| الجنادرية 16
تغطية : علي سعد القحطاني
اختتمت الأنشطة الثقافية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بندوة حول الشورى في التاريخ الإسلامي وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية شارك بها معالي الدكتور صالح بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو مجلس الشورى والدكتور عبدالرحمن الانصاري والدكتور صالح المالك والدكتور عبدالرحمن الجعفري وكان قد ادارها الدكتور بندر الحجار.
وكان معالي الدكتور صالح بن حميد قد قدم ورقة في هذه الندوة وهي تتحدث عن الشورى في الإسلام حيث استهلها بقول عمر رضي الله عنه: لا إسلام بلا جماعة ولا جماعة بلا أمير ولا أمير بلا طاعة، وقال: ولعل في كلمة عمر ما ينبه الى ارتباط الطاعة بالجماعة فالاسلام دين لا يتحقق إلا من خلال الجماعة ولعل مما يزيد ذلك وضوحاً قول الله عز وجل والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك يرحمهم الله
وبناء على ذلك فلا وزن للجماعة إذا عاشوا افراداً متفرقين ولا يربطهم إلا أمير ينظم أمرهم والأمير مهما استجمع من الصفات التأهيلية فلا أثر لتلك الصفات إذا خذلته الجماعة ولم تعطه طاعته قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر وهذه الطاعة المطلوبة ليست طاعة مطلقة أو عمياء ولكنها الطاعة بالمعروف والطاعة فيما لا معصية له.
نظام سياسي في الإسلام
ثم بين أن الشورى اصل من أصول النظام في الإسلام إذ تعني في اصطلاح العلماء تقليب الآراء في مسألة من المسائل أو قضية من القضايا بين أصحاب العقول والأفهام ولا سيما مع ذوي الاختصاص من أجل الوصول الى الأفضل والأحسن والشورى مصطلح إسلامي، يحمل معناه المستقل مثل المصطلحات الإسلامية الأخرى مثل الصلاة والزكاة والجهاد والحسبة وأمثالها فهي تفسر بما أراده الشارع وبينه في الكتاب والسنة ولا تقارن بغيرها من المذاهب والمبادئ وقد يوجد نوع من الالتقاء مع بعض الأنظمة السياسية في بعض الصور والجزئيات والمظاهر أما المصطلحات الوافدة فتحمل في مصطلحاتها فكراً وافداً ومبادئ تلتصق بها من صنع الإنسان وانتاجه البشري.
منزلة الشورى في الإسلام
وأكد الدكتور ابن حميد ان الشورى جاء الحديث عنها مبكراً في الإسلام منذ العهد المكي وجعل القرآن الكريم من أخص خصائص أهل الإيمان المبالغين للاستجابة لربهم في قوله تعالى: وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وامرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون .
ويلاحظ ان هذه الآية مكية والدولة الإسلامية لم تقم بعد مما يعني ان الطبيعية الشورية في الإسلام والمسلمين تصطبغ بها الحياة كلها ولهذا وأمرهم شورى أي كل شأنهم مما ينبه على ان طابع الشورى جاء الأمر به مبكراً، فمدلوله أوسع من محيط الدولة وشؤون الحكم بل هو طابع ذاتي في حياة المسلم وسمة بارزة في شؤون المسلمين كلها وبالتالي فهي من ألزم
صفات القيادة,, وخلص الى قوله ان الشورى مسلك في الأمة يظهر من خلالها شخصيتها وتحقيق ذاتها والشورى توزيع للمسؤولية ووسيلة للكشف عن الكفاءات والقدرات التي تصقل في التجربة وجودة الرأي والتركيب، وعلي رضى الله عنه يبين شيئاً من فوائد الشورى حينما يقول: في الشورى استنباط الصواب واكتساب الرأي والتحصين من السقوط والسلامة من المذامة والملامة وألفة القلوب واتباع السنة .
الشورى في عهد الملك عبدالعزيز
بعد ذلك القى معالي الدكتور عبدالرحمن الانصاري عضو مجلس الشورى ورقته التي كانت بعنوان الشورى في عهد الملك عبدالعزيز,, الأسلوب والمنهج والتطبيق واستهل بحثه قائلاً: ان مصادري في هذا البحث يكمن في صحيفة أم القرى وصوت الحجاز وبعض الكتب التاريخية وجاء فكر الشورى في القرآن الكريم في عدة مواضع وسميت احدى السور بالشورى وجاءت الشورى على انها من صفات المؤمنين الذين يستعملون في حل مشاكلهم وقضايا أمورهم بالتشاور فيما بينهم لقوله تعالى والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون .
وعندما قيّض الله للملك عبدالعزيز آل سعود استعادة ملك آبائه في الرياض في 5 شوال لعام 1319ه الموافق 15/يناير/1902م وبدأ تأسيس حكمه على أسس إسلامية، جمع شتات قبائل الجزيرة العربية تحت شعار التوحيد وبعد دخوله مكة المكرمة في جمادى الأولى 1343ه/1924م وجّه كلمة للأهالي حيث أوضح فيها أسلوبه القائم على الشورى.
دعائم الشورى في المملكة
بعد ذلك قدم معالي الدكتور صالح عبدالله المالك عضو مجلس الشورى ورقته وكانت عن صور من تطبيقات الشورى واجراءاتها في المملكة العربية السعودية ، حيث أوضح ان الشورى في المملكة تمثل دعائم أصيلة راسخة قامت على أساسها من جهة وتجربة ثرية زاخرة متجددة من جهة أخرى، وكلما أوغلنا في دراستها وتطبيقاتها اتضحت في اذهاننا صورتا الأصالة والتطوير,, ثم أوضح ان مسيرة الشورى في المملكة تسير على هذا النهج حيث رسخ خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز دعائم الشورى في المملكة فجاء في إعلان خطابه التاريخي الذي ألقاه يوم 27/8/1412ه وأوضح من خلاله ان اقامة نظام جديد لمجلس الشورى هو بمثابة تحديث وتطوير للنظام السابق ليتناسب مع التطور والنمو السريع اللذين شهدتهما المملكة في المجالات كافة,.
ثم عرج الدكتور صالح المالك في بحثه الى تاريخ مسيرة الشورى منذ ان أسسها المغفور له الملك عبدالعزيز حيث حدّدها باربع مراحل هي:
مرحلة التكوين: 1343 1372ه.
مرحلة البناء: 1373 1389ه.
مرحلة التنمية السريعة: 1390 1410ه.
مرحلة التكامل: 1411 1421ه.
ثم اختتم المحاضر ورقته قائلاً: والمتتبع لتاريخ بلادنا الحديث يلحظ مدى الاهتمام بالشورى، وتطبيقاتها وفق الشريعة الإسلامية.
الشورى والتنمية
ثم تحدث معالي الدكتور عبدالرحمن بن أحمد الجعفري عضو مجلس الشورى عن دور مجلس الشورى في التنمية , حيث قال: هناك علاقة وثيقة بين التنمية والشورى، فالشورى هي المشاركة في صنع القرار والتنمية تحتم اتخاذ سلسلة من القرارات في مجالات كثيرة وتتطلب معلومات وخبرات واسعة، ومتى ما توفرت الخبرات والمعلومات وبدرجة أكثر كفاءة ودقة كانت القرارات أقرب للصواب وكانت القرارات والسياسات تصب بصورة فعالة في نجاح التنمية,
والثابت علمياً ان زيادة المشاركة في القرارات تؤدي الى فعالية الأداء ومن ذلك نجاح المشاريع التنموية والوصول الى الأهداف المرجوة من التنمية وهي تحقيق الرخاء والتطور في المجتمع من كافة الوجوه.
إن مجلس الشورى هو إحدى الركائز الدستورية في البلاد، فهو يحقق مبدأ الشورى في الحكم ويضمن تطويرا للمفهوم الشرعي لها، وهو جزء من البناء التنموي للمؤسسات الدستورية، حيث أدى الى تطوير النسق السائد لصنع القرار وتوسيع دائرته وقد ساهم في العديد من القرارات التنموية التي تم الاخذ بها وكان لها دور فعال في التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية.
|
|
|
|
|