| شرفات
دائماً ما يجذبنا بشير الديك للتحاور معه,, إما استفزازاً كما غرق حتى خمس سنوات مضت في تجاربه مع نادية الجندي، وكما رأينا اسمه الآن على تترات فيلم بمستوى أبناء الشيطان ، واما ترحيباً به ودعماً له في تجاربه السابقة,, ناجي العلي سواق الأتوبيس ضد الحكومة الخريف موعد على العشاء طائر على الطريق النمر الأسود ليلة ساخنة ضربة معلم أو تجاربه الآنية زمن العزلة كرؤية موضوعية للغزو العراقي للكويت,,والذي تنتجه الأخيرةُ وتحدث معنا عنه بإسهاب في الجزيرة قبل عام ونصف العام وفي ذات الحديث استعرض تفاصيل تجربته مع المنتج السعودي عباس العباس لتقديم سلسلة أفلام رسوم متحركة للعرض الجماهيري تواجه النماذج المشوهة لتاريخنا العربي والإسلامي وانتجتها ديزني لاند ,, وأبرزها أمير من مصر , وأشار الديك وقتها إلى انتهائه من سيناريو محمد الفاتح عن شخصية محمد بن القاسم الثقفي ,, القائد الإسلامي الذي لم يتجاوز 17 عاماً من عمره عندما فتح بلاد شرق آسيا, ولدى الديك عدة مشاريع أخرى وأجوبة عن تساؤلات لنا لكننا بدأنا معه بتطورات محمد الفاتح .
أنجزنا فيه الكثير فقد انتهى الفنان مصطفى حسين من تصميم الشخصيات وهو أيضا يشرف على الجانب التشكيلي في الفيلم ومعنا فريق من المحركين المصريين على أعلى مستوى كما انني أنهيت فعلياً إخراج جزء كبير منه ونستعد لعرض مقتطفات مما أنجزناه قريباً على النقاد الصحفيين قبل تفنيش نسخة نهائية من الفيلم.
* تجربة ثالثة لك في الإخراج ,, لكن ألا تراها مختلفة إلى حد كبير عن تجربتك مع الروائيين الطوفان و سكة سفر ؟
بالطبع إلى حد كبير,, وكنت أتمنى ان يخرجه محمد حسيب صاحب التجارب المتعددة في مجال الرسوم المتحركة لكن الموت لم يسعفه وبعد بحث مضنٍ عن بديل اقترح عباس العباس أن أخوض أنا التجربة ورغم اعتقاداتي ان البديهيات الإبداعية واحدة بين كل الفنون، ورغم اطلاعي على العديد من التجارب الأمريكية لأدعم خبراتي منها، إلا أنني انتظر بقلق العرض الخاص الذي سنقيمه للنقاد والصحفيين للاطلاع على رأيهم,, والاستفادة منه.
* أدهشنا وأنت تعمل في تجربة بتميز محمد الفاتح وتتحدث عن قانا أن نرى اسمك على تترات أبناء الشيطان واعتبرناه عودة لتجربتك مع نادية الجندي؟
أما أنا فأغضبني جداً وجود اسمي على هذا الفيلم، وأحب أن أوضح أولاً أنه يختلف عن أعمالي لناديه، فأنا معها أعلم أننا نضع سينما تفصيل لنجم,, وأدرك شروط هذه النوعية، أما أبناء الشيطان فكان من الممكن أن يكون فيلماً خفيفاً وظريفاً ضد التخريب ,, لو كان المخرج إنسانا آخر، وقد توقعت النتيجة النهائية للفيلم منذ البداية، عبر مناقشاتي,, ثم خناقاتي مع المخرج,, الذي فعل في الفيلم كل ما أراده,, ولم يلتزم بسيناريو أو بالقواعد السينمائية المعروفة، ولأنني أعلم المستوى الذي سيصل إليه الفيلم طلبت من البداية رفع أسمي من تتراته ,, لكنهم لم يلتزموا.
* لماذا لا تلجأ للجهات المختصة؟
لست متفرغاً للمشاكل القانونية والقضائية، تعلم أن لدي مشاريع عديدة تشغلني، ثم انه قبل كل شيء فيلم كتبته كحرفي وفق آليات السوق، ولم أسع فيه إلى أي طموح فني يجعلني أتألم لأي تلاعب فيه.
* طموح كما في مشروع الشجاعة ,, ألم تجد جهة منتجة له,؟
انتظرت أكثر من عشر سنوات وأخيراً وجدت المنتج واتفقنا مع المخرج نادر جلال لكن المنتج تعرض لأزمة صحية وسنبدأ العمل فيه قريباً.
* وقانا ؟
هذا من المشاريع التي يحزن المرء لتعطلها، كنت أطمح لفيلم قومي به نجوم مصريون وعرب، وبعد أن تحمس الزميل وليد الحسيني لانتاجه لنكرر تجربتنا في ناجي العلي ، عطلت الظروف المالية الفيلم,, واعتذر الحسيني عن الفكرة متأسفاً وحزيناً كما كتب في مجلة فن .
* لكنك تطرح مشروعاً قومياً آخر عن مأساة فلسطين,,هل لنا أن نقترب من تفاصيله؟
هو أيضاً رسوم متحركة وأنفذه كتابة,, انتهيت من المعالجة السينمائية فعلاً,, وإخراجاً، ومن المقرر ان ينتجه رفيقي في محمد الفاتح ,, المهندس السعودي عباس العباس ، وفيه نعود للبدايات الأولى لقضية فلسطين,, إلى مذبحة دير ياسين عام 1948، وأحلم بأن أقدم فيلماً استعراضياً جذاباً يقبل عليه ملايين العرب,, حتى لاننسى المذابح التي تعرض لها أشقاؤنا.
* ديرياسين,, واستعراض، ألا ترى الأمر شديد الصعوبة ويتطلب معادلات فنية دقيقة جداً؟
نعم كما تقول,, يحتاج إلى حرفية عالية في الكتابة والإخراج، فصحيح أنه يتحدث عن حقائق تاريخية، لكنه ليس فقط تسجيلاً لمذبحة رهيبة، بل أيضاً رؤية جدلية وربما متفائلة للواقع, هذه مذبحة سوداء إلى أقصى درجة,, وتدين فاعليها إلى أقصى درجة، وهناك قبور جماعية ضمت رفات مئات الشهداء الفلسطينيين من كافة الأعمار، لكنها رغم كل شيء لم توقف الحياة,, لم توقف نضال شعبنا في الاراضي المحتلة,, لم يتوقف عن تقديم المزيد من الشهداء ودفنهم بين الدموع والزغاريد,, وهاهي انتفاضة الأقصى تؤكد أن فلسطين ستظل عربية,, بحكم الجغرافيا والتاريخ,, وبإرادة الانسان أولاً.
* مازال تساؤلي مطروحاً عن كيفية الجمع بين الذبح والاستعراض؟
سأعيدك إلى بداية قصتي مع عذراء دير ياسين ، فالمشكلة الفلسطينية هاجس لاينام لدى كل مواطن عربي، وقبل أسابيع قرأت للأديب رجاء النقاش مقالاً بجريدة الأهرام عن مدرسة شابة كانت تعلم الأطفال في دير ياسين، وأراها في فيلمي تعلمهم الحب والغناء,, كما تعلمهم حقائق الجغرافيا والتاريخ، اسمها حياة تلابسي عاصرت المذبحة ونجحت ان تنقذ عشرات الأطفال منها,, تجاوز بعضهم الخمسين عاماً الآن، واستشهد بعضهم في الطريق، وفي كل الأحوال انجبوا اطفالاً,, أصبحوا رجالاً,, شهداء أو أحياء,, أنجبوا بدورهم أطفالاً يحملون الحجارة الآن، من هذا التناقض بين وحشية المحتل وجمال وبراءة واستشراف المدرسة حياة للمستقبل تولدت معادلة عذراء ديرياسين التي تذكرني بعذراء اليمامة أو بعذراء اللورين.
* هل نتوقع قرب تنفيذه بالتوازي مع سخونة أحداث انتفاضة الاقصى؟
المعالجة الفنية جاهزة,, وتبقى مشكلتنا بالنسبة للأفلام القومية في التمويل، فرغم أننا لم نكلف محمد الفاتح نصف تكلفة الأفلام العادية التي تنتجها ديزني لاند ، إلا أنه حمل المنتج عباس العباس فوق طاقته، فالجميع يعلم أن أفلام الرسوم المتحركة باهظة التكاليف إلى حد كبير، وأنا ورفيقي العباس متحمسان جداً لتنفيذ عذراء ديرياسين إلى أننا نسعى للحصول على دعم مادي عربي,, وربما تسمح الأجواء الحماسية والقومية التي تسود عالمنا العربي الآن بتحفيز البعض على دعم الفيلم,, لادعمنا.
عمر محمد
|
|
|
|
|