| الاقتصادية
* إعداد رياض العسافي
أشارت دراسة حديثة صادرة عن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية ان دول مجلس التعاون تبدي اهتماما كبيراً للقطاعات الإنتاجية المتجددة بجانب القطاع النفطي في إطار سياستها التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل القومي وتشجيع العمالة المحلية بالانخراط في مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة تلك التي اعتاد عليها أبناء المنطقة في القرون السابقة ومنها قطاع الأسماك والقيام بمهنة الصيد نتيجة لوقوع دول المجلس على عدة بحار مفتوحة وشبه مغلقة.
ويبلغ طول السواحل في دول مجلس التعاون حوالي 5339 كيلو متراً منها 2380 كيلو متراً بالمملكة العربية و1700 كيلو متر لسلطنة عمان و 644 كيلو متراً لدول الإمارات العربية المتحدة و300 كيلو متر لدولة قطر و195 كيلو متراً لدولة الكويت بالإضافة إلى 120 كيلو متراً لدولة البحرين.
وتعتبر دول المجلس بين الدول الغنية بالثروة السمكية بسبب طول شواطئها ووقوعها في مناطق غنية بالأسماك في حين يعتبر قطاع الاسماك واحداً من القطاعات غير النفطية ذات الأهمية الاقتصادية في المنطقة بسبب الدور الحيوي الذي يقوم به هذا القطاع كمستثمر لثروة بحرية مهمة، ومستخدم رئيسي للعمالة التقليدية في الوقت الذي أصبح اليوم مصدراً للعمالة التقليدية في الوقت الذي أصبح أيضاً مصدرا للعملة الأجنبية لزيادة صادرات الأسماك الخليجية إلى الأسواق العالمية.
صناعة الأسماك بدول المجلس
أما واقع صناعة الأسماك ومنتجاتها في دول مجلس التعاون الخليجي فتشير دراسة المنظمة إلى أن صناعة الأسماك تتضمن عمليات تجهيز وتهيئة الأسماك بالمصانع وعمليات الفرز والغسيل والحفظ في الثلاجات والبيع حيث تقوم الشركات الكبرى إلى جانب تلك العمليات بتصنيع منتجات سمكية يطلق عليها منتجات القيمة المضافة مثل سمك التونا المعلب بالإضافة إلى هامبورغر السمك والروبيان وأصابع التمبورا والبرجر كينج من السمك، كما تقوم شركات أخرى بتجهيز وإعداد وتهيئة الروبيان وتصديره إلى الخارج فيما توجد أيضا صناعة مسحوق السمك التي تستخدم كعلف غني بمادة البروتين للحيوان وعلى الأخص الدجاج بالإضافة إلى صناعة زيت السمك.
ووفق بيانات بنك المعلومات بمنظمة الخليج للاستشارات الصناعة لعام 1999م فإن عدد الشركات المسجلة لتصنيع الأسماك في دول مجلس التعاون يبلغ 47 شركة تبلغ طاقاتها الإنتاجية 148442 طناً سنوياً، أما رؤوس الأموال المستثمرة في تلك المصانع فتصل إلى أكثر من 759 مليون ريال سعودي فيما تصل جملة العمالة في تلك المصانع إلى 3800 عامل.
وتأتي عمان في المرتبة الأولى من حيث عدد المصانع السمكية حيث يبلغ 25 مصنعاً ثم الإمارات بواقع 10 مصانع ثم المملكة 5 مصانع فالكويت 4 مصانع تليها البحرين بمصنعين وأخيراً قطر بمصنع واحد.
أما المصانع المرخصة لإنشائها في هذا المجال خلال الفترة المقبلة فيبلغ عددها 50 مصنعاً منها 34 مصنعاً في عمان و6 مصانع في المملكة و5 مصانع في البحرين ومصنعين في كل من الكويت وقطر ومصنع واحد في الإمارات.
وتصل الطاقات الإنتاجية لهذه المصانع إلى اكثر من 159 ألف طن فيما تبلغ قيمة الاستثمار المقدرة بنحو 189 مليون ريال سعودي أما العمالة المتوقعة للعمل في تلك المصانع فتصل إلى حدود 517 عاملاً.
وترى منظمة الخليج للاستشارات الصناعية ان هذا العدد الكبير من المصانع القائمة والمرخصة يؤكد الإقبال الكبير على هذه الصناعة في دول المجلس نتيجة لتوقعات المستثمرين من العائدات المجزية منها إلى جانب وجود ثروة سمكية كبيرة وتكفي الاستهلاك المحلي وتوفر فائضا كبيرا للتصدير فضلا عن الأنواع المتوفرة من الأسماك التي تعد من الانواع الجيدة التي يتزايد عليها الطلب من أسواق أوروبا وأمريكا واليابان خاصة من نوع التونا والشعري والروبيان وام الروبيان وغيرها.
ومن جانبها تعمل الحكومات الخليجية على تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها بوسائل متعددة منها تنمية الثروة السمكية بالبلاد وتأمينها محلياً بأسعار مناسبة وحمايتها من احتمالات الاستغلال السيء, كما تساهم في تأسيس بعض المشاريع في هذا المجال.
المشكلات التي تواجه صناعة الأسماك
وتشير بيانات منظمة الخليج للاستشارات الصناعية من واقع عينة لزيارات ميدانية قام بها ممثلوها لعشرين مصنعاً للتعرف على حجم طاقاتها الإنتاجية والمشكلات التي تواجهها وغيرها من القضايا المرتبطة بصناعة الأسماك في دول مجلس التعاون أن تلك المصانع المشمولة تمثل 65 في المئة من إجمالي الإنتاج التجاري للأسماك في دول المجلس غير أن معظم هذه المؤسسات والشركات صغيرة الحجم وهي تقوم بشراء او صيد وتنظيم وتهيئة وإعداد الأسماك (تقطيعها إلى قطع أو شرائح) وبيع الأسماك طازجة أو مجمدة إلى المطاعم الكبرى والفنادق ومحال توزيع السلع أو تصديرها للخارج وأن أكبر هذه الشركات هي الشركة السعودية لتصنيع الأسماك والشركة الكويتية للأسماك المجمدة وشركة الأسماك العمانية بمعيار رأس المال المستثمر، كما تشير البيانات إلى ان مجموع الاستثمارات للشركات التي تمت زيارتها يصل إلى 578 مليون ريال سعودي وأن إنتاجها بلغ 53 ألف طن عام 1999م وان معظم تلك الشركات تحصل على حاجاتها من السوق المحلية أو من الصيادين أو من الصيد المباشر للشركات الحاصلة على ترخيص من السلطات الحكومية، وترى المنظمة انه لا يوجد هناك انتظام تام في كميات الأسماك المعروضة للبيع سواء في الأسواق المحلية أو لدى الصيادين بسبب عدم الانتظام في عمليات إنتاج الأسماك نظرا للعوامل الجوية المتقلبة، الامر الذي يسبب أحياناً إنخفاض حجم المستغل من الطاقات الإنتاجية لمصانع الأسماك فضلاً عن تذبذب الأسعار الشديد، كما أن الصيادين التقليديين غالباً لا يحملون معهم ثلجاً مما يعرض الأسماك أو قسماً منها للتلف الأمر الذي يخفض جودة الأسماك المطلوبة للاسواق العالمية التي تتصف بقوة المنافسة والالتزام الشديد بالجودة، وهذا ناجم عن امتلاك الصيادين التقليديين لقوارب كبيرة تتسع للثلج، لذا فإن نسبة الهالك من الأسماك تكون عادة عالية.
وتبين نتائج المنظمة أن نسبة استغلال الطاقات الإنتاجية للمصانع القائمة تتراوح بين 2 في المئة و 97 في المئة في مصانع الأسماك، كما أن المتوسط العام لاستغلال الطاقات الإنتاجية للمصانع التي تمت زيارتها يصل إلى 44 في المئة فقط، مما يعني أن هناك اكثر من 56 في المئة من الطاقة الإنتاجية معطلة وغير مستغلة ويرجع مسؤولو المصانع ذلك إلى عدة عوامل منها : عدم توفر المواد الأولية أي الأسماك بالكمليات الكافية على مدار السنة وتذبذب الإنتاج في بعض المواسم خاصة في الخريف وعدم توفر اليد العاملة الماهرة والمدربة تدريباً جيداً وضآلة حصص الصيد المخصصة لبعض المصانع المسجلة القائمة والتي لا تسمح السلطات بزيادتها، وعدم وجود بواخر مناسبة للصيد البعيد بالإضافة إلى وجود منافسة كبيرة محلية وخارجية من شأنها الحد من السوق وعدم استغلال كافة الطاقات الإنتاجية فضلاً عن أن نوعية المواد ليست دائما جيدة، وتؤكد المنظمة ان تأمين خامات الاسماك يعتبر من أهم المشاكل التي تواجهها المصانع لا سيما الكبير منها ولا سيما الأصناف التي تتصف بالندرة مثل اللوبستر.
وتطالب الشركات التي لا تمتلك رخصة للصيد الخاصة بها بمنحها تلك الرخصة لتمكينها من استخدام قوارب كبيرة قادرة على الصيد الجيد، وهذا من شأنه القضاء على مشكلة نقص كميات الأسماك المطلوبة للمصنع بالرغم من ذلك تتحمل الشركات مصاريف القوارب والوقود والعمالة وغيرها.
السوق والمنافسة
أما من حيث السوق والمنافسة فتشير بيانات المنظمة إلى أن مصانع الاسماك في دول المجلس تقوم بتصدير معظم إنتاجها من الاسماك إلى دول مجلس التعاون الخليجي ودول السوق الأوروبية المشتركة وأمريكا واليابان وكوريا الجنوبية ويتخصص بعض هذه الشركات في تصدير سمك التونا المعلب بينما يقوم البعض الآخر بتصدير اللوبستر والروبيان وأنواع الأسماك الاخرى كما تبين المنظمة أن الاسواق الرئيسية لمنتجات الأسماك هي الأسواق المحلية أيضاً والتي تستوعب 42 في المئة من إجمالي إنتاج الأسماك في المنطقة في حين تأتي الاسواق العالمية في المرتبة الثانية وتسوعب نحو 38 في المئة من إجمالي منتجات الأسواق في حين تأتي الأسواق الخليجية في المرتبة الثالثة وتستوعب 20 في المئة فقط من منتجات الأسماك في دول المجلس.
وقد أفاد المنتجون العمانيون المصدرون في السوق الأوروبية المشتركة أن دول هذه السوق تفرض رسوماً جمركية على وارداتها من الأسماك العمانية يتراوح بين 24 في المائة و30 في المئة مما يؤدي إلى وضع الأسماك الخليجية في موقف تنافسي صعب أمام صادرات الدول التي لا تخضع لمثل هذه الضريبة، كما أفاد المنتجون من المملكة العربية السعودية والإمارات إلى أن دول المجموعة الأوروبية تمنع استيراد الأسماك منها لأسباب تتعلق بالمواصفات الخاصة بنظام هاسب الذي يجري تطبيقه حالياً في عدد كبير من تلك المصانع.
كما أشار المنتجون إلى أن المنافسة الرئيسة التي يواجهونها في عملية التسويق للمنتجات الخليجية من الأسماك هي المنافسة الأجنبية التي تستند برأيهم إلى الأسعار والكميات المنتجة ومستوى الجودة والعلامة التجارية,
ويرى منتجون آخرون ان تحسين طريقة عرض الأسماك وتغليفها الجيد بالإضافة إلى التركيز على تلك المنتجات ذات القيمة المضافة العالية من شأنه ان يحسن عملية تسويق تلك المنتجات على أن يتم تسليم الكميات المباعة في الوقت المحدد ومثلجة بحيث تتم المحافظة على النوعية الجيدة للأسماك المصادة.
وتطالب منظمة الخليج للاستشارات الصناعية بضرورة تطوير قطاع صناعة الأسماك من خلال تطوير البنية الاساسية لها وهي إنشاء موانئ للصيد والمخازن ومصانع الثلج وتقديم الحوافز الهادفة لتطوير هذا القطاع من خلال تطوير الممارسات التقليدية في الصيد ودعم التوجه نحو إعداد البحث والدراسات الهادفة إلى تطوير هذا القطاع من خلال تقييم المخزون السمكي وتقديرات الإنتاج القابل للاستمرار من النواحي البيولوجية والاقتصادية في دول مجلس التعاون وإجراء بحوث تنموية أخرى تتعلق بتطوير أنظمة الإدارة، والتخطيط والإشراف على المصايد السمكية، بالإضافة إلى تطوير الموراد البشرية العاملة في مجالات الصيد وصناعة الأسماك، وضرورة استمرار الحكومات الخليجية في تحديث وتطوير البنية الأساسية بحرية لصيانة القوارب وإصلاح المحركات وتأمين مراكز بيع وتوزيع الثلج والقيام بإجراءات مسح شامل للشواطئ والمياه الخليجية لتحديد حجم المخزون من الأسماك وتوعية المواطن بأهمية الثروة السمكية والقيمة الغذائية لها، وتشجيع قيام أسطول خليجي يدار من قبل كوادر خليجية قادرة على استغلال المصايد وزيادة توفير فرص العمل للمواطنين في قطاع الثروة السمكية وتدريب الصيادين ورفع مستوى تعليمهم ودعم الوزارات المعنية إلى دراسة التوقف عن إصدار تراخيص جديدة لمصانع الأسماك نظراً لزيادة الطاقات الإنتاجية للمصانع القائمة والمرخصة والعمل على الدخول في مفاوضات سريعة مع سلطات الاتحاد الأوربي لإلغاء ضريبة الواردات على الأسماك الخليجية خاصة التونا والتغلب على مشاكل التصدير من خلال تطبيق المواصفات القياسية الخليجية والعالمية، ووضع معايير وضوابط واضحة لمنح تراخيص الصيد بشركات تصنيع الأسماك ودراسة جدوى استزراع الأسماك في دول المجلس، وضرورة دعم وتشجيع الدولة للمنتج المحلي بشتى وسائل الفرص والإعلان وإيجاد هيئات حكومية متخصصة لتأهيل الشركات الوطنية في كل دولة للتصدير إلى الأسواق العالمية إضافة إلى إنشاء جمعية خليجية لمنتجي الأسماك بهدف تطوير صناعة الأسماك والتغلب على المعوقات التي تواجهها.
|
|
|
|
|