|
| الثقافية
يعد الدكتور منصور الحازمي من اوائل العائدين الى جامعاتنا في فجر انشائها بوعي اكاديمي يدرك قيمة الادب والثقافة، وهو من اوائل النقاد المعاصرين في المملكة، وله عدة اعمال رائدة لعل ابرزها رسالته للدكتوراه التي تتحدث عن الرواية التاريخية في الأدب العربي، وهي اول كتاب يتناول ابداعات محمد فريد ابو حديد بوصفه رائداً للرواية التاريخية في العالم العربي.
والدكتور الحازمي من رواد النقد السردي في المملكة اذ ألّف اول كتاب عن فن القصة في الادب السعودي الحديث، وهو من المراجع الرائدة التي لايستغني عنها الباحثون وطلاب الجامعات.
ويُحمد للدكتور الحازمي مناصرة الاتجاهات الفنية الحديثة، وابراز الجوانب الابداعية في الأدب الجديد وقد توسل في ذلك بذائقة سليمة، هذبتها الدربة، وتحليل مقنع، يضع في اعتباره تهيئة ذائقة مناوئة تستسيغ ما يخالف مألوفها، ومحفوظاتها الازلية، وذاكرة تستغفر نوافذها من اوشاب كل جديد طارئ يدهم جدرانها الصلبة، ووجودها المكين برياح التجدد والتغيير.
وقد قدم الحازمي هذا الأدب بروح معتدلة، وأسلوب هادئ ينم عن حاسة نقدية مرهفة، ويراوح بن رقة الفنان، وصرامة الاكاديمي مبتعداً عن الابتذال والتعالي الفج أو الانسياق خلف الشعارات التبشيرية والروح الهجومية النزقة التي تستحث مواطن الرفض الشعوري فيه لإيحائها بإلغائه والقيام على انقاضه.
ولم يهمل الحازمي في خضم ذلكم الدور اعمال جيل الرواد، فقد درس اوائل الاعمال الابداعية التي ارتآى فيها كوى واعدة تشي بتنامي التجربة الإبداعية وتطورها.
وكان لرؤاه المتزنة دور كبير في تقبل الاشكال الإبداعية الجديدة، بالإضافة الى عدم اعتماده على المذاهب والمناهج النقدية الحديثة المنبثقة من تصورات فلسفية، وأرضية ايدولوجية، والموغلة في الجفاف العلمي، المتعالية بطلاسمها واحصاءاتها ومصطلحاتها.
ومن اعماله الرائدة الإسهام في ترجمة الادب العربي، ورصد الانتاج النثري عن طريق معجم المصادر الصحفية.
والدكتور الحازمي ببحثه الدؤوب، وقدرته على المثابرة، واخلاصه للعمل الثقافي والإداري والاكاديمي، جدير بحصوله على جائزة الملك فيصل العالمية في الادب العربي، وفي فوزه وتكريمه تقدير للجهد النقدي المحلي وإيذان بمراجعته مما يحتم علينا تفعيل دوره، والالتفات الحقيقي اليه دون ان ننتظر نبأ فوز مبدعينا ومفكرينا بالجوائز الذي يأتي كرشقة ضوء تلج اروقة معتمة مذكرة بقاماتهم السامقة، ومنجزاتهم الماثلة على نطع الاهمال والتي لانلتفت غالباً الى قيمتها الناجزة، ودورها الفاعل الا بعد ان تتدثر في صقيع الانتظار ببريق الجوائز وسحر الاوسمة.
كما لا ينبغي ان يكون احتفاؤنا بفوز مبدعينا موسماً عابراً لترويج المشاعر المؤقتة والرؤى الانطباعية المسطحة بعيداً عن الاحتفاء الحقيقي بعقد الندوات الجادة، واعداد الابحاث العميقة، والدراسات الناضجة إذ لا يخفى ما يترتب عليها من تخصيب مشهدنا الثقافي واثراء اعمالنا الابداعية والفكرية.
|
|
|
|
|
