| مقـالات
وقع لي منذ أمد كتاب مهم في بابه هو شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير ألفه العلامة الشيخ محمد بن أحمد بن عبدالعزيز بن علي الفتوحي المعروف بابن النجار ت 972ه حققه الدكتور محمد الزميلي ود, نزيه حماد ونشرته مكتبة العبيكان بطباعة جيدة وحرف جيد ولغة سليمة, والكتاب الذي بين يدي يقع في مجلدين متوسطي الحجم ولم يذكر فيه الطبعة وان كنت أخال أنها: الأولى، وكل مجلد اشتمل على فهرس في آخره يقع في قرابة مائة وعشرين صفحة في غاية الافادة والترتيب بحيث يسهل على الناظر الوصول الى المراد من الكتاب وموضوع هذا الكتاب كما جاء في ص7/8 م1 يقول المحققان: وكتاب شرح الكوكب المنير الذي نقدمه اليوم كتاب علمي قيم نفيس حوى قواعد علم الأصول ومسائله ومعاقد فصوله بأسلوب رصين لا تعقيد فيه ولا غموض في الجملة، وقد جمع المصنف مادته ونقوله من مئات المجلدات والأسفار كما يتبين لمطالعه ودارسه
ثم هما يبينان منهج التحقيق فيقولان كما في ص11 يتلخص عملنا في تحقيق هذا الكتاب في الأمور التالية :
1 عرض نص الكتاب مصححا مقوما مقابلا على النسخ الأربع المخطوطة وعلى تصحيحات الشيخ الدوسري وعلى طبعة الشيخ الفقي والاشارة في الهوامش الى فروق النسخ:
2 تخريج الآيات القرآنية.
3 تخريج الأحاديث النبوية.
4 تخريج الشواهد الشعرية.
5 الترجمة للاعلام الوارد ذكرها في الكتاب,, إلخ.
وهذا عمل ولا شك كبير وجهد يشكران عليه وبذل مفيد وطرح يحتاجه أهل العلم والنظر والاستقصاء خاصة وهو كتاب في علم غاية في الأهمية، ولا يدرك هذا إلا من نظر بفهم حاذق ودراية متينة علم الحديث، وعلم أصول الفقه.
وقد عَنّ لي خلال مطالعتي له أن أُهمش على ماظهر لي حسب فهمي مما يكون محل نظر لعلي أفيد وأستفيد فالمرء قليل بنفسه كثير باخوانه.
جاء في التقديم هذا الكلام حوى قواعد علم الأصول ومسائله ومعاقل فصوله .
ولعل هذه العبارة فيها مبالغة بعض الشيء لو نظرنا الى التفصيل اللازم لما أشِر إليه ذلك إن علم أصول الفقه علم مهيب له أصول وقواعد وأسس وصور ومعاقل وفيه خلاف حول كثير من أصوله ودلالة أدلته وأوجه مسائله فلست أظن الحال كما جاء هنا ومعنى هذا هو القطع بأن هذا الكتاب قد جمع وحوى مالم يشر إليه الغزالي والشاطبي والسرخسي وصدر الشريعة والقرافي وسواهم ولمبالغة هنا تحصل إذ تحصل في تعميم كافة مراد الأصول وليس بذاك إذا جعلنا في البال ما نشأ من خلاف حول بعض التعاريف لأبواب الأصول نفسها وليس هذا محل نكير بل إن الشاطبي مع سعة باعه بيّن واستشهد في الموافقات وابن قيم الجوزية في كتابه الاعلام بين ودلل وأصل على سبيل العموم والاشارة ولم ينهض قول ما أن أياً منهما جمع وحوى لكن ما فعلاه وكذا السرخسي بذلا طيبا سدوا به حاجة مراده في هذا العلم الجليل وإن لم يف ما قاموا به جملة أو مفصلا حاجة الناس إليه من كل وجه.
جاء في ص22/23 من كلام المصنف الحمد لله المستغرق لجميع أفراد الحمد الى قوله روغيره وكل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع جاء في الهامش أخرجه أبوداود وابن ماجه والبيهقي في السنن وأبوعوانة الاسفراييني في مسنده عن أبي هريرة, وألف لحافظ السخاوي جزاء فيه, قال النووي: يستحب البداءة بالحمد,, الخ .
فالمحققان هنا خرجا هذا الأثر كل أمر ذي بال,,, لكنهما تركا تحقيقه فلم يحكما عليه بصحة ولا ضعف وتركا تصحيح ابن الصلاح له فلم يشيرا اليه والحديث ضعيف جدا بعلة السند.
وفي ص25 ورد من كلام المصنف قال الثانية إنه اسم الله الأعظم عند أكثر أهل العلم,, يعني اسم الله قلت ليس كذلك فقد ورد ما ينبي عن غير ذلك مثل لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وسواه ولم أر المحققين حققا مناط هذا الأمر وفي الكلم الطيب بين المؤلف المراد من اسم الله الأعظم بوجه صالح مع عدة نصوص تدل على ذلك وما ورد فيه من تغاير فلم يرجعا إليه.
وورد في ص29 وانما وقع اختياري على اختصار هذا الكتاب دون بقية كتب هذا الفن لأنه جامع لأكثر أحكامه هكذا مع ان المحققين كما سلف في ص7 قد ذكرا قائلين وكتاب شرح الكوكب المنير الذي نقدمه اليوم كتاب علمي قيم نفيس, حوى قواعد علم الأصول ومسائله ومعاقد فصوله .
فكيف يتم الجمع بين قول المصنف نفسه الشارح وبين كلام المحققين حتى وان قصدا الشرح ذاته نفع الله تعالى بجهدهما وبارك.
وفي ص30 جاء وقياس الشبه دليل صحيح, والحديث المرسل يحتج به قلت قياس الشبه ليس نوعا واحدا وهل هو: دليل على حكم نازل مستجد ومتى يكون، والحديث المرسل هل يحتج به، وكيف وما هو هذا الحديث المرسل الذي يكون حجة لاجرم فمقتضى النظر أن يطول التحقيق هذا بواسع من النظر والتأمل، وقد بين كثير من كتب المصطلح المطولة حقيقة المرسل ونوعه وحاله وبلده، وبينت كثير من كتب الأصول القياس وحقيقته وأنواعه وضوابطه والعوارض التي تعتري ما يمكن أن يرد عليه من عارض أو نقد لسبب ما, فأين هذا وللازم ذكره لأن التحقيق يقتضيه مجال قريب.
وفي ص55 من م/1 ورد فالدال: الله تعالى والدليل, القرآن, والمبين: الرسول, والمستدل أولو العلم، هذه قواعد الاسلام قال ذلك الامام أحمد رضي الله عنه قلت صفة الدال لا تطلق على الله تعالى فلم أجدها في أسمائه ولا صفاته كما ثبت النص بذلك أما الاشارة الى أن هذا قاله الامام أحمد فلم أقف عليه حسب علمي وقد تركه المحققان فأين يا ترى أجده؟.
وفي ص80 وعن الامام الشافعي رضي الله عنه انه قال آلة التمييز والادراك قال المحققان في الهامش 2 ساقطة من ش قلت فلم أجد ان الشافعي قد قال هذا فيما بين يدي من المراجع.
وفي ص97 ورد نص عن ابن عباس في معنى قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها , فقد اكتفى المحققان بترجمة ابن عباس ولم يخرجا النص، قلت هو: موقوف على ابن عباس لكنني لم اقف على درجته وكان الأولى بيانه، وما عزاه المحققان الى ابن جرير الطبري كما ص 97/98 فيه نظر.
وورد في ص151 ومنع ذلك الامام أبو حنيفة وأصحابه والأكثر لأن التصديق معلوم , قلت لم أجد هذا في كتبهم، ومن هم الأكثر؟!.
وما جاء بين ص157 حتى ص190 كان الكلام غالبه عن العلة وهنا لم يجر تفريق بين العلة والسبب لما هو واقع من الخلط بينهما وقد كان لازم التحقيق بيان ذلك بضرب المثال لفصل البيان.
وفي ص191 تحدث ابن النجار قال فصل المجاز واقع في اللغة عند الجمهور,, إلخ,, الى قوله: الله يستهزىء بهم .
أي أن هذه الآية فيها مجاز ولم يتطرق المحققان إلى هذا فأين المجاز في هذه الآية؟ ومذهب الصحابة وأهل السنة والجماعة هو إمرار أسماء الله تعالى وصفاته كما وردت فلا يدخل مجاز وأصل المجاز هو التسمية بمعنى مراد كقوله تعالى واسأل القرية يعني أهلها فكان لابد من تحقيق هذا.
وفي نفس ص191 قال الامام ابن النجار وهذا الصحيح عند الامام أحمد رضي الله عنه وأكثر أصحابه وهذا لم أجده عن أحمد حسب علمي انه قال بالمجاز في مثل هذه الآية.
وكذا ما جاء في ص192 عن أحمد لم أجده ولم يحققه المحققان.
وفي ص214 جاء هناك فأما صفات الله تعالى فقديمة وحقيقة عند أحمد وأصحابه وأكثر أهل السنة قال الحافظ أبو الفضل بن حجر في شرح البخاري اختلفوا هل صفة الفعل قديمة أو حادثة,, إلخ .
قال ابن لحيدان لم يتناول التحقيق هذه مع أنها من أهم المسائل المعني التحقيق به على كل حال إذ هو أصل لابد منه وهنا أبين ما يلي:
أن كثيرا من أهل العلم بعض أهل الحديث والفقه والأصول وأهل التفسير قد وقعوا ولعله دون قصد وقعوا في التأويل وذلك لأنهم لم يطلبوا علم التوحيد حقيقته وقواعده وضوابطه ونواقضه خاصة الأسماء والصفات إلا بعد أن تعلموا العلوم الأخرى وحازوها فوقع عندهم صرف آيات الأسماء والصفات على غير المراد منها وغالى بعضهم كعمرو ابن عبيد وأمثاله.
ثانيا: ان صفات الله تعالى تنقسم إلى قسمين ذاتية/ كالحياة/ والقدرة/ والعلم والسمع والبصر, وفعلية كالمجي والنزول والكلام وهذه وتلك تمر كما جاءت من غير تأويل ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تحريف، وهذا هو الأصل في هذا.
ثالثا/ لا يقال لصفات الله تعالى قديمة ولا حادثة وان تجوز بعضهم في القديمة كمن يقول قديم بالابتداء بل يقال كما قال هو سبحانه الأول والآخر والظاهر والباطن .
رابعا: في كثير مما يكتبه بعض المتأخرين عن البخاري ومسلم وأحمد وسواهم تجرؤ عليهم في التأويل لم يقولوه ولم يذهبوا إليه والعلة في هذا هو: الخلط بين آرائهم وما يذكره شراح الكلام كما يفعل ابن حجر والعيني والنووي اجتهاد منهم.
خامسا: من ضوابط التحقيق تحرير مثل هذه المسألة ولابد.
وفي ص288 قال المصنف وقالت المعتزلة والكرامية إذا دل العقل على ان معنى اللفظ ثابت في حق الله تعالى جاز اطلاقه على الله .
المعتزلة والكرامية يجعلون العقل قاضيا على الوعي لا يرضون به بديلا فيجعلونه هو الفيصل في الأسماء والصفات والقضاء والقدر وإذا ما ورد ما يعجزون عنه أولوه تأويلا عقليا لئلا يقال عنهم انهم ردوا كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فيمرقون من الدين كحال: الخوارج.
فقول المصنف عنهم جاز اطلاقه على الله هذه مسألة غاية في الجرأة والجهل فلا المصنف رحمه الله عقب على هذا ولا المحققان.
وفي نفس ص288 جاء هناك وقال القاضي (أبوبكر) والغزالي: الأسماء توقيفية دون الصفات قال وهذا هو: المختار وأعاد المحققان في الهامش 6و7 قالا: زيادة من فتح الباري ولم يتعرضا وفقهما الله لتحقيق المراد.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الأصل فيما تعبد الله به عباده التوقيف وأسماء الله تعالى وصفاته توقيفية فلا يزاد عليها ولا ينقص منها، لكن قول المصنف وهذا (هو) المختار لم يُبين عند من ولا من قاله وأين أصله ومكانه في المطولات أو كتب الفروع وقد تركه المحققان فلم يبينا: المصدر الأصلي.
وورد في ص390 في هامش رقم 1 عن أهل الكبائر ورد هناك روى أحمد وأبوداود والنسائي والترمذي وابن حبان والحاكم وابن ماجه عن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي قال ابن لحيدان فهل صح هذا النص وأين الجزء مما رواه هؤلاء الأئمة الكبار فهو عند الترمذي حسن وابن ماجه ضعيف فحبذا: تحقيقه بما يحسن السكوت عليه والتحقيق يقتضي هذا.
وفي ص434 حتى قرابة ص463 تحدث المصنف عن العلة والسبب مع ما يلزم تجاه هذا وذاك من أمثلة وقد كان من ضابط نظر هذا هو: الخلاف وايراد الراجح خاصة في العلة العقلية لأن كلام أهل الأصول والمنطق لهم في هذا كلام طويل ولأنه ما دام قد جرى طرح مثل هذا فكان يجب نظره ورد الشبه الواردة خاصة عند الصوفية من ذوي المنطق مع ما يفي بشواهد الراجح والمرجوح، والتحقيق في هذا أجاد لكنه قصر في إيراد تحقيق مناط العلة بأقسامها وكيف يكون الفرق بينها وبين السبب.
وقد كان فات كثير من النقاط التي كانت تحتاج الى عزو وتحقيق للمظان والتراجم ونبين هذا بحوله تعالى فيما هو قادم.
|
|
|
|
|