يقولون,, إن الموت يفرق,, إذن ماذا نقول لهؤلاء الأقارب الذين لا يتواصلون ولا يتزاورون, وقد يولد لهم أولاد وبنات، فلا يعرف بعضهم بعضاً بعد حين، فهل مثل هؤلاء أموات أيضاً,؟! قد يكون هذا صحيحاً,, فهناك ميت الأحياء فقد يكون الموت موت القلوب، وهنا الطامة الكبرى، لا,, موت القلب يعني الغفلة والله سبحانه يحذر عباده من هذه الغفلة,, لانها وسيلة للعصيان والطغيان ونسيان الواجبات، فقال ناهياً ومحذراً,, ولا تكن من الغافلين,, وميت الأحياء يمشي بين الناس تفصلهم عنه حيويتهم وشعورهم بالخوف من الله وعقابه أما هذا,, فلا يفكر في شيء من هذا,, وتجده مزهواً بما يفعل، وقد يرى نفسه هو المصيب وغيره هو المخطئ، والميت الذي أدركه الموت هو من ودع الدنيا إلى الآخرة، وماذا أخذ معه يا ترى، وهنا يكون الحديث جاداً وعظة وعبرة.
لكن الناس يذهبون بالموتى إلى المقابر فلا يتعظون ولا يعتبرون وتمر عليهم ساعات قليلة,, ويزول من أذهانهم كل شيء مظهر للحدث، وللموت فوائد عديدة، لعل أهمها أن يجمع المتفرقين والمتقاطعين، والذين لا يعرفون عن أقاربهم على مدار الساعة واليوم أي شيء,, فإذا مات أحدهم تجمعوا للعزاء وتجد بعضهم على ملل,, متى ينتهي من مراسم هذا الحدث ليعود سيرته الأولى,, ولقد رأيت النساء أرق وأوصل من الرجال في كثير من الأسر,, أما الرجال فلديهم نعرة جاهلية,, وشموخ كاذب، ومودة كاذبة أملاها الشيطان, ورغم ان الموت يقرب الناس المتقاطعين بعضهم من بعض الا أنه لا يكون له التأثير الراسخ لدى البعض,, فصلة الرحم وتقارب الأسر من صفات المؤمنين,, وصلة الأسر قوة ودرع يحمي من تقلبات الزمان وصروفه,, وكما أن الموت يباعد الأحياء,, فهو في لحظة من اللحظات يجمعهم,, لكنهم لا يفكرون في هذه الفائدة، وسرعان ما ينسونها وكأنما الموت لم يأت ولم يفعل فعلته,, وهذا يدخل في باب الغفلة التي نهى عنها القرآن الكريم، والأولاد تبعاً لآبائهم، فإذا ما وجهوا الوجهة الحسنة من صلة للرحم وتقدير لكبار السن، وبيان ان العلاقات الأسرية ضرورة من ضرورات الحياة والدين، أخذوا بذلك، أما اذا أهملوا من الآباء والأمهات أيضاً، فإن الضياع هو النتيجة ولعل هذا سبب من أسباب ضياع العديد من الأسر، خاصة في وسط بلادنا,, لقد صلينا منذ أيام على خمس عشرة جنازة دفعة واحدة، واتجه الناس للمقبرة، وذرفت الدموع وعاد الناس إلى دنياهم وكأن شيئاً لم يكن، عجيب أمر هؤلاء الناس كيف قست قلوبهم، وحتى الموت لم يزل قسوة تلك القلوب,, اذن كيف يستعد أمثال هؤلاء للموت، اذا ما جاء وكيف يستعدون للآخرة؟
قال تعالى,, يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا,, وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيدا,, ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد .
|