حروف الشعر أدمعها توالى
وماء الحزن ما سكن انهمالا
بليل الأربعاء دهت ربانا
مصائب زعزعت فينا الثقالا
يقول أربنا أحسن عزاءً
فقلت بمن؟ فسال الدمع سالا
أما تدري بأن الشيخ ولّى
وقد قاسى من المرض الطوال
فقلت أراك تلقيها جزافاً
تثّبت لا تقل فينا الخيالا
فقال ألا تسلم؟ ذا قضاءٌ
قضاه لنا بحكمته تعالى
نعم شاء الإله له ارتحالاً
ونبقى نحن نرتقب ارتحالا
مضى الجبلان، قد سبق ابن بازٍ
وقد لحق العثيمينُ الرجالا
قوافل عزةٍ تركت ثرانا
ومن أرباعنا طوت الرحالا
رزئنا كيف لم نرزأ وهذي
فواجع في مصائبها توالى!
لموت العالم النحرير خطب
عظيم من حنايانا فنال
رزئنا والدُّنا ضجت بكاءً
وليت بكاءنا يحيي الذبالا
سنبكي والدموع تسح حزناً
ونسكب من مآقينا السجالا
لعلَّ الجرح يسكن أويحابي
ولست أرى لمنشئه اندمالا
لقد رحل الزهيد بكل شيءٍ
من الدنيا، فقد هجر الريالا
أراد كفافها قوتاً يسيراً
يبلغه، وما رغب النوالا
أقام بها يعلم في اصطبارٍ
على الجُهّال ينشئهم رجالا
فكم من تائهٍ قد ضلّ درباً
هداه، إلى حقيقٍ ليس آلا
وكم من شائكٍ روّاه فهماً
فأرخى حينما ورف الظلال
تصدى للعلوم فنال كمّاً
جليلاً، لا نطيق له اكتيالا
أتسأل عن غوامض هاك فتحاً
لديه جوابها، فاطرح سؤالا
إذا انفتقت مسائل غامضات
يرتِّقها فيكسوها جمالا
وإن مالت لدربٍ غير حق
يوجهها فتعتدل اعتدالا
كأني يالقصيم تذوب شجواً
وقد عزت ميامنها الشمالا
وكل الكون ضجَّ بموت فذٍّ
سقانا من مآثره الزلالا
فذا شرحٌ وذا تحقيق قولٍ
وذاك الرأي لا يرضى الجدالا
بجامعه الكبير نمت عقول
وقد شربت بمنبعه القلال
فيا للعمر في علمٍ تقضّى
ويا للشيخ في سمت تلالا
له قول رصين ذو اتساقٍ
يدعمه الدليل، فخذ خِلالا
فتاواه الجليلة مثل عقدٍ
بهيِّ النظم، قد وُشيت كمالا
تزين الشيخ أخلاق حسان
وآداب، فقد جمع الخصالا
لقد رحل الإمام إلى حياةٍ
تدوم، ويرتجي فيها النوالا
لنبقى نحن في دار ممرٍ
ونبقى نحن ننتظر الزوالا
نذير الموت يطرقنا ونحيا
على لهوٍ، وقد ننسى المآلا
لقد مات الألى بلغوا المعالي
ولم يرضوا لغايتهم سفالا
حروف الشعر أدمعها سجام
ودمع القلب ما وقف انهمالا
سنبكيهم وفي الأحشاء نار
من الأحزان تشتعل اشتعالا
لعلَّ الله أن يجلي أسانا
ويخلفنا بهم خيراً، تعالى