| متابعة
الحمد لله رب العالمين الذي لا يحمد على مكروه سواه والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
يقول الله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت) ويقول سبحانه (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) ماذا أقول في مصابنا ورحيل شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله الا كما قال الله تعالى: (والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون) شيخ الجميع، والد الجميع، معلم الجميع، ناصح الجميع، مربي الجميع، قدوة الجميع، خاصة مدينته عنيزة التي فقدته، شيخنا محمد فقيد عنيزة والعالم الاسلامي، إن الكلمات لتأبى أن تخرج للتعبير عن شيخنا وفقده وإن القلم ليأبى أن يكتب، وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، أتذكر الشيخ منذ ان وعيت على الدنيا في عنيزة وأتذكره يوم كان يمشي من بيته الى مسجده (القديم) قبل هدمه وبعد البناء الجديد للمسجد ذهابا وعودة يرفض أن يركب السيارة ليحصل على الحسنات وإفتاء السائلين رحمة الله عليه، ما زال صوته يرن في أذني وصورته لا تفارق ناظري، حينما كان يصلي بنا الصلوات الخمس وخطب الجمع التي كان يحضرها جمع غفير ويمتلىء المسجد بل ربما خارج المسجد يصلون، ويحضر من خارج عنيزة لسماع الوعظ والارشاد، صوته الذي لم يتغير منذ سمعته أول مرة الى أن مات غفر الله له كان يلقي الدروس في المسجد في جميع العلوم الشرعية (القرآن وتفسيره، التوحيد، الحديث، الفقه، الفرائض، اللغة العربية ونحوها) انه أمة عالم رحمه الله تعالى، كان رحمه الله يرفض أن يخرج من عنيزة وذلك لتعليم الطلاب الا لشيء مهم, أتذكر شيخنا عندما تقام الصلاة يحرص على تسوية الصفوف ويأمر المؤذن بأن يرى الصفوف الخلفية اذا استوت وتراصت، صلاة شيخنا لا هي بالطويلة ولا هي بالقصيرة، مقتديا بذلك بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم في جميع أعماله رحمه الله، أتذكر فقيدنا حينما يأتي لصلاة الجمعة ويدخل ثم يلقي السلام على المصلين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم يبدأ بخطبته بالحمد والثناء على الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وتكون خطبه بمناسبة ما يحدث في ذلك الاسبوع أو الشهر كشهر رمضان والحج والاجازة وغيرها، وكان يعقد في بيته لقاء اسبوعيا في يوم الخميس، ولقاء شهريا ثالث سبت كل شهر، وكان رحمه الله اذا رأى احدا مخطئا نصحه او اذا ترك واجبا وعظه وأرشده حتى انه رحمه الله كان يقطع خطبته اذا رأى أحد المصلين دخل المسجد وجلس ولم يصل تحية المسجد أمره وقال له قم فصل تحية المسجد.
كان علمه رحمه الله منتشرا في جميع العالم من كتب وأشرطة وطلابه غفر الله له من جميع البلاد سواء داخل المملكة: وخارجها كان رحمه الله بعد صلاة العصر يحدث يقرأ عليه أحد الطلاب أو المؤذن حديثين أو ثلاثة ثم يشرحها شرحا وافيا، ثم ينظر في مسائل الناس الذين يأتون اليه لحاجة ما.
أتذكر أني قابلته في المسجد الحرام بمكة وسألته عن مسألة وقلت له: اني قلت لأحد أقربائي ان يفعل كذا وكان هذا خطأ مني، فأجاب عن سؤالي بكل رحابة صدر ونصحني بألا أفتي بغير علم بكل أدب وأبوة رحمه الله.
كان رحمه الله يلقي الدروس في الحرمين، وخاصة المسجد الحرام بمكة في رمضان في العشر الأواخر منه والاجازة الصيفية وأتذكر كرسيه وموقعه رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
ألف العديد من الكتب النافعة سواء العامة أو الخاصة.
لم يسافر للخارج الا مرة واحدة للعلاج في الصيف الماضي، وذلك بعد إلحاح من ولاة الأمر حفظهم الله ثم عاد الى المملكة ليكمل العلاج وكان يذهب الى الرياض ثم يرجع الى عنيزة ليدرس ويلقي خطبة الجمعة، حتى أتى شهر رمضان وأدخل المستشفى مرة ثانية ثم طلب ان يذهب في العشر الأواخر الى المسجد الحرام وكان يفتي بالمسجد الحرام والهاتف وإذاعة القرآن الكريم حتى أدخل المستشفى في أيام العيد في جدة حتى وافته المنية في يوم الاربعاء 15/10/1421ه هجرية وتوفي هناك رحمه الله رحمة واسعة وصلي عليه يوم الخميس 16/10/1421ه هجرية بعد صلاة العصر في المسجد الحرام وقد حضر جمع غفير امتلأ المسجد الحرام من كل مكان خاصة أهل عنيزة وطلابه.
ودفن في مقبرة العدل بجوار والدنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته ووالدينا والمسلمين أجمعين آمين.
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبدالرحمن بن عبدالله الدواس
عنيزة
|
|
|
|
|