أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 24th January,2001 العدد:10345الطبعةالاولـي الاربعاء 29 ,شوال 1421

الاقتصادية

وقفة للتأمل في اقتصاديات التعليم العالي بالمملكة
عبدالعزيز بن سليمان العسكر*
المتتبع للخطط الخمسية وخاصة ما يرتبط بالتعليم بشكل عام وبالتعليم العالي بشكل خاص يشعر بالغبطة والسعادة لما تم تحقيقه من خلال هذه الخطط في ظل توجيهات سامية واعتمادات سخية أعطت ولله الحمد اكلها ولكن الطموح الى الأفضل وخاصة في هذا المضمار وفي وقت تتسارع فيه خطوات الحضارة ومتطلبات مواكبتها يعتبر مطلبا لحكومتنا أعزها الله وأملا لكل فرد في مجتمعنا السعودي الذي حقق الكثير في جوانب مختلفة ولعل تأمل الحاجة الى خطط أكثر دقة في مجال اقتصاديات التعليم مطلب ملح فهل نتأمل الحاجة الى توفير الكوادر العليا في الطب بمستوى استشاري.
فكم نحتاج اليه من الطبيبات في مستوى الطب الاستشاري من السعوديات,, ان الرقم قد يكون صعباً تحديده اذا أردنا تحديده وفق معايير علمية ولكن ببساطة أقول عن مجتمعنا ان عدد الطبيبات الاستشاريات 104 طبيبة سعودية تقريبا من بين 3600 من النساء العاملات في الخدمات الصحية على وظائف خاضعة لأنظمة الحكومة الوظيفية فأين التقارب يا ترى.
ولنتصور لو رغبت الدولة ان تجعل كل واحدة من هذه المائة في مرفق صحي اذا علم ان المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة لوحدها فقط تقارب ألفي مركز ناهيك عن عشرات المستشفيات العملاقة بالمملكة والتابعة لعدة جهات حكومية اضافة الى العاملين والعاملات بهذا النشاط في القطاع الاهلي.
أليس هذا نقصاً حاداً خاصة اذا علم ان الدولة تعتمد المليارات للخدمات الصحية والتعليم العالي ومئات الملايين للابتعاث والتدريب سنويا.
2 ان شروط الحصول على الشهادات العليا في الطب الاستشاري تظل صعبة اذا علم ان شروط الهيئة السعودية للعلوم الصحية في مجال تشجيع توفير التأهيل لما فوق الشهادة الجامعية في مجال الطب ان تطالب الراغب في الحصول على مؤهلات عالية بالدراسة داخل المملكة في مجال الطب العالي ان يقدم الفرد ما يقارب 40,000 ريال سنويا بالاضافة الى ما هو مطلوب منه من ساعات عمل لا يمكن تقديمها ممن سينذر نفسه لطلب العلم ومتطلباته فأي تشجيع لذلك أليس ذلك من معوقات التعليم العالي، ونحن نعلم ان نسب توفر مثل هذا المستوى من التأهيل متدنية,, والدولة أعانها الله ترحب بكل اقتراح يؤدي لرفع هذه النسب لأهمية النشاط وارتفاع التكلفة اذا ارتبط بالخارج سواء على مستوى التعليم الصحي او التوظيفي الصحي فهل اعدت الجهات المعنية بتوفير المؤهلين في هذا النشاط دراسة اقتصادية تحليلية قبل وضع الضوابط وقارنت دخل الدارس في الداخل والخارج ولن تتعذر الجهات الممولة كوزارة المالية التي تحرص على تشجيع جانب الاستثمار في القوى العاملة السعودية في التخصصات النادرة في ظل التوجيهات الكريمة التي تصدر في مثل هذا الجانب ولعل آخرها توجيه سمو سيدي ولي العهد الذي طلب رفع نسبة المقبولين بكليات الطب.
كما ان عدم اعطاء الفرصة لأعداد أكثر فأكثر لمن يرغب مواصلة الدراسة العليا فوق الجامعية في المجال الصحي في الخارج ممن معدلاتهم وقدراتهم ورغباتهم تدفعهم لهذا المضمار المشرف والملح والمريح يعتبر معوقا في الرفع من اعداد الكوادر العليا اقتصاديا أليس توفير مئات الطبيبات في التخصصات الصحية بل الآلاف حاجة ملحة بدلا من الاكتفاء بوجود عينة في حدود المائة طبيبة استشارية فقط في مملكة مترامية الأطراف وتزايد السكان بها في أعلى المستويات ولها المكانة المشرفة في الميادين الحضارية التي تشرف الدولة والفرد فيما عدا جانب توفير الكوادر في البحث والعلوم الصحية والتخصصات الطبية العالية خاصة.
وهل نذكر بما تحققه الجامعات في تخريج الكوادر التي نحمد الله على توفر الزائد منها رغم الفارق الكبير لعدم التقارب بين المعروض والمطلوب، فإلى متى نستمر في تلك الفوارق الرقمية في مخرجات التعليم رغم ما ينفق على التعليم العالي ويمكن ان تذكر بعض التخصصات المطلوبة في سوق العمل.
أهمية تخصصات اللغة العربية التي تمثل لنا محور الحياة فهي لغة القرآن ولغة اهل الجنة ورابطة العروبة وقد شملها النقص في عدد المتقدمين فيها حيث إن الحاجة الى 2645 من الجامعيين المتخصصين لغة عربية ولم يتقدم الا 1136 وبقي عجز قدره 1486 لابد من التعاقد عليه من خارج المملكة في الوقت الذي بدأت جامعة الامام فيه بهذا التخصص منذ 40 سنة تقريبا,, هذا اضافة الى تخصصات اخرى مثل اللغة الانجليزية والرياضيات بالنسبة للوظائف الرجالية.
وفي الوقت الذي نرى فيه جامعاتنا كجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية التي ينتظر منها توفير العدد الكافي من الكوادر المطلوبة في سوق العمل كتخصص القراءات القرآنية لا توفر ذلك بالعدد المطلوب مما اضطرت وزارة الخدمة المدنية الى التعاقد من الخارج لعدم توفر خريجين في هذا المجال.
في الوقت الذي توفر فيه الجامعات آلافاً من تخصصات الدراسات الاسلامية فالفائض قد يزيد على اربعة آلاف جامعي تخصص دراسات اسلامية لم يتوفر لهم عمل حتى الآن ناهيك عن الارقام التراكمية المتوقعة سنويا كالمتبع من هنا يأتي ضرورة التخطيط للاقتصاد الوظيفي والتخطيط لمخرجات التعليم,, هذا من جانب ومن جانب آخر فان كليات تعليم البنات تقوم مشكورة بتخريج آلاف من الفتيات في تخصصات لم تعد الحاجة قائمة لها في سوق العمل، فالحياة الخاصة للفتاة كربة منزل لا تتطلب شهادة بذلت عليها خمس سنوات من عمر الشباب وانفق لأجل هذه الآلاف من الجامعيات مئات الملايين من الريالات سنويا ولنا ان نتصور كم عدد الخريجات اللاتي لا يمكن الحاجة لهن للعمل لكثرتهن في المجالات النظرية وحتى بعض التخصصات العلمية كالكيمياء والاحياء فهل المنزل مختبر للبحث بهذه العلوم؟ وهل تتطلب التربية المنزلية لبضعة اولاد هذا التخصص حتى تقوم به ام الطفل مدة محددة فقط ام ان لسان حالنا اننا نخرج اضعاف ما نحتاج لتأخذ الوظائف التعليمية ما تشاء ونترك البقية الاكثر دون هدف عدا الانتماء لمقولة الشاعر:


الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت جيلا طيب الاعراق

فهل ننفق مئات الملايين على الفتيات لنخرجهن كيفما اتفق ونحن نعلم ان المنزل لا يتطلب مثل هذه التخصصات حتى العلوم المساندة للحياة قد لا يتطلب هذه المستويات من التأهيل حتى لا تحمل خزينة الدولة التي مردودها للفرد المليارات التي يمكن استثمارها سنويا فيما هو اكثر الحاحا وفائدة كالتخصصات النادرة في العلوم الصحية والمجالات الاستثمارية في القوى العاملة والبنية التحتية ومتطلبات التنمية الاخرى التي ترفع الناتج القومي ودخل الفرد اننا نعيش في مرحلة يدخل الاقتصاد منعطفا مهما ليشمل كل شؤون الحياة حتى التعليم اصبح ينظر الى هذا الجانب تحت مسمى الاقتصاد التعليمي ولو كانت فرص التعليم على حساب الفرد وليس الدولة لتغير التوجه واختلفت النتيجة اقتصاديا وتعليميا واجتماعيا,, وهذا ما هو قائم في اغلب الدول.
فهل من وقفة تأمل من الجهات المعنية عن التعليم العالي في المملكة لترتيب الأولويات في مخرجات التعليم وتلمس الحاجات الفعلية على المدى القريب والبعيد وحتى لا يستمر مجتمعنا يعاني من توفر اعداد كبيرة من الجامعيين قد جاءوا الى سوق العمل بدون هدف دقيق وصريح كما هو حال خريجات التخصصات النظرية مثل التاريخ والجغرافيا والخدمة الاجتماعية وغيرها من التخصصات وحتى لا يكون عدد الطبيبات الاستشاريات مائة طبيبة فقط رقم الحاجة للآلاف وحتى لا نضطر للتعاقد من الخارج لتخصصات من الممكن ان تعدها جامعاتنا والذي بدأ الدراسة فيها منذ ما يقارب من 40 سنة.
اننا امام عصر جديد تزداد فيه التحديات الاقتصادية بالانفتاح على أسواق العالم وبضخ العديد من السلع والمنتجات اضافة الى ان حاجات التنمية ومتطلباتها تركز على بناء الانسان السعودي وإعداده وعدم الاعتماد على الكوادر الوافدة لمدة زمنية طويلة.
ولكي نحقق مثل هذا الهدف السامي لابد ان نضع نصب اعيننا وفق برنامج زمني وموضوعي حتمية النظر في مخرجات التعليم ودراسة اقتصادياته من منطلق حاجة سوق العمل وليس من منطلق الترفيه والمباهاة الاجتماعية بحمل الشهادات دون الربط باهدافها الحياتية,.
والله الموفق,.
* مساعد نائب وزير الخدمة المدنية

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved