| شرفات
لاشك في ان قضية البوسنة والهرسك قد أحيت من جديد اهتمام العالم العربي والاسلامي بهذا الجزء المهم من العالم الاسلامي على المستويات السياسية والدينية والثقافية,, وقد فوجىء المتابعون لهذه القضية من المثقفين العرب والمسلمين بندرة الاعمال العلمية الجيدة في اللغة العربية حول الاسلام والمسلمين في البلقان ، الامر الذي أدى الى حالةمن الجهل التام بأوضاع المسلمين في يوغسلافيا وألبانيا والمجر وبلغاريا وكذلك علاقة مسلمي البلقان وهم جزء من قارة أوروبا بالبلاد العربية والاسلامية.
من ثم كانت المكتبة العربية تعاني من نقص شديد في هذه النوعية المهمة من الكتب التي تكشف عن غربة الاسلام في بعض الديار وجاء المستشرق نوريس بخبرته الممتازة وموضوعيته ليعالج اوضاع الاسلام والمسلمين في منطقة اوروبية مليئة بالصراعات القديمة والحديثة, وتم نشر الكتاب في تزامن مع الصراع العسكري الذي استمر لاربع سنوات بين مسلمي البوسنة وبين الصرب والكروات يقول نوريس:
تمت كتابة هذا الكتاب في وقت كان فيه المجتمع المسلم في البوسنة والهرسك يمر بكل أشكال المعاناة من قتل وذبح وطرد وتطهير عرقي على يد الصرب الفوضويين والاعضاء السابقين في الجيش اليوغسلافي وقد ادت هذه الاعمال الى خسارة عظيمة في الحياة الانسانية وسببت تدميرا كبيرا وتدنيسا خطيرا للآثار والمعالم الاسلامية في عدة مدن وبلدان مثل فوجا وجورازدي وبنيالوكا وموستار وسرافيو كما تم تدمير مجموعة مهمة كاملة من المخطوطات الشرقية.
ان مستقبل المجتمع المسلم في هذه الجمهورية قد تعرض للخطر واصبح مستقبلا غامضا ولا أعلم ان كان أصدقائي من البوسنيين المسلمين وغير المسلمين لايزالون على قيد الحياة.
ثم يضيف نوريس متعاطفا مع المسلمين في مقدمته للكتاب قائلا:
أرجو ان تؤدي هذه الصفحات الى احداث تقدير أعظم للاسلام في البلقان وان يتلقى هؤلاء الذين يعتنقون الإسلام ويموتون من اجله الدعم الكافي من إخوانهم في الدين عربا كانوا او غير عرب,, ولا يملك المرء المسلم إلا أن يضم صوته الى صوت الاستاذ نوريس لان الحرب وان وضعت أوزارها فإنها لازالت مستترة، وطاغية الصرب ميلوسوفيتش رغم سقوطه لايزال حرا طليقا دون ان يحاسب على ما ارتكب من مذابح.
وتأتي أهمية هذا الكتاب الاسلام في البلقان والذي ترجمه مؤخرا باقتدار الاستاذ عبدالوهاب علوب ضمن المشروع القومي للترجمة مصر في كونه كتابا يخاطب العامة قبل المتخصصين ويقدم من خلال ابوابه السبعة رحلة موجزة للحضارة الاسلامية في البلقان عبر القرون المختلفة وحتى القرن العشرين فيحكي من ابطال المسلمين والشعراء المتصوفة والقصص والتاريخ والعمارة كما يبين التأثير والتأثر ما بين مسلمي البلقان ومسلمي الشرق ورغم ان الكتاب لا يخلو من هنات تتعلق بمصطلحات استشراقية مرفوضة الا انه كتاب متعاطف يعطي رؤية بانورامية نحن في مسيس الحاجة اليها لتقريب الجسوربين المسلمين بعضهم البعض.
واذا كان نوريس يخلص الى ان مستقبل المسلمين في البلقان غامض ومحفوف بالخطر فعسى ان يكذب حدسه مستقبلا وان يستمر العرب والمسلمون في دعمهم لتلك القضية الحضارية حتى وان بدا ان الحرب الظاهرة قد توقفت ,, !!
شريف صالح
|
|
|
|
|