|
| عزيزتـي الجزيرة
إن ما سأتحدث عنه يعد عزفاً على الوتر الحساس، خاصة انه يتعلق بفئة نعتز بها ولها منا كل التقدير، فهي تمثل شريحة من شرائح المجتمع سواء وافقنا ام ابينا، وهي وإن كان الله قد حرمها من نعمة العقل إلا انه لم يحرمها من حق الوجود، بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى، وهذه الفئة هي فئة المتخلفين عقلياً الذين اصبحنا نراهم في صور مؤلمة, ففي الحي الذي اقطنه يوجد طفل لا يتجاوز العاشرة من عمره يتضح من تصرفاته انه يعاني من تخلف عقلي إلا ان ما زاده بؤساً إهمال اسرته الواضح له، فمثلا الملابس من يراها من أول وهلة وهي تغطي جسده النحيل، يجزم أنها تشاركه مأكله ومشربه منذ بضعة أسابيع، وتصرفاته توحي أن اسرته لم تبذل اي جهد لتهذيبها، بل تركت له الحبل على الغارب ليتجول في الحي كيف يشاء وكأنه لا أسرة له، فغداؤه عند هذه الأسرة وعشاؤه عند الاخرى، حتى تحول كالشحاذ وآسف على هذا التعبير، فهذا هو الواقع الذي فرضته أسرته عليه حتى اصبح مثار سخرية واستهزاء أطفال الحي، بل إن مسجد الحي لم يسلم من عبثه الذي لا يلام عليه، بل تلام عليه اسرته التي تركت له الحرية الزائدة لتصدر منه بعد ذلك تصرفات وحركات وأصوات تشوش على المصلين، مع ان المنطق يفرض عدم دخوله المسجد ما دام أنه لا يعقل الصلاة بصورتها الصحيحة.
وإن كان ما ذكرته يمثل بعض الحالات الشاذة والمستغربة فإننا منذ مدة طويلة ونحن نرى ما هو اشنع وهو المتاجرة بإنسانية هؤلاء المتخلفين عقلياً من قبل بعض ضعاف النفوس والتلاعب بمشاعرهم واستغلال عجزهم عن الاعتراض، وهو ما نراه بشكل جلي عند توظيفهم في استدرار عطف المحسنين، ويا ليت ان هذه الأموال التي تأتي عن طريق استغلال عاهتهم توظف للعناية بهم خاصة لتعليمهم، وتلقينهم ما يعينهم على الحياة بصورة صحيحة لهان الأمر، ولكنها في الغالب تذهب الى طريق آخر لا علاقة لهم به.
والله من وراء القصد.
علي بن زيد القرون
حوطة بني تميم
|
|
|
|
|
