أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th January,2001 العدد:10346الطبعةالاولـي الخميس 30 ,شوال 1421

مقـالات

ومن لهؤلاء,,؟
د, فهد حمد المغلوث
لا أحد ينكر مطلقا جهود الدولة في تقديم الخدمات الحياتية والضرورية للمواطن وتوفير اغلب مستلزمات الحياة الكريمة الهانئة له بداية من توفير الرعاية المتكاملة بشتى صورها منذ طفولته إلى نهاية المراحل التعليمية مرورا بتوفير الوظيفة المناسبة وتوفير الاجواء الملائمة التي تساعده على العطاء وتدفعه للانتاجية, ونهاية بتقديم الخدمات المساندة التي تشعره بالأمان الوظيفي, والشواهد العملية أكثر من أن تحصى أو يشار إليها في هذا المجال لأنها واضحة وملموسة ومتكررة بشكل يومي وبأشكال متعددة.
والدولة حينما قامت وما زالت بتوفير الوظيفة لكل مواطن كانت تدرك تماما وتحس المسؤولية الحصيفة ان هذا جزء من واجباتها تجاه المواطن لأنه هو العجلة المحركة لتنمية المجتمع وهو الثروة الحقيقية التي يجب أن تُحمى وتُصان وتنمى ويستفاد منها لأن الوطن طال الزمان او قصر ليس له الا ابناؤه.
ولكننا اليوم أمام متغيرات ومعطيات جديدة جعلت هذه الوظيفة هاجسا مخيفا ليس للشاب فحسب بل وللفتاة تحديدا وهذا هو موضوعنا الذي نود الحديث عنه ومناقشته بكل صراحة وعفوية بكل ابعاده النفسية والاجتماعية والاقتصادية بعيداً عن المجاملات التي لا تخدم مصلحة وطنية وبعيدا عن الانتقادات الشخصية التي تهدم أكثر مما تفيد!
قد يقول قائل ومعه الحق في قوله: ولكن الشباب أولى بالوظيفة من الفتاة فلم هذا التحيز لها؟ إن المسألة ليست مسألة تحيز ولكن هناك حقائق ثابتة نراها أمامنا يومياً، حقائق لا يمكن اغفالها أو تجاهلها أو التقليل من أهميتها, حقائق قد تُغضب البعض، ولكن يجب أن يُنظر إليها كذلك كي تُفهم وتُدرس على هذا الاساس بعيداً عن العواطف, هذه الحقيقة مفادها ان الفتاة او المرأة لم تعد مجرد عنصر مكمل ثانوي في الحياة الاجتماعية والمجتمع بل عنصر أساسي لا تكتمل العملية التربوية والاجتماعية من دونه وإلا اختل ميزان القوى في المجتمع بداية من الأسرة.
هذه الحقيقة تبدأ بسؤال تقليدي وعفوي: وهو لماذا تدرس الفتاة؟ ولماذا تحصل على الشهادة الجامعية مثلا؟ هل لكي تجلس في المنزل؟ وإذا كان المنزل هو من يريدها أن تعمل وهو الذي بحاجة لعملها، فهل تجلس؟
وقد يقول قائل ايضا وهذا متوقع ولكن مكان الفتاة في المنزل حيث الأعباء المنزلية وحيث العناية بالأطفال: ولكن ماذا إذا لم تكن متزوجة وليس لديها أبناء أو ان المنزل ليس بحاجة إليها؟ وماذا لو كانت هي من تريد ذلك ولا ترى فيها تعارضا مع مسؤولياتها الأخرى؟
إن عمل المرأة شئنا أم أبينا اصبح شيئا حتمياً لا مفر منه سيما والعدد المتزايد في نسبة الفتيات والظروف المادية المتواضعة التي تعيشها بعض الأسر والاحتياجات الملحة المتزايدة التي يتطلبها كل منزل مهما كان عدد أفراده.
نعم ان القضية التي نناقشها هي قضية توظيف الفتاة السعودية، ابنة الوطن, تلك القضية التي اصبحت الشغل الشاغل للفتاة وبالذات الجامعية التي لديها كل مسوغات العمل ومتطلباته, تلك الوظيفة التي اصبحت حديث المجالس الأسرية، تلك الوظيفة التي بدأت تدخل منها الوساطات، لدرجة لم تدر أيهما أحق بالوظيفة هذه أم تلك! لدرجة بدأ يستغلها أصحاب النفوس الضعيفة لأغراضهم النفسية الدنيئة, لدرجة ان غيابها أو صعوبة الحصول عليها أصبح يشكل للفتاة وأسرتها هاجساً نفسياً متعباً للغاية لا يعرفه أو يدركه تماماً إلا تلك الفتاة التي وجدت نفسها فجأة في حالة فراغ فظيع لا تعرف كيف تُشغله، بعد ان كانت لسنوات عديدة مشغولة بالجامعة والدراسة, ووجدت نفسها عاجزة عن مساعدة ابيها في تحمل أعباء المنزل وتزداد المشكلة تفاقماً حينما تعلم ان الفرصة الوظيفية للفتاة في مجتمعنا محدودة جداً ومقصورة على وظائف معينة, وهي إما مجال التدريس لبنات جنسها والذي أصبح حلما يراود كل فتاة في ان يكون لها نصيب فيه او الجمعيات وهي قليلة ولتخصصات محددة او في المراكز والبنوك النسائية وهي لا تذكر, وهذا مما يضع تحديا كبيرا للمسؤولين في قطاع التنمية الاجتماعية والقوى العاملة.
وإذا كانت الفرص الوظيفية النسائية متاحة نوعا ما وأكثر في المناطق الرئيسة في المملكة وان كانت غير مُرضية ايضا! فهي تكاد تكون معدومة في المناطق والمحافظات الاخرى التي لا يوجد بها سوى العمل في مدارس البنات، وبالتالي أين تذهب بقية الفتيات وأي القطاعات مستعدة لتقبلهن بل اي من تلك القطاعات قد وضعت خططا ولو بعيدة المدى لاستيعابهن في المستقبل.
نحن بصراحة لا نستطيع ان نلوم الفتاة على مطالبتها بوظيفة ولا نلومها حينما تنشغل بنفسها عن واجباتها المفروضة منها، ولا نلومها حينما تؤثر سلبا من الناحية النفسية على اهلها لعدم قدرتهم على ايجاد وظيفة لها, فالفراغ قاتل جداً وموحش وكئيب, فالرجل منا او الشاب حينما يزهق فإن اقل ما يمكن عمله، ان يخرج من المنزل ويركب سيارته ويذهب لاي مكان يرفه به عن نفسه ولكن الوضع ليس كذلك بالنسبة للفتاة وأرجو ألا يساء فهم ما أرمي إليه! فما أقصده تحديداً انه حتى البدائل والخيارات الأخرى المعقولة التي تتناسب مع طبيعة الفتاة غير موجودة وان وُجدت وبندرة ففي مكان معين لا تستطيع الوصول إليه كل فتاة هذا في المناطق الرئيسة، فما بالك في المناطق والمحافظات الأخرى التي تخلو من وسائل الترفيه البريء الهادف الذي يحمي الفتيات وينأى بهن عن كل ما من شأنه حدوث مالا تحمد عقباه؟!
يتحدثون اليوم عن الفتاة وانها لم تعد كفتاة الامس ويتناسون ان الظروف تغيرت والوعي قد ازداد بالنسبة للفتاة لما حولها فالوظيفة للفتاة لم تعد مجرد ملء فراغ بقدر ما اصبحت احتياجا ماديا ونفسيا, الفتاة اليوم متطلباتها أكثر من الشاب في كل شيء فهلا أدركنا ذلك؟ هي بحاجة لأن تصرف على نفسها على الاقل دون ان تكون بحاجة السؤال لوالديها في كل صغيرة وكبيرة خاصة إذا كانت تعلم ان والديها غير قادرين مادياً.
الكثير من الناس اليوم يتكلمون ولا يدركون حقائق موجودة بالفعل، فهل تعلمون يا اخوان ان هناك بيوتا كثيرة مفتوحة بعد الله على أيدي بناتها وليس على أيدي أبنائها؟!
وهل تعلمون ان رجل البيت في الكثير من الاسر هو المرأة من حيث الصرف على المنزل وتحمل نفقات الاسرة بكل ما فيها من أعباء وتبعات او على الاقل انها تشارك وبفاعلية وقوة في تسيير دفة الحياة الاقتصادية للمنزل لمساعدة المنزل؟
بل هل يعلم البعض ان هذه الوظيفة تشكل لبعض الفتيات دعما معنويا نفسيا فيما يتعلق بشريك المستقبل خاصة وان الكثير من الشباب اليوم لا يكتفي بالجامعية كزوجة بل يفضل من كانت تعمل ولها مرتب ثابت لتساعده على اعباء المنزل هذا ان كانت له خيارات بالطبع وهو ليس تعميما على اي حال! إذن فما دام عنصر الوظيفة هو أحد التفضل لدى الشباب، فلم لا تحصل عليه ان كان في مقدرتها ذلك؟ ان الضغوط النفسية التي تعيشها الفتاة فيما يتعلق بالبحث عن الوظيفة وانتظارها بحاجة لمن يتفهمها, فكثير من البنات يتمنين لو لم يتخرجن من الجامعة على الاقل في الجامعة هناك ما يشغلها وهناك من تعمل لاجله أما المنزل فماذا فيه سوى الفراغ وليته يكفي عند بعضهن بل ان بعض المنازل فيها من المشكلات الاجتماعية ما الله به عليم وما على هذه الفتاة العاطلة عن العمل سوى معايشة هذا الوضع المأساوي يوميا دون ان تستطيع عمل شيء حياله لانها فتاة؟ أليس كذلك أم اننا مخطئون؟
وربما يقول البعض ولكن على الفتاة ان تُشغل نفسها في أمور البيت وان تعمل وتساعد أمها وغير ذلك! ولكن هل الجميع كذلك وهل هذا هو الوضع القائم بالفعل؟ اننا نتحدث عن واقع معاش وليس على افتراضات!
ان القضية التي نتحدث عنها يا اخوان قضية مهمة جداً وحساسة، قضية كل اسرة لديها فتيات بحاجة للعمل قضية مرتبطة ارتباطا بالفراغ ذلك الغول الذي يهدد كل فتاة وشاب على حد سواء.
قضية بحاجة لالتفاتة القطاع الخاص المطالب بدور اكثر ايجابية من ايجاد برامج وخدمات وأنشطة تسعى لتوظيف الفتاة, بحاجة لالتفاتة حقيقية ومبادرات عملية من الجميع وليس من الدولة ممثلة في قطاعاتها الحكومية ذات الصلة بالمرأة.
الجميع مطالب بالمشاركة في ايجاد الحلول المناسبة، الجميع مطالب بالمشاركة في مد يد العون للمساهمة في التخفيف من حدة هذه المشكلة التي بدأت تأخذ منعطفات اجتماعية خطيرة غير محسوسة حتى الآن الله وحده أعلم بتبعاتها على المجتمع.
لنفتح المجال على العمل التطوعي في المؤسسات لنضع له ضوابط تحفظ حقوق من يعمل به من الفتيات وحقوق المستفيدين منه.
لنفتح المجال أمام بدائل وخيارات حقيقية وعملية للفتيات والا نبطئ في تنفيذها بحكم الدراسة التي تستغرق سنين عديدة.
ليكن هناك عدل جغرافي في الخدمات التي تقدم للفتاة مهما كان نوع تلك البرامج.
لنهيئ السبل المعقولة والنية المناسبة الآمنة ومن ثم نبدأ في المحاسبة.
صحيح ان هناك ربات منازل لا يعملن ولا يردن العمل وعلى درجة كبيرة من الكفاءة واثبات الوجود ولكننا لا نتحدث عن هؤلاء بل عن الفئة الاخرى من نفس الشريحة، من الفتيات القابعات في المنزل والمنتظرات العمل منذ سنوات بعد التخرج فهلا أدركنا ذلك؟ انها رسالة صادقة نابعة من القلب والله من وراء القصد.
* همسة *
ترى,, أيطول مكوثي,.
في بيتي؟
بين جدران غرفتي؟
بين وساوسي القاتلة؟
***
ترى,, أيطول انتظاري,.
لدوري؟
وأنا مازلتُ مكاني؟
لم يتحرك ما قبلي؟
***
إلىمتى أظل أحدِّثُ نفسي؟
دون أن يسمعني أحد؟
دون أن يفهمني أحد؟
دون أن يُريحني أحد؟
***
إلى متى تظل الأماني,.
قابعة في داخلي؟
منتظرة من يحققها لي؟
من يحقق جزءاً منها؟!
***
إلى متى أعيش الفراغ,.
بمفردي؟
دون أن أجد,.
من ينتشلني منه؟
***
إلى متى أكتوي بوحشته؟
إلى متى أعاني قسوته؟
دون أن أجد,.
من يشغلني عنه؟
***
إلى متى يظل النوم,.
رفيقي,,.
في سائر لحظاتي؟
دون أن يزهدفيّ؟
***
أليس من حقي كغيري.
أن أجد نفسي؟
أن أشعر بكياني؟
أن أحس بقيمتي؟
من خلال عملٍ,.
أُثبتُ فيه نفسي؟
أُفجر فيه طاقاتي؟!
أَعلن فيه عن إبداعاتي؟!
أخدم فيه مجتمعي؟!
أساعد فيه أسرتي؟!
أما آن الأوان بعد؟
***
يا الله,,,!
كم أنا مُحبطة!
تحاصرني الوساوس,.
من كل جانب!
يكاد يقتلني الفراغ
أخاف على نفسي من نفسي!
لا أعرف ماذا أفعل!
لا أدري إلى أين أذهب!
***
كل ما اعرفه,.
أنني مللتُ الانتظار!
لا أريد أن أظلّ وحيدة,.
يكفيني قلق وترقب,,!
يكفيني خوفي من المستقبل,,!
يكفيني حيرة مما حولي!
فمن لي؟

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved