| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
في الصفحة الأخيرة من صحيفتنا الجزيرة ذات العدد 10341 والصادر في يوم السبت الموافق 26/10/1421ه أجاد وأفاد رسام الكاريكاتير الفنان هاجد عندما عبر عن معاناة المعلمين والذين يعانون مما يُسند إليهم من أعمال في كل عام، فتثقل كواهلهم وتفتر عزائمهم وتقلل جهدهم وتجعل الواحد منهم يشيب قبل أوان المشيب ويهرم قبل أوان الهرم ويتعرف على طرق المصحات النفسية التي تبرأ منها الوحدات الصحية المدرسية مع شدة الاحتياج لها في الآونة الأخيرة.
لقد كان رسم أخينا الفاضل عبرة للمعتبرين وتنبيها لأولي النهي ولأولي الألباب حيث رسم المعلم بصورة يرثى لها وهو يحمل على سندانة ظهره حمل الإشراف اليومي، وحمل المراقبة اليومية وحمل ال 24 حصة وحمل الانتظار وحمل التصحيح هذا مع العلم أن الأعمال تتزايد عاماً بعد عام وجهد المدرس يقل عاماً بعد عام ودبيب وجع السنين يسري في عروقه ويظهر أثره على عيونه.
نعم الوزارة تسعى جاهدة ومشكورة في تجديد المنهج وتطويره وتحديثه ولكن المعلم تطويره عند الوزارة كثرة الأعمال وكثرة الأحمال على كاهله، وما علمت ان المعلم والمنهج صنوان متّحدان وتوأمان لايفترقان وكل واحد منهما مكمل للآخر، ثم إذا رجعنا بأم أعيننا كرة وكرتين وجدنا أن الوزارة تهتم بالكم أكثر من الكيف وتهتم بالمنهج أكثر من منفذ المنهج وهذا الرأي ليس برأي رشيد ولا برأي سديد فالمدرس بشر له طاقة محدودة وله مقدرة محدودة فيجب ألا نتجاوزها أو نتعداها حتى لايفرط الأمر علينا ويطغى فنندم حيث لا ينفع الندم ونقول يا ليتنا ما فرطنا في أمرنا، ثم ألا يخطر ببال الوزارة أن هناك أشياء فطرية لدى المعلم فطره الله عليها مثل الصبر والتصبر وقوة الاحتمال أو الانفعال وسرعة الغضب وكالقوة الجسمية أو العقلية,, وعموماً بين سائر المعلمين فروق فردية عرفها من عرفها وجهلها من جهلها فكيف تأتي صاحبة السيادة الوزارة وتجعلهم سواسية كأسنان المشط وعلى وتيرة واحدة وسجية واحدة وتخالف ما فطر عليه الانسان وما عليه جبل وتحمل المعلم مالا طاقة له به؟ كيف تأتي الوزارة مشكورة وتجعلهم متساوين في عدد الحصص وفي الإشراف وفي المراقبة وهم أصلاً متفاوتون في القدرة والمقدرة وفي العمر العقلي والعمر الزمني وهل يعقل أن تساوي بين شاب في مقتبل عمره لم يخدم إلا سنين محدودة وبين كبير في السن يتقاعد اليوم أو يوم غد وقد ذبل عوده,,, ليت شعري كيف تكون المساواة وكيف يكون الاحتمال بعين من فتر عزمه وقل جهده وارتعش طرفه وبعين شاب مفتول العضدين ويحتفظ بجميع قواه الجسمية والعقلية؟ ألا يحق لنا وبكل اعتزاز وفخر أن نقول عن هذه القسمة بأنها قسمة ضيزى ونطالب بالقسمة العادلة التي تراعي مدى مقدرة المدرسين ومدى قوة احتمالهم وقوة صبرهم؟, وهل هم بحق وحقيقة يقدرون على حمل جميع ما أنيط بهم من أعمال وأحمال منهجية أو لا منهجية؟, وان نسينا ما نسينا فلابد أن نذكر أن طاقات وملكات المعلم بطبعها تقل كلما تقدم به العمر ومضى عليه الزمن وليس عند وزارة المعارف عصاً سحرية تحول بها الضعف الجسدي إلى قوة وليس في مقدور مشرطها التعليمي منح القوة الخارقة لتحويل المستحيل إلى ممكن والممكن إلى مستحيل.
وعموماً فإن هذه الأحمال والأثقال مجتمعة ترهق المدرس وتقلل من نشاطه التربوي والتعليمي وبالأخص النشاط المنهجي وان هذه الأحمال مجتمعة الإشراف اليومي والانتظار وال24 حصة حمل ثقيل وثقيل على كاهل المعلمين ومضرتها اكثر من نفعها وإليكم الدليل:
أولاً: إن كثرة هذه الأحمال والأعمال والواجبات تكون على حساب المادة التعليمية والتربوية للطالب لأنها أي الواجبات الكثيرة تأخذ من جهد المدرس ومن وقته ومن قوته الشيء الكثير الكثير فبدلاً من أن نستفيد من جهده وطاقته في الفصل تربية وتعليماً نرى ان هذه الواجبات الكثيرة تصرفه عن ذلك.
ثانياً: إن المدرس أي مدرس وليكن مدرس الرياضيات عندما يخرج من الفصل ثم يتوجه إلى الإشراف ثم من الاشراف إلى الفصل طيلة يومه فهل ذلك لايؤثر في عطائه وفي مقدرته؟ وهل يعقل أن يواصل المدرس بين الساعة والساعتين والثلاث وهو واقف على قدميه؟ ثم إذا لم ينفد نشاطه الحركي فهل يعقل ألا ينفد نشاطه الذهني والعقلي؟, وهل لديه طاقة ذهنية وعقلية وجسمية تفوق البشر؟ ولماذا المعلم بالذات الذي لاينظر إلى مدى قدرته ومدى استطاعته؟ فهل هو من معدن غير معادن البشر؟, إن الآلة الصماء عندما نريد استعمالها لابد أن نعرف مدى قوتها ومدى مقدرتها وطاقتها ولانحملها ما لا تستطيع حتى لا تعطب فكيف بإنسان ذي مشاعر وجوارح وذي تغير وتبدل!, ثم الآلة لو احتاجت إلى تبديل وتغيير بعض أجزائها فذلك أمر سهل ويسير أما المعلم فأمر مستحيل.
ثالثاً: إن هذه الأحمال والأعمال التي رسمها الأخ هاجد على كاهل المدرس جعلتها الوزارة عامة وشاملة على عموم المدرسين من قاصيهم إلى دانيهم من خدم عاماً ومن خدم ثلاثين عاماً ونحن نعلم علم يقين أن هناك فرقاً شاسعاً بين العمرين في النشاط وفي قوة الاحتمال فكيف تأتي الوزارة وتجعل الرجل الذي في الثلاثين أو العشرين من عمره مساوياً للرجل الذي بلغ خمسين عاماً من عمره؟! علماً بأن النشاط والقوة والحيوية تتدرج في الأفول إلى المغيب كلما تقدم بالانسان العمر وهذا من طبيعة الخلقة البشرية وجبلتها وسجيتها يعرفه قبلنا رجال التربية والتعليم.
نعم المدرس قد يحمل هذه الواجبات وحَمَلَها ولكن حملها من باب مكره أخاك لابطل ومن باب لقمة العيش ولكن مهما حاول ويحاول فبنيته الجسمية والعقلية لا توافقه فيؤديها كما ينبغي لظروفه الجسمية والنفسية والبدنية والعقلية التي أخذت في الاندثار والضياع والوزارة لا تستطيع إصلاحها وتجديد عملها فهي ليست من غزل مغزل وزارة المعارف فتعيد تجديد خيوطها أو تبديل وبر غزلها وليست من خيط إبرة تربيتها وتعليمها فترقع ما انشق منها وكما قيل إذا اردت ان تطاع فاسأل المستطاع فعلينا أن نطالب المعلمين بما في مقدورهم وبما في استطاعتهم وكل حسب مقدرته الجسمية والعقلية وكلما خف الحمل زادت الطاقة وكبرت الاستطاعة وزاد العطاء وأخذنا بالكم وبالكيف وصناهما وحافظنا على مصدر الطاقة ومنبع الحيوية ودام لنا العطاء وجني الثمار بدل الارهاق وتبديد الجهد والطاقة فيما لايعود علينا بكبير فائدة.
عبدالرحمن سلمان الدهمش
الدلم ثانوية الملك سعود
|
|
|
|
|