته يقدم أبناء خائفين لا يقدرون على معارضة آرائهم ويرتجفون من القادرين على إبداء الرأي سليماً قوياً,, وقد أحس الكاتب هذا الأمر بين الرواد القادة الذين تسرب الخوف إليهم فما واجهوا الرأي وانهزموا من ساحة القلم إيثارا للهزيمة التي تأتي عليه بالدعة والهدوء وفقد روح المجاهد المناضل الذي يضحي بكل قواه في سبيل الرأي الحر والقول السديد مهما كانت الحملات ظالمة,.
إن من يؤثر السلامة على خدمة فكر أمته لم يتسرب الإيمان إلى قلبه ولا عمل بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
من رأى منكم منكرا فليغيره بيده أو بلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .
وكنتيجة حتمية عاش المفكر والأديب والعالم الصادق في كبت مبطن ينتظر الفرج من أصحاب السلطة أو مشكلة لا يفك رموزها إلى المتخصص الكفؤ, وكنتيجة واقعية أصبحنا نعيش تحدياً خطيراً من الحضارة الغربية نتيجة المرجعية الرسمية غير الواعية.
التحدي بين الحضارتين:
الحضارة الغربية دخلت بقوة وبعنف وأحدثت تغييرات كبيرة في حياتنا ولا سيما في أجزاء وطننا الذي تدفق عليه الخير,, فانبهر الإنسان نتيجة المعاناة القاسية والضياع الروحي ورد فعل للقاعدة الفكرية العربية الصلبة عندما أضاعت الوعي العميق والأصالة الحضارية النابعة من التراث الأصيل في فكرنا وتقاليدنا وحرز حياتنا التي ما تزال حية ولم يعصم هذا التراث ولا هذه الحضارة العرب من حضارة الغرب,, وبعدت الحضارة الغربية عن خدمة العرب وبناء النهضة العلمية والتطور الصناعي والاختراعات ولم تساعدنا على فهم هذه الآلات مع وضع العلماء العرب ومهندسيهم وأطبائهم بمقدار محدود يبقي العربي محتاجا إليها وإلى صناعتها وخبرائها وآلاتها والقطع المستهلكة, وهذا الأمر كما يؤكد الدكتور يوسف فاتح عن ظن العرب أن التطور والتجديد والتقدم منوط بالغرب, ومحاولة جمهور من المتعلمين ووسائل الإعلام التأكيد على ان الحضارة الغربية هي أعلى حضارة إنسانية,.
ولعل اليابان وروسيا والصين تعطي لنا مثلا حياً على استغنائها عن الحضارة الغربية وتزاحمها بالمناكب في كل مجالات الصناعة والتقدم والفنون لأنها اعتمدت على علمائها بينما العرب خلاف ذلك رغم تفوق المهارات العربية ولكن خارج أوطانها عندما لجأت إلى أمريكا الشمالية وأوروبا.
وخلاصة القول في الصراع مع الحضارات الأخرى إن الغزو الحضاري بدأ مع الغزو العسكري والسيطرة الاستعمارية بطرزها المعروفة بأشكالها القديمة، فاستبدلت الغزو أسلوبا جديداً يحمي المكاسب ويحتفظ بصداقات الشعوب ورضاها وخلق جيل يسبح بمجدها, وقد مرت غزوة الحضارة الغربية بفترات متعددة نلخصها بالتالي:
الفترة الأولى:
غرس الحضارة الغربية,, والتي بدأت عندما نزلت الحملة الفرنسية مصر حتى الحرب العظمى الاولى وكان الغزو عسكرياً واضح المعالم جلي السمات بالجنود والأسلحة التي تدوس أراضي الوطن العربي فكانت ضفاف الخليج والعراق والشام ومصر وشمالي أفريقيا العربي وأجزاء من الجزيرة تدار من الاستعمار مباشرة أو بأسلوب وجه عربي وفكر غربي, وكنتيجة متوقعة,, أصيب الجيل بالحيرة النفسية فقد رأى حضارته العربية وعدد سكانه الضخم وموارد البلاد الطبيعية والفنية تنحسر في مواجهة الاستعمار.
إنها فترة نزاع حضاري بين المثل الإسلامية والتقاليد العربية وبين أفكار الغرب وعاداته فوجدنا قادة الرأي ورواد الفكر يحمون فكرهم وأدبهم، وبدأ التحدي عندما أنشئت دار العلوم ثم الجامعة المصرية وبعدها انتشرت ألوية العلم في العراق والشام والجزيرة.
الفترة الثانية:
بين التقليد والرفض والتي جاءت بعد أن كثرت الترجمة وكثر أنصار الغرب الذين درسوا فيه وسيطرت الحيرة وبدأ الفكر يضيع قابلية التمييز,, فكل شيء غريب هو الأحسن,, لأن التقليد أغلق عين العربي عن أمته وتراثها,, فهو يثق بالغرب بعد أن أحس أنه تخلف فكرياً وعجز علميا,, ونسي المفكر العربي الاستشهاد بالقرآن الكريم والشعر العربي,.
الفترة الثالثة:
الخضوع وفقدان الشخصية حيث يرى الغرب هو المثل الأعلى,, وتسرب العجز النفسي ولا يحسب حساباً إلا للغرب وتنهى المعاناة النفسية بالركون له,, حيث بدأت الدعوة إلى العالمية في مصر بدأها كرومر وولكوكيس وأيدها سلامة موسى وجماعة معروفة في لبنان تسير على هذا النهج لتقطع المفكر العربي من جذوره الأصلية ليعادي قومه ويسير في ركب الغرب وعقائده وأفكاره.
الفترة الرابعة:
التفرقة والعداء وتلك أخطر مراحل الحياة عند العرب,, فقد كثرت مسميات الأوطان وتفرقت الأسماء وتضاربت الجنسيات وبدأ الجيل يتباهى بأنه من الخليج أو أصله من العراق,, فتمزقت الأمة العربية شر ممزق وتصارمت أمة العرب والإسلام,, وبدأت تدرس اللهجات والأمثال والاشعار والأغاني,, وكانت الوسيلة العظمى معرفة الفكر العربي وشخصيته ومعرفة تقاليده عن طريق دراسة حياة شعوبها ومن أين؟ من مفكريها وعلمائها وطلبتها بالداخل والخارج إنها أخطر مرحلة حارب الغرب فيها الوحدة الفكرية الممتدة من الموروث الشعبي كما يحلو للكثير تسميته الفلكلور.
كيف تصد التيار؟
حمل الكاتب والرائد والشاعر المسؤولية في أن يكون مجدداً بعد أن يعرف عوامل التجديد والتطور في الأمم الأخرى, لأن الغزو ليس وليد هذه الأيام إنما هو خطوط وضعت ومجموعة من الآراء درست لتقضي على مقاومتنا عرباً ومسلمين, إن المقاومة العادلة الواعية مع حضارة الغرب أمر مطلوب والعمل لابد لنا من الأخذ بالأمور التالية:
1 دراسة تاريخنا الحضاري,, وذلك باختيار الأمثلة من التاريخ الفكري والعلمي والأدبي والفني في العلوم الإنسانية والتطبيقية المتنوعة, حيث هناك نماذج صالحة للإذاعة والمسرح والتدريس حيث يجب الاستفادة من الموروث التاريخي واستخراج ما يلائم العصر الحديث.
2 الإعداد الفكري من إعداد رجال ونساء لهم قدرة فكرية وقابلية لغوية وخيال واسع وبديهة سريعة لإدارة أهم وأخطر وسائل التأثير على الفعلية ألا وهي وسائل الاتصال الجماهيرية من صحافة، إذاعة، تلفاز والإنترنت ومنها وجوب إعداد الكوادر والطاقات البشرية الإعلامية وتوسيع ثقافة الإعلامي.
3 اختيار قاعدة الإعلام من المتخصصين سياستها العمل على رفع مستوى الوعي العام ونقل الواقع للجماهير العريضة.
4 وليست الثقافة وحدها من ضرورات رجل الإعلام الخارجي أن يحس أن له رسالة فهناك من يعيش دعاة التخريب الفكري وهدم المثل والسخرية باللغة العربية والتراث,.
باسم التجديد والتطور والحداثة والأخطر السخرية من اللغة العربية لغة القرآن الكريم.
لذا المطلوب هو دراسة الأساليب التي تقاوم لها هذا الغزو الحاضر وهي عبارة عن حلول:
1 دراسة التراث العربي والإسلامي.
2 دراسة متناقضات العالم العربي في الفكر والتقدم العلمي,, أي تحديد الواقع العربي.
3 وضع خطط واضحة القصد بعيدة الخيال واللامعقول أي تحديد الأفكار الفكرية والروحية التي تغزو العالم العربي بأسلوب علمي إحصائي، برغم وجود التوصيات الناتجة من اللقاءات والندوات إلا انها بقيت في الأدراج والرفوف لوجود فراغ كبير بين السلطة الحاكمة وبين المفكر النظيف فعلينا أن نتذكر قليلا؟
أين فلسطين؟
أين الجولان؟
ما حل بالقدس؟
وما دها غزة؟ والضفة الغربية؟
تذكروها حربا استعمارية,, وقف المفكر بلا مبالاة وكأن الأمر لا يهمه إننا أشد خطراً على أنفسنا من أنفسنا ألم يقل ابن جوريون إن ضمانة إسرائيل في البقاء هي اختلاف العرب؟ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم صدق الله العظيم، ومن نافلة القول أن محاضرة الدكتور يوسف قد عقب عليها عدد من الأساتذة والمفكرين وهي إضافات تشكل جانباً مهماً لمعرفة الواقع العربي الإسلامي, عبدالعزيز جعفر يدافع عن الإعلام ورجاله ويقول الإعلام كالدجاجة مذبوحة في الفرح والعزاء,, وعندما نريد أن نوجه اللوم نوجهه إلى المجتمع العربي ككل إلى المفكرين إلى الواقع العربي إلى التخلف الحضاري,, بطرح أسئلة: ما هي أسباب هذا التخلف الحضاري؟ وكيف نتخطى هذا التخلف، قبل أن نحاسب الآخرين؟، الطيب الصالح يعطي بالمقابل حقاً للآخرين من الغرب الواقعيين حيث يعلق ويقول قام رجال شجعان من الغرب كانوا ينادون بحقوق العرب وبإنصاف العرب والقائمة طويلة وعلى رأسهم كاركيل وجوتة وتوينبي وتومان وهذا الرأي في الحقيقة لا يقدم ولا يؤخر في حقيقة التخطيط نحو غزو العرب والمسلمين وما تم طرحه سلفا يمكن ان يندرج كما عبر عن ذلك الدكتور محمد أحمد الغنام تحت قضية جدلية بعنوان الأصالة والمعاصرة وماذا ينبغي أن يكون موقفنا من كل منها الدعوة إلى التمسك بالتراث ينبغي عليها تحديد موقف علمي واضح هل نأخذ كل ما جاء به التراث، أم أن تكون له وقفة ناقدة إزاء هذا التراث,, وباختصار أن نستمسك بالأصول الأصيلة في ثقافتنا الإسلامية وأن نأخذ من الآخرين ما يمكن أن يفيدنا في حياتنا .
الشيخ إبراهيم الحجة يعزو موضوع الدكتور يوسف بأن فيه نوعاً من المبالغة وحذر أن لا نهمل شخصياً ونفسياً مجهودنا الإسلامي العربي ولا خير من ذلك وإن كان الأمر يصب في زمن التاريخ إلا أن الدكتور يوسف يؤكد كما طرحنا في بداية هذا العرض على الإرث الحضاري الإسلامي كمدخل للنظر في أنفسنا, وإنما تذكير الحجي أن لا نحبط من الأهم للغوص في بحار التحدي الحضاري العالمي,, في المقابل معالي الدكتور محمد عبده يماني يطرح قضية تحاول وسائل الإعلام العربي البعد عنها وهي قضية الحرية, فالقضية الأصلية هي أن:
ما يصيب العالم العربي هو غياب المناخ الذي ساد عند أجدادنا متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ .
وحيث إن الإعلام هو السبق والسيف في التحدي الحضاري والغزو الفكري فإن للإعلام ظروفه المحيطة لنستقر على رأي:


إذا كان رب البيت بالدف ضاربا
فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

لقد سخرت أجهزتنا الإعلامية للأسف وطاقاتنا وكما نشاهده كل يوم، ضد بعضنا البعض كما يورد ذلك الدكتور يماني وفي المجال الخارجي نجد مكاتب متخصصة للرد على بعضنا البعض إن أهمية الحرية في منازلنا وتربية أبنائنا على حرية الفكر وحرية المخاطبة داخل المنزل وأن يدرك رجال التربية أهمية أن يجعلوا الحرية منطلقا في تعليمهم وفي تربيتهم لأبنائهم,.
إن التحدي الحضاري والغزو الفكري حقيقة لا مناص من ذلك لها أبعاد اجتماعية وعقائدية وسياسية وتجارية فالاتجاه القادم أن القوي قوي والضعيف ضعيف في أي من المجالات المتعددة السابقة, وبالرغم من أن الدكتور يوسف فتح الباب على مصراعيه ولخص الواقع بسهولة واقتضاب لا يفك رموزه إلا الغيور على دينه ووطنه فهو بذلك قد وضع النقاط على حروف التحدي الحضاري والغزو الفكري الذي نواجهه صباحا ومساء ينظر الفرد من الأمل لوجود حد لمثل هذا التحدي في عصرنا هذا عصر العولمة الغربية والهيمنة الإعلامية والمعلوماتية الغربية، ومن نافلة القول أن دهس كرامة العرب، اليوم، على الأجندة السياسية الأمريكية وهذا ما جعل افتتاحية جريدة الرياض الاثنين 7 جمادى الأولى 1421ه 7 أغسطس 2000م العدد 1732 وتحت عنوان العرب,, وسوق النحاسة الأمريكي!! أن تقول ,,أساليب المساومة التي يتبارى فيها أصحاب الترشيحات الانتخابية للبيت الأبيض أو الكنيست (الإسرائيلي) بديلا عن نغمة نقل السفارة الأمريكية للقدس بين آل غور وبوش الابن واختيار هيلاري كلينتون نفس الموقف، يؤكد أن البيع والشراء على حساب كرامة العرب ومقدساتهم، هي أسهل الوسائل لعرض بضائع المتسابقين في (الانتخابات الرئاسية) فقراءة المستقبل على ضوء الحاضر، تعتبر مجازفة خطيرة، وأمريكا ربما لا تدرك كيف أن المشاعر في هذه المنطقة بالذات أقوى من كل السلطات والنفوذ الذين يريدون قهر شعوبها إنها بالحق شراكة استراتيجية لمواجهة حضارتنا وفكرنا, إن ما يحدث في المملكة العربية السعودية الجنادرية التظاهرة الحضارية الفكرية إحدى الوسائل التعليمية فقد طرحت لنا ندوات رئيسية حول الإسلام والغرب والإسلام والشرق، فليس لدينا هنا دراسة يمكن تأكيد نجاح أو فشل مثل هذه الندوات، إلا ان ندوات حول الإسلام والإسلام هو الأمل أولا الدخول الجدي في هذا التحدي الحضاري ومقاومة الغزو الفكري ومع من أولا: مع بعضنا البعض ومع الفكر الغربي للوصول إلى وعي تام لإضافة الشرعية العربية الإسلامية للوقوف ضد أو على أقل تقدير لمعرفة الواقع, فهل نحن الآن في طريق دراسة وبحث عبر مجلس دول التعاون؟ هل أعطينا هذا الأمر اهتماما ومن خلال المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في الاجتماعات الدورية السنوية؟
إنها رسالة نأمل أن تجد بعد ما طرحنا هذه الأفكار القديمة في الطرح الجديدة في عالم جديد ومستمر.
وإذا لم يكن هذا سيدفع الثمن، والله، أطفالنا بالغد القريب أغلى ثمن.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved