تضجُّ في داخلي الأسئلة,,,
والأسئلة حين تتقاطر، تتحول كدبيب النَّمل، وكخلية النَّحل,,.
الأسئلة مفاتيح,,,، ومن تركها قسر نفسه داخل زنزانة لا نوافذ فيها للهواء,,.
والإنسان الذي لا يسأل، لا يدري، والذي لا يدري لا يعيش,,.
ولكي تعيش,, لابد أن تدري,,,، ولكي تدري لابد أن تكون في يديك المفاتيح,,, الأسئلة,,.
وحين تكون فإنها تخرج من صندوقها الداخلي,,.
تضجُّ في داخلي الأسئلة
وغالباً ما يشعر المرء بضجيج الأسئلة,,, يفرح بها,,, وربما يضيق بها,,.
ولا يفرح بها إلا من يستطيع ولوج كلِّ ثغرة ينفذُ منها للإجابة عن الأسئلة أو عن جزء مما تدور فيه,,,،
ولا يضيق بها إلا من يعجز عن ذلك,,.
والأسئلة لا تنام,,.
فهي تتَّصف باليقظة,, تظلُّ تتحرَّك ، تتقلَّب,,,، تمشي,,,، تجلس,,, لكنها لا تنام,,,، الأسئلة سياطٌ تجلد,,,، ورياحٌ تهيج,,,، ونارٌ توقد,,,، وموجٌ يضطرب,,,، وبرقٌ يلتمع,,,، و,, كلُّ شيء له صوت ، وكلُّ صوتٍ فيه من أثر السؤال سؤال,,.
مَن يتحسَّسُ بيده صدره أو عقلهُ، ثمَّ لا يلبث يؤكد أنَّ مرجلاً يصطلي في داخله,,, يتكوَّن من الأسئلة؟!
ومن يرفع عقيرته كلَّما عنَّ له أن يبوح بتعب الأسئلة؟!,,, فلا ينكر رهقها؟,,.
الأسئلة تلاحق الإنسان، تدور حول حماه وتدخل، فالأسئلة لها خاصية الاقتحام إذ هي لاتدور وتوشك,,,، بل تدور وتقتحم!,,.
الأسئلة كومة من الصخور، أو الحجارة، أو الحصى، لا تقف دون طَرق أفكار الإنسان، واقتحام مجالي العقل، والاحساس فيه,,.
الأسئلة سِربٌ من بذور التَّحدِّي,,,، وأرطالٌ من قطرات الوعي,,,، ,,, وهي المراكب التي تُقلُّ الأماني، والطموحات,,,، والمكاشفات، وقابلة لأن تكشف عن كلّ مُخبأ في الإنسان صاحب القدرة على إخفاء كلّ ما لا تستطيع أن تفعله الأسئلة، أو يداريه الجواب,,.
ولئن كان نصف العلم الاعتراف بعدم العلم,,, فإن كلَّ العلم نهوض الأسئلة من مكامن الصَّمت,,,، فالصَّمت الراقد كالطير فوق سرب الأسئلة,,, كمونٌ تأتي بعده الولادات لحياة الإجابات,,, تلك التي تثري تربة الوعي، بوعي الذي يُدرَك من رحم الأسئلة في صفاء الصفحة البيضاء تلك التي تستقبل في وعي الإنسان ملامح الإجابات الكامنة وراء إشارات دلالاتِ ما تحمل الأسئلة من معانٍ,,.
هل فكَّر من يفكر كيف تضجُّ الأسئلة؟
إنها تضجُّ كالبركان النائم في لحظات كمونها، وسرعان ما تنطلق كأسراب الحمام بعد أن تكون قد توالدت وتوالدت كي تبعث في صفحات المدى بما تحمله أجنحتها من وهج الدلالة تلك التي كانت نقطة البدء /النهاية/ البدء في ضجيج الكون، وفي كمون الضجيج,, ومن ثمّ,,, من ترهقه تداعيات شلَّال الأسئلة حين تنطلق فتكتسحه ضمن ما تكتسح في انطلاقتها,,, تلفُّه في دواماتها، تنقله من أرضه المنبسطة المتعرجة إلى مداه الطبقي كي يدخل من كمون إلى آخر، ومن خفايا لسواها، ومن أودية لأخرى,,, ومن ثمَّ يعود وقد لمعت في أطرافه بوارق الحقيقة بوعي الحقيقة أن لا شيء أجمل من الحقيقة,,, تلك التي تكمن في بوتقة السؤال,,.
أوَ ليس السؤال مفتاح المعرفة؟!
إذن فإن السؤال هو بوابة العلم,,,!! ونافذته,,,!!
إذن فإن كمون الكمون في تكوين المفتاح والنافذة والبوابة,,, هو شرط الوعي وإن لا وعي دون الاستهلال برهَق السؤال,,,، بشظف التوجُّس,,,، بصمت التَّرقب,,, بشيءٍ من أبجدية الجهل,,,، وبكثيرٍ من استفهام استلهام السؤال كي يلتحم الجزء بالكلِّ، وما وراء بما أمام، وما فوق بما تحت، وما أبعد بما أقرب,,,، وما لم يكن بما كان,,,، وما لا يُدرى بما يُدرى,,,، وما لا يكون بما يكون,,, في بَدءٍ مجهولٍ إلى بدءٍ معلوم,,,، والسؤال ضجيجُ كلُّ ذلك في ملكوت الأزل الذي لا مدى ينتهي إليه كي لا يكون أبداً لا يتبوتق داخل صومعة الصمت ومن ثمَّ منطلق الضوء,,.
والسؤال هو بذرة كلِّ ذلك
وهو ثمرته,,.
و تضجُّ في داخلي الأسئلة ,,.
|