أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 24th January,2001 العدد:10345الطبعةالاولـي الاربعاء 29 ,شوال 1421

مقـالات

الثِّقةُ,, ونهايةُ الإدارة,,!
إبراهيم عبدالرحمن التركي
** خطَّ
لا يدري لماذا,,؟
أو متى,,؟
وانثنى يمحو الخطى ,,!
دون أن يفقه,, ماذا ,,؟
أو إلى أين,, سيمضي,.
** تاه في الدائرةِ الأولى
ولونُ الرِّيح
يصبغُ ما تبقَّى
من دُوارٍ ودوائر
غامت الرؤيةُ
لا يدري,.
متى يصفو الهوا
أو متى تمحى السواتر,,؟!

***
(2)
** أعِد صوغ أعمالك اليوم لتنجح في اقتصاد الغد,.
ستان ديفز بيل دافيد سون
***
** الاداريُّون هم الذين يخوضون المعارك ويحددون نتائجها قبل أن يبدأ إطلاق النار.
مارشال روميل
***
** على القائد أن يقدِّر الموهبة ويكافئ أصحابها ويكرِّم من يظهرون الامتياز.
مايكافيللي
***
(3)
** رغم اقتناعه برأيه فقد تلاشت نظرية فرانسيس فوكوياما التي حملها كتابه الذائع: نهاية التاريخ والإنسان الأخير ، وأثبت الزمن قبل أربابه أن الحركة متصلة، والحضارات سلاسل، وأن الأرض تدور,,!
** كتابٌ واحد أوصله إلى الذُّرى ، ثم حجب أصواته الأخرى، ليصبح مثل شاعرٍ لبسته قصيدة ، ومبدعٍ غطَّته رواية ومؤلِّفٍ احتكره نتاج ، وربما أضفتم مغنيَّاً أسرته أغنية ، وممثلاً رسمه دَور ، وعازفاً توقف عند نغم ,,!
** وهكذا مع فوكوياما الذي أثار بانحيازه إلى الحضارة الأمريكية بوصفها متمّمة الحضارات وخاتمتها كثيراً من الجدل، ووجد صاحبها الشهرة والأضواء ، ثم تداعت نظرتُه التي أرادها نظريّته ، فانتهت وبقي ذِكرُه دون شكره ,.
** هكذا كانت الحكاية ,, كتابٌ يجني على كتب، ورؤيةٌ ، تحجب رؤى,, وفوكوياما نهاية التاريخ يُهمِّش فوكوياما الثِّقة ,,!
***
(4)
** الثقة TRUST عنوان كتابٍ آخر للفيلسوف الاقتصادي، السياسي الشهير فوكوياما الذي عمل كبيرَ خبراء التحليل الاجتماعي في مؤسسة راند الاستشارية وتحدث فيه عن دور الثقافة والقيم الاجتماعية the social Virtues and the Creation of Prosperity في تحقيق التقدم والنمو الاقتصادي.
** لم يحظ هذا الكتاب بما حظي به الكتاب الأشهر، وهي مشكلة تتكرر لديهم كما لدينا فيرتهنُ الإنسانَ إنجازٌ يتمنى أن لو لم يكن، إذ يتحوَّلُ إلى خطٍّ حاجزٍ دون الانطلاق في آفاقٍ جديدة وإن لم تكن متجددة ,.
** جاء كتاب الثقة الصادرة طبعتُه الأولى عام 1995م ليقدم صوراً مختلفة عن واقع البناء الإداري والاقتصادي الذي يفترضُ أحياناً أن العوامل الحاسمة فيها هي عواملُ ماديّة محسوسة تأذنُ بمضاعفة الإنتاج، فيما يؤكد هذا الكتاب أن الأخلاق أهمُّ من القوانين، وأن الثِّقة قبل رأس المال ، وربما يمكن اجتزاءُ أبرز الأفكار التي تحملها ثقة فوكوياما في أساسي القيم والتكافل وبدونهما يتمثل العجزُ في رأس المال الاجتماعي وهو أخطر بمراحل من العجز في ميزان المدفوعات حسب تعبير الاقتصاديين ,,!
***
(5)
** يحاول فوكوياما تعريف رأس المال الاجتماعي كما تنقل نشرة خلاصات الصادرة في القاهرة بأنه (قدرة الأفراد على العمل سويّاً لتحقيق هدف مشترك داخل مجموعات أو منظمات,, ص 2 / فبراير 1996م).
** وإذن فرأس المال الأول هو البشر ، ومكوناتُه إمكانات الإنسان المعرفيّة والمهاريّة ، واستطاعتُه العمل في مجموعات لتحقيق ناتجٍ تنمويٍّ يُرصَدُ في حساب البناء المتصل عبر الأجيال المتتابعة,,!
** ويؤكد المؤلف كذلك على أن المنفعة لا تصلح أساساً لقياس السلوك الإنساني، كما أن المجتمعات التي تكثر فيها المؤسسات التطوعيّة الخيريّة تزيد فيها المنظمات والتنظيمات القوية، وكلما زاد الاعتمادُ على القوانين لتنظيم العلاقات انخفض مستوى الثقة,,,!
***
(6/1)
** لا تجيء هذه الأربعاويّةُ لتقدم قراءة في أو من كتاب وإن استحقَّ ذلك، بل وإن تجاوزت قيمتُه مثل هذه القراءة، ولكنها تأتي لتتوافق مع التوجهات الجديدة التي يتمثلُ فيها الانطلاق إلى آفاق اقتصاديّة مختلفة تنتهي فيها المؤسسات الفرديّة والشركات العائليّة ، والاعتماد شبه الكليِّ على الإسهامات الحكوميّة,,!
** ولعلَّ عالم الإدارة الشهير ماكس وبر قد قرر شيئاً مماثلاً حين أكد أن الوساطة والمحسوبيَّة وتفضيل الأقارب في الأعمال والمناصب هي العائقُ الأول للعصرنة وربما جاء مثل قريب أبرزته النشرة ص 3 عن وانج المهاجر الصيني إلى الولايات المتحدة حين أسس في أول الخمسينيات الميلادية شركة وانج لصناعة الحاسوب التي نجحت حتى وصل دخلُها إلى حوالي ثلاثة مليارات دولار، وبلغ عدد العاملين فيها أكثر من أربعة وعشرين ألفاً، وإذ تقاعد مالكُها في منتصف الثمانينيات عيَّن ابنه رئيساً للشركة متجاوزاً بذلك عدداً من القياديين وكانت النتيجة خسارات متراكمة ابتدأت في العام الأول من إدارة ابنه ولم تمضِ بضعُ سنوات حتى أُشهر إفلاسُ الشركة عام 1992م وقام الأب بفصل ابنه,,!
***
(6/2)
** مثلٌ قريب يُعطي إشارات إلى إشكالات البناءات التنظيمية المعتمدة على إدارة الرجل الواحد One Man Show الذي لا يُفوِّض ولا يُعِدُّ كوادر بديلة، ويغريه النجاح، وتخدعُه الإشادة حتى إذا آن قعودُه أو إقعاده وجدت المنظمة نفسها في دائرة من الصِّراعات ، أو التِّيه ، فتهوي إلى القاع ,,!
** وربما وُجدت كوادرُ قادرةٌ إلا أن رغبة المسؤول في تولية قريب أو صديق أو تابع تحبطُ الكفاءاتِ المتميزة فإذا اقتعد الأقلُّ الكرسيَّ الأعلى اختَّلت المعادلة وربما انهدم البناء,,!
** ولعلَّ المجتمع المتحول من الاقتصاد الموجَّه إلى الاقتصاد الحر بحاجة ماسَّة إلى تحول إداريِّ آخر ينقله من الإدارة التقليديّة المعتمدة على المركزيّة والتفرُّد والقرار الوحيد والمدير الأوحد إلى الإدارة المشاركة المؤمنة بروح الفريق الحريصة على إعادة الهيكلة بشكل منتظم لمراجعة الواقع وضمان قدرٍ من المرونة والحيويَّة والتفاعل مع المستجدات ,,!
***
(7)
** يعتمد التنظيم الناجح على ثلاثة مقوِّمات رئيسة هي:
** الهيكل التنظيمي والسياسات بما فيها اللوائح والأنظمة والقوانين، والثقافة السائدة ، ومن المهمِّ هنا البعد عن الأشخاص بحيث تنأى التشكيلات الوظيفية عن الأفراد إلى المهام وعن التخصصات إلى العمليّات ، كما أن تقليص طبقات أو أدوار الهرم الإداري سوف تساعد في تعميق مفهوم عدم المركزيّة,,!
** إن ثمة من دعا من علماء الإدارة إلى تقسيم المنظمة إلى منظمات حين يتجاوز العدد العامل فيها إمكان العمل بروح الفريق من حيثُ التعارف والإلفة ، وقال في ذلك ريتشارد برانسون في مجلة نجاح (نوفمبر 1992م):
* حين يزيد عدد العاملين في المبنى، فلا يعرفون بعضهم يحين وقت تقسيم الشركة إلى مجموعة شركات، فأنا لا أودُّ أن يتيه الناس في الرّدهات الطويلة المبعثرة، وبين مسافات السلطة الفضفاضة,,! .
,, خلاصات: يناير 1993م.
** ونقطة أخرى، فإن من المهم إذابة الفوارق بين المستويات المختلفة، فالمستفيد من الخدمة وليكن المراجع أو العميل أو الزبون لا يهمُّه أن تكتمل معاملتُه بتوقيع رئيس القسم أو مدير الإدارة أو المدير العام أو الوكيل أو حتى الوزير ، فهذه أمور إجرائيّة تفصيليّة لا تعنيه.
** ولعلَّ وسائط الإدارة الإلكترونيّة بكل إمكاناتها المذهلة قادرة على وأد البيروقراطيّة المتوغلة في عمق الجسم الاداري العربي، ونسف مراكز القوى التي تحول بين الحق وصاحبه، لأن حضرة المدير يألف الإغراق في الجزئيات ، والتهميشات والتأشيرات ، والتواقيع ، والأرقام الصادرة والواردة من وإلى كلِّ زاوية من زوايا المنظمة التي ينتمي إليها,,!
***
(8)
** من أدواء الإدارة العربية كثرة اللجان والاجتماعات والخبراء والمستشارين والوقوف أمام مسألة بسيطة، لأن اللجنة لم تجتمع، والاجتماع لم يتفق، والخبير لم يقتنع، والمستشار لم يتفرغ,, ثم تضيعُ حقوق الناس، وتتردّى الإنتاجية، وتتضاعف التكاليف بمثل هذه الأسطوانات التي لم تملّ عملاً ولم تُملّ ترداداً,,!
** ولمن عايش أو قرأ عن الإدارة الفعالة المنتهية بربحٍ ماديٍّ وإنجازٍ عملي أن يتذكر أن اجتماعاتها نادرة، وأن معظمها يتمُّ وقوفاً، وأن أكبر الشركات تُدار بأيسر الأساليب، ولا مشكلة لديها فيمن يجلس في هذا المكتب أو على ذلك الكرسيِّ، ولا مكان لمن يقف دون بابه حاجبٌ وسكرتير ومدير ومجموعة من الأرقام الفارغة التي تكتفي بأن تمثل جوقة شرفيّة وظيفتها الإضافة إلى الهرم الهيكلي، وتحقيق الهرم الانتاجي، وفتح الدائرة في اتجاه الوراء,,!
***
(9)
** الإدارة العربيّة تحتاج إلى إنقاذ ، ولا يكفي لذلك تكثيف اللجان أو تضخيم الأجهزة أو تقديم قراءةٍ خاطئة للواقع باسقاط العجز على قلَّة الإيرادات أو ضعف الموازنات، فالقطاع الخاص الناجح عالميّاً هو القادر على تقديم خدماته بأقل عددٍ من البشر، وأرخص تكلفة من المال، فال C.NN مثلاً تدار ببضعة أشخاص، وآسيا براون بوفاري تقوم على ثلاثة عشر مسؤولاً في ثلاثة مستويات إدارية تحقق أرباحها عبر أكثر من خمسة آلاف مركز حول العالم، وتايتفلكس تجاوزت مستويات إنتاجية متقدمة حين ألغت الطبقة الادارية الوسطى وأسست فرق الانتشار السريع وقلَّصت دورة طلب المنتج من عشرة أسابيع إلى يومين,, وهكذا,.
** النماذج كثيرة,, والحلول واضحة,, والقضية إدارة لا يحتويها الهوى والمصلحة والوساطة وما جرى مجراها في السلوكيات السلبية للوظيفة العامة,, ويظل الحديث ذا شجون,,!
* ,, ان الله لا يغيِّر ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم .
IBRTURKIA@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved