أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 23rd January,2001 العدد:10344الطبعةالاولـي الثلاثاء 28 ,شوال 1421

متابعة

موعظة عند الرحيل
ضجة إعلامية رهيبة، وحالة من الوجوم تسيطر على الكل، ودموع نثرتها الأعين، والمرء بين مصدق ومكذب، ومكالمات متتالية ما بين مخبرة ومستخبرة، وارتباك مشهود وتقطيب شامل، وعبوس واضح، وصمت من جراء الأسى، وبيان من الديوان الملكي يقطع الشك ويخرج بالحقيقة المُرّة، يتبعه الأمر السامي الكريم بإقامة صلاة الغائب على فقيد الأمة في جميع جوامع المملكة وتعلن السعودية مشكورة عن فتح رحلات إضافية إلى جدة لحضور الصلاة على عالم الأمة وتزيد على ذلك بتخصيصها طائرة خاصة لعائلة الفقيد المحزونة,,, وتذاع عبر أجهزة الإعلام المختلفة خطابات التعزية التي بعثها حكام البلاد إلى شقيق الراحل وأبنائه مترجمة عما خالج نفوسهم من كدر وألم.
وفي المسجد الحرام تتجلى أسمى صور المحبة لهذا الشيخ الجليل والمتمثلة في ذلك الحضور الكبير الذي يتقدمه الأمراء والعلماء، والمشايخ، وطلاب العلم,, والطرق المؤدية إلى المقابر شهدت زحاماً عجيباً، شاركت في ترتيبه شرطة العاصمة المقدسة وقوات أمن الطوارئ,, وعلى صفحات الصحف المحلية والخارجية نقرأ للباكي والمعزّي والمسلّي من ناثر أو شاعر,.
كل ذلك وأكثر منه بكثير دليل لا غبار عليه على محبة الناس حكاماً ومحكومين للعلم والعلماء، وإقرارهم بفضلهم، واعترافهم بعظيم قدرهم، وأنهم أنجم يهتدى بها في ظلمات الحياة المدلهمة تارة والمنكشفة أخرى.
هذا الراحل أحبه الصغير والكبير، وعرفه الرجل والمرأة، ويذكره العربي والأعجمي، لم تشغله الدنيا عن الدين، ولم يمنعه المرض عن الدعوة إلى الله، ولم تتخطفه الأضواء أو تغريه المناصب,.
شيخ في أعلى درجات المحبة للناس والنصح لهم، فصدق أحمد بن حنبل رحمه الله لما قال : (موعدكم يوم الجنائز) وهذا عاجل البشرى للمؤمن، فهل عرف السذج من الناس من الذي يخلّف فقده الوجوم والألم، ويترك رحيله الفراغ، والأسى، إنهم العلماء الصادقون، والدعاة المصلحون الذين حفظوا أمر الله فحفظهم الله ورفع قدرهم، وجعل لهم لسان صدق في العالمين فأحسن الله عزاء كل مسلم، وأخلف على الأمة خيراً.
إنها موعظة عند الرحيل، وعِبرة قبل الوداع، تركها من أوقف حياته على الأمة وهمومها، فخلّف ما فيه صلاح الأمة.


أيها الشيخ الذي ودعنا
عالي الهمة وضّاح الجبين
نحن نلقاك وإن فارقتنا
في علوم بقيت للراغبين

زمجر الفضاء بكثرة الناس، وأرعد ببكائهم، وابتلّ بدموعهم وحق لهم ذلك ولكل من في قلبه إيمان.


فمن نبكي إذا لم نبك نجما
ومن نرثي إذا لم نرثِ شهما
مضى شيخ القصيم ومقلتاها
وصوت الحق إذ ولى فأدمى
طوى الحزن المعذّب كل عبد
رأى في موته موتاً ويتما

أجل فقد رأينا في موته موتاً ويتماً، موت لمن يبحث عمن يجيب سؤاله، ويتم لطلابه والعلماء أجمعين.
خالد بن أحمد الرفاعي
بريدة

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved