| متابعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد البشر نبينا محمد عليه افضل الصلاة والتسليم وبعد:
في ليلة الثلاثاء الموافق 14/10/1421ه هاتفت ابنا من ابناء شيخنا العلامة وفقيدنا وفقيد الامة الاسلامية عامة وفقيد عنيزة بصفة خاصة وسألته عن حالته الصحية وافادني ان والده لايزال يعاني مما به فادعو له بالشفاء فدعوت له ولكن لا راد لقضاء الله مصداقا لقوله تعالى (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) الآية 34 من سورة الأعراف.
وفي يوم الاربعاء الموافق 15/10/1421ه جاءني اتصال هاتفي يفيد ان الشيخ مات ووقع هذا الاتصال على قلبي كالصاعقة وكررت اردد الشيخ مات الشيخ مات ومن يسد هذا الثلم الكبير والجرح العميق ويرددها الكثير والكثير من محبيه في مشارق الارض ومغاربها.
حقا ان رحيل الشيخ عبدالعزيز بن باز ليس بالامر الهين على الامة الاسلامية ولم يكن رحيل الشيخ محمد بن عثيمين حدثا عابرا رحمهما الله رحمة واسعة,, و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
شيخنا الجليل لقد وهبت نفسك وجهدك ووقتك للتحصيل والبحث والتعليم والافتاء والدعوة الى الله تركت حطام الدنيا وجشعها لمن يسعى للبحث عنها مازلت حيا يا شيخنا في قلوبنا ولكن هذه حكمة الله في خلقه جارية اللهم اجبرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منه وبموته ترك لنا كنوزا من العلم النافع ولا يسع المجال في ذكرها والوفاة وفاة عالم جليل والى جنة الخلد والفردوس الاعلى يا أبا عبدالله لقد قضيت عمرك في العبادة والزهد والعلم النافع والتأليف والتدريس الى آخر لحظة في حياتك وفي حرم الله الآمن فنعم الخاتمة والنهاية, والعالم الاسلامي سيفقد كرسيه في الحرم ودروسه في الجامع وطلابه في جامعة الامام، واليوم لم يبق الا ان ندعو له بالمغفرة والرحمة ونشر علمه للناس والأجيال القادمة ليبقى حيا في قلوبنا الى الابد وفي هذه الايام الجامع الكبير في عنيزة يتم تنفيذ بعض التحسينات الجمالية لهذا الجامع ولكن مهما تم تحسينه وتجميله يظل فقيدنا وامامنا وحبيبنا جمال هذا المسجد.
العالم الاسلامي بأكمله عرف هذا الشيخ بالزهد والورع وذلك من خلال كتبه ورسائله العلمية وفتاواه صلى عليه قرابة نصف مليون ودعا له الملايين بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ودخوله الجنة مع الابرار كان يرحمه الله مرجعا للعلماء والدعاة وطلبة العلم وللناس جميعا.
وعايشت هذا الشيخ منذ صغري وكنت اصلي معه في الجامع الكبير عندما كان مسكننا قريبا من هذا الجامع فكانت لي ذكريات ومواقف مع شيخنا الفاضل في الماضي والحاضر لا تنسى.
الاولى عندما كنت اسكن في منزلنا القريب من الجامع الكبير وكنت في ذلك الوقت في الصف الأول المتوسط في المعهد العلمي في عنيزة وبعد صلاة العشاء وانا خارج من المسجد واذا بالشيخ يناديني وذهبت اليه مسرعا وسلمت عليه وقبلت رأسه واعطاني نقودا وطلب مني ان اشتري له مرهما وقطرة للعيون من الصيدلية القريبة من الجامع ومازالت موجودة وذهبت مسرعا وهو في انتظاري واعطيته الدواء، شكر لي وفي الواقع ان هذا الموقف المشرف مع شيخنا المحبوب الوقور لن انساه ما حييت.
والثاني في شارع الشيخ صالح القاضي يرحمه الله ويعتبر امتدادا لشارعه الذي يسير عليه الى مسجده استوقفني موقفا ليس غريبا على الشيخ فعندما كنت أسير في الشارع واذا بأطفال صغار ينادون الشيخ فوقف لهم وسلموا عليه وداعبهم وهذا التواضع بما تعنيه الكلمة.
والثالث ذهبت الى شيخنا في الجامع لأستفتيه بسؤال وجهته اليه وامسك بيدي وقال لي سنسير سويا في هذا الصف واسمع هل صوت الميكرفون واضح ام لا فأكدت له انه يسمع جيدا قال لي ان شخصا افادني ان الصوت غير مسموع والحقيقة قبل اللقاء بالشيخ بيوم تقريبا قال لي شخص ان صوت الميكرفون غير مسموع جيدا فتطابقت الروايتان وقلت لفضيلته ان من قال لك ان صوت الميكرفون غير مسموع فأفيدك ان هذا الشخص سمعه ثقيل شفاه الله وفي النهاية فضيلته لم ينس سؤالي فأجاب عليه اجابة وافية وخطية فهذا ما حدث لي فكيف بمن تربطه بالشيخ علاقات متواصلة فبالتأكيد كانت لهم مواقف كثيرة.
والرابع الذي حدث قريبا والجراح مازالت تنزف ألما وحسرة على فراقه صليت أول جمعة بعد فراقه في الجامع الكبير وبعد ما شرع الاستاذ المؤذن عبدالرحمن الريس في الأذان في منتصفه بكى من لوعة الفراق وابكانا جميعا كذلك شيخنا السلمان ابكى من حوله عندما تقدم المعزون لتعزيته مع ابناء الشيخ يرحمه الله وهذا حسب ما روي لي لأني بعد الصلاة مباشرة ذهبت الى منزل الشيخ لتقديم العزاء وافادني المارون بالشارع انهم لن يجلسوا للعزاء وتمت التعزية عبر الهاتف.
وفي الختام لا يفوتني الا ان اقدم الشكر الجزيل والتقدير والاحترام للمسؤولين في الدولة ما حدث لاحياء ذكرى الشيخ وهذا قليل من كثير وذلك بتسمية الجامع الكبير باسمه وتسمية مدرسة بالرياض باسمه الى آخر ما تم وهذا اقل واجب وتقدير يقدم لشيخنا الفاضل يرحمه الله رحمة واسعة وإنا لفراقك لمحزونون.
عبدالرحمن عبدالله سليمان القاضي
عنيزة
|
|
|
|
|