| عزيزتـي الجزيرة
في أحد أيام "دواء القلوب" أقصد رمضان كنا نسير في السيارة رجوعا من أحد الأماكن وفي الطريق أذن المؤذن إيذاناً بالإفطار فقلنا علّ الله أن يغفر لنا تأخيرنا بالفطر لأجل أنه لا يوجد عندنا من طعام وتمر لكن استوقفتنا مطبتان صناعيتان وبينما نحن منهمكون في الخروج منهما إذ رفع ذاك الآسيوي المسلم يده للنافذة أن كل ولا تؤخر الفطور وادعوا لنا بالخير وهكذا هو مع كل سيارة تأتي يرفع لها ذلك الوعاء طلبا لأجر الإفطار وهو على قدم وساق طوال تلك المدة,.
صورة أخرى,, بعد صلاة التراويح في الحرم وفي رمضان هذا العام انطلقت في الدور الثاني بحثا عن سماعة تنقل لي درس فضيلة الشيخ "صالح اللحيدان" الذي كان في صحن الحرم والمسافة طائلة بيني وبينه وبينما أنا كذلك إذ سمعت أطفالاً صغاراً يتلون القرآن بحثت عن مصدر الصوت فإذا أب صالح آسيوي أيضا يملك غلامين الأول يقارب العشر سنوات والآخر سبع سنوات تقريباً وقد أمسك بالأول يسمع له الحفظ وترك الآخر ينتظر الدور ويراجع حفظه بأقصى سرعة خوفا من أن يدركه الوقت ولم ينته,, تركتهم وأطلت الوقوف انظر للكعبة من أعلى فلما رجعت فإذا الولد الأول مازال يسمع فتعجبت كم كان يحفظ ولا أعلم إلى الآن كم كان مقدار حفظه الطويل؟,.
صورة أخرى,, ذكرت لي إحدى الأخوات أنها بعد صلاة العيد خرجت من المسجد تنتظر ذهاب الرجال من بعد انقضاء الصلاة فلما رآها الآسيوي ملتصقة بالحائط اعتقد أنها محتاجة فأدخل يده في جيبه ليخرج نقوده التي بذل عرق جبينه للحصول عليها لكي يقاسي بها عناء الحياة,, فأبى إلا أن يكون السباق للجنة أولا,, وهكذا ذكر لي الكثير عن مبادراتهم في الإنفاق وتسابقهم في البذل فلا يخسر مسكين مد يده إليهم,.
صورة أخرى,, في ليالي رمضان وفي أيام القيام خصوصا ترى المساجد تضج بهم رغم ان طول السهر يضعف نشاطهم في النهار وهذا عندما يستيقظون من بعد الفجر ليبنوا المباني ويحملوا الأثقال ويشدوا الحبال فهم في الليل ما بين باك وراكع وساجد وعابد وفي النهار عمل شاق لجني ثمار الرزق بينما تجد بعض المواطنين رغم إجازاتهم وكثرة نومهم قل ما تجدهم في القيام منكبين وللصلاة متمين فأين البقية من السباق وسعودة المساجد,.
صورة أخرى,, في صباح العيد تراهم يخرجون أفواجاً بملابس العيد الجديدة مشيا على الأقدام يبهرك الترابط بينهم وتطبيق السنة والاهتمام بها فترى نعمة الإسلام قد ظهرت عليهم,.
صورة أخرى,, كان قد أتى إلى المملكة خياطاً في أحد محلات منطقتنا لكن قدر الله ويسر أن يكتشف ذلك الآسيوي انه حافظ للقرآن بقراءاته السبع يتقنه اكثر من العرب أنفسهم إن تكلم بغير القرآن فكلامه مكسر وما ان يتلوه فذاك اللسان المستقيم,, طلب منه أن يترك عمله ويعمل في أحد المساجد معلما للقرآن رغم أن الدخل سيقل فوافق دون تردد وهاهو الآن قد خرج أجيالاً حفظة قد كرمتهم منطقةحائل بحضور وكيلها.
صور مشرقة لأقوام شدوا الرحال ابتغاء أجر عظيم,, ما عاشوا كما نرفل بالنعيم,, يريدون الغلبة في السباق ليفوزوا وليدخلوا الغرفات آمنين,, نخجل إن قارناهم ببعض شبابنا المترفين وهذا الترف سبب الخمول الذي اثر في قواهم فلو اعطيت أحدهم طوبة ليرفعها ما استطاع متأففين من العمل والدراسة وهم على طاولة وكرسي دوار فكيف لنا أن نجاهد ونحرر القدس ما دام بعض أبنائنا خائرين بل ميتين في جسد أحياء,, أما أولئك فقوة في الأجسام وعمل كادح ليل نهار,, عبادة ليس لها مثيل فالمساجد تضج بهم والحرم ممتلىء بالطائفين والعاكفين منهم,, حجاب نسائهم حجاب محكم عند اكثرهم ليس فيه كشف لوجه أو خروج ليد ,, وكل هذا رغم الحروب والفقر وقلة الحيلة والجدب,, فيالله لهم ويا الله علينا فلم لا تتسع السعودة في سباق الخير؟.
أنوار الغريب
حائل
|
|
|
|
|