| أفاق اسلامية
* الجزيرة خاص
الاقليات المسلمة وخصوصاً في البلدان الغربية تعاني من مشاكل في تأقلمها مع عادات وتقاليد تلك المجتمعات، بحيث لا يمس ذلك التأقلم القيم والعادات والاخلاق الاسلامية، والمعاناة له اوجه عديدة، تتجلى على شكل حالات تتكرر كل يوم وكل ساعة، وهي حالات مستمرة وليست وقتية، وبلاشك ان الاقليات المسلمة بحاجة لحلول واقعية تستند الى الاصول الاسلامية الصحيحة,, وتلك هي احدى القضايا التي تهم المسلمين,, فكيف يمكن النهوض بتلك الاقليات داخل دولها؟
كان ذلك هو المحور الاساس الذي طرحته الجزيرة على عدد من العاملين في الساحة الاسلامية.
ثلاثة أقسام للأقلية
يقول الدكتور محمد بن علي الجوزو مفتي جبل لبنان: هذه الاقليات لها دور هام في دول الغرب، اذا ادركنا كيف يمكن ان يكون لها تأثير سياسي واقتصادي وثقافي في هذه البلاد، لان هذه الاقلية تنقسم الى ثلاثة اقسام:
القسم الاول: هم المثقفون الدارسون، واساتذة الجامعات، والاطباء، والمهندسون، وخبراء يسهمون في تطوير الصناعة في الغرب.
القسم الثاني: هم التجار، ورجال الاقتصاد العاملون في هذه الدول، والمقيمون فيها، وهم في اكثريتهم ناجحون واثرياء، وتجار يتعاملون مع الغرب من باب الاستيراد والتصدير.
القسم الثالث: العمال، والفنيون المهرة الذين يعملون في المصانع المختلفة، ويتناولون اجوراً رخيصة لقاء ما يؤدونه من مهام كبيرة في نهضة الصناعة الغربية.
والفئتان الاولى والثانية يوجد فيهما من له علاقات قوية مع رجال السلطة والحكم، ومن هو متخصص في قضايا السياسة والاقتصاد في هذه البلاد.
ولابد من القيام باحصائية لكل فريق على حدة، ومحاولة الاتصال به، وايجاد صلة بينه وبين المركز الاسلامي الموجود في أي منطقة من المناطق التي يسكنها هؤلاء وذلك للاستفادة من خبرة هؤلاء، وايجاد نوع من التعاون معهم، واستشارتهم فيما يعود بالفائدة على المسلمين للنهوض بشانهم.
ويؤكد د, الجوزو ان المصلحة تقتضي ان يبحث المركز الاسلامي عن بعض هؤلاء المثقفين، للاسهام في اعطاء دروس لغير المثقفين في اللغة وفي الدين، للمساعدة على محو الامية الشائعة بين طبقة العمال واسرهم، الامية في الدين، والامية في اللغة، والامية في السلوك.
ولابد ان ترعى ذلك مرجعية اسلامية كوزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد في الرياض، او رابطة العالم الاسلامي، او اية جهة مسؤولة، ويمكنها دعم هذا التوجه بالوسائل الموجودة في مثل هذا الحال,, مع العلم ان المملكة العربية السعودية بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لا تبخل على هذه المراكز بما يعينها على اداء مهمتها، والقيام بدورها على اكمل وجه.
ان تنظيم وضع الاقليات في الغرب ضرورة تحتمها اوضاع الامة العربية والاسلامية، حتى نستطيع ان نرفع من مستوى ابناء الجاليات الاسلامية، ونحولها الى طاقة تخدم مصلحة الامة، وتعزز موقعها في الدول التي توجد فيها هذه الاقليات.
الجمع بين الحسنيين
اما الدكتور صهيب عبدالغفار رئيس مسجد ومركز التوحيد بلندن قال: هناك اقليات مسلمة في معظم بلدان العالم ممن لا يعتقدون اعتقاد الاسلام، ويختلف وضع هذه الاقليات من بلد الى بلد، فمنها ماهي مضطهدة في بلادها، ومنها ما تعاني من الفقر والبؤس ما يجعلها ضعيفة البنية والاساس، ومنها ما عرفت بالانتعاش الاقتصادي ووضعها وضع آمن مثل الاقليات المسلمة في جنوب افريقيا، وامريكا، وبريطانيا، وفرنسا.
والمهم ان تجمع الجالية بين الحسنيين وضع اقتصادي طيب ووضع ديني قوي، فاذا كان الاول يحفظها من ان تكون عالة على الآخرين، يساعد العامل الثاني على حفظ اخلاقها، ودينها، وقيمها.
ولذلك نرى ان اية اقلية مسلمة لا يمكن ان تزدهر وتنمو وتنشط الا اذا جمعت بين العاملين المذكورين آنفاً، اي القيام بانتعاش اقتصادي جيد، والقيام بالمحافظة على امور دينها حتى تبقى لها صلة قوية بالله تعالى، الذي هو بيده ملكوت كل شيء.
التعامل مع الواقع الجديد
ويؤكد الدكتور نديم محمد الياس رئيس المجلس الاعلى للمسلمين في المانيا ان وضع معظم الاقليات المسلمة في العالم وبشكل خاص في اوروبا اصبح وضعاً مستقراً دائماً، فلم يعودوا جاليات نازحة تنتظر العودة الى موطنها الاصلي بعد حين، بل اصبحت الدول التي يقيمون بها موطناً لهم، وللاجيال المتعددة التي ولدت ونشأت بها، وان الوضع القانوني في المانيا واوروبا يضمن حرية المعتقد، وحرية ممارسة الدين، والواقع الاوروبي يظهر استعداداً كبيراً لاعطاء هذه الحريات والحقوق، الا ان طبيعة المجتمع الاوروبي التعددي تنطلق من التنافس والتصارع بين القوى المختلفة، ومن ضرورة الكفاح من اجل الحصول على الحقوق على ساحة الواقع، وهذا ما يجب ان تتقنه الاقليات الاسلامية في الغرب، وروح الكفاح من اجل الحقوق الدينية والاجتماعية يتطلب من الاقلية المسلمة ان تتعامل مع واقعها الجديد كشريحة دائمة من شرائح هذا المجتمع تفاعلاً ايجابياً، وذلك بتوفير العناصر الآتية:
1 المحافظة على هويتها الاسلامية.
2 رفع الكفاءات، وتنمية الطاقات.
3 التواصل الاجتماعي الحضاري مع بقية شرائح المجتمع.
4 المحافظة على قنوات الاتصال والتبادل بين مسلمي الغرب وبقية اقطار الامة الاسلامية.
التحدي الحضاري الكبير
ويشير د, نديم الى ان الاقليات الاسلامية في الغرب تمر بتحد حضاري كبير، فان لم تفلح في مواجهة هذا التحدي لا سمح الله فستذوب في المجتمع، وتفقد هويتها وتميزها، وسترسّخ لدى الغرب التصور الجاحف ضد الاسلام والمسلمين، وادعاءه بتأخر الاسلام وعنفه وهمجيته، وان قامت بعون الله باثبات جدارتها امام هذا التحدي فستكون افضل جسر يوصل دعوة الاسلام وسماحته وقيمه الى المجتمع الغربي، ويوصل مكتسبات الغرب الى بلاد الاسلام.
واننا في المجلس الاعلى للمسلمين في المانيا قد دعونا ابناء الاسلام في المانيا الى: المحافظة على اصالة الانتماء وسلامة الهوية، والاستفادة من فرص المواطنة المتاحة ومنها التجنس من اجل الاستفادة من الحقوق المقررة، والمشاركة الايجابية الفعالة في جميع ساحات الحياة الاجتماعية وفق قواعد الشرع، والاعتدال في السلوك والمنهج، ونبذ الخلاف الداخلي، والتنديد بالافراد والمجموعات التي تمارس العنف وتخرج عن دائرة الشرع والقانون، والانطلاق من الواقع الالماني في تحديد الاهداف، واختيار الوسائل، ووضع الخطط والبرامج، وان يوجه الجهد اساساً الى المحيط الذي نعيش فيه، والمحافظة على الصلة بمواطن الاصل لابناء المسلمين، والاستفادة من الرصيد الايجابي في الامة الاسلامية.
|
|
|
|
|