رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 23rd January,2001 العدد:10344الطبعةالاولـي الثلاثاء 28 ,شوال 1421

مقـالات

حمى المبيدات خطر يتزايد فهل تقيّد بوصفة دكتور؟!
د, محمد عبدالعزيز الدغيري
يتوقع الكثير من المهتمين بشئون البيئة والملمين بأضرار المبيدات الكيميائية على البيئة والصحة العامة في أمريكا وغيرها من الدول المتقدمة بأن يتم في المستقبل القريب وضع قوانين تجبر المزارعين وأصحاب المشاريع الزراعية بأخذ وصفة علاجية من قبل مختص مرخص له من الدولة قبل أي معاملة بالمبيدات وخاصة المبيدات المقيّدة الاستخدام والتي تعرف بسميتها العالية وبتأثيراتها المدمرة على البيئة وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على صحة الإنسان والحيوان, ففي الدول المتقدمة مثل أمريكا مثلاً يتطلب القيام برش المبيدات أن تكون لديك رخصة خاصة بذلك تحصل عليها بعد خضوعك لدورة تدريبية تتعرف من خلالها على أنواع المبيدات الكيميائية وتركيباتها الكيميائية وكيفية التعامل معها والضوابط والاحتياطات الواجب اتخاذها قبل وأثناء وبعد عملية الرش, وعلى الرغم من ذلك فإنه يحدث أحيانا تجاوزات بسبب عدم وجود قانون من الدولة يعاقب من قام برش المبيدات بطريقة خاطئة, لذا فإن الكثير من أولئك المهتمين يؤمنون بأهمية وضع قانون من الدولة يحتم على أي متعامل بالمبيدات وحتى الحاملين للرخص بأخذ وصفة كتابية من قبل مختص إما تعينه الدولة لهذا الغرض أو يكون تابعاً لمؤسسة خاصة ويحمل ترخيصاً من الدولة بهذا مع معاقبة المخالفين لهذا القانون, ذلك القانون يشبه في حيثياته قيام المريض بأخذ وصفة طبية من قبل طبيب مختص قبل تمكنه من شراء أي علاج من الصيدلية, في كلتا القضيتين نجد أن التشابه يكمن في (1) أن بعض المواد الكيميائية تسبب أضراراً متفاوتة لمستخدميها وعليه يجب أن تستخدم تحت إشراف مختص لديه المعرفة الكافية عن تلك المواد، و(2) أن أولئك المختصين الذين يوصون باستخدام تلك المواد الكيميائية لا ينتفعون من بيع تلك المواد, اما الاختلاف المهم بين المبيدات وبين العلاج والذي بسببه تكمن أهمية إصدار مثل هذا القانون هو أن ضرر العلاج يعود على متعاطيه فقط بينما ضرر استخدام المبيدات عام وقد يشمل الضرر بائعه وناقله ومن يقوم بعمليات الرش والمحيطين بمناطق رش المبيد سواءً حشرات أو حيوانات أو أناس أو أي كائنات حيّة أخرى وقد يصل ضرر المبيد إلى أناس آخرين أو كائنات حيّة أخرى تتواجد في مناطق بعيدة عن منطقة الرش إما عن طريق شرب المياه الملوثة سواءً السطحية أو الجوفية او عن طريق أكل مواد غذائية ملوثة وهكذا.
ولكون الدولة هنا ممثلة بوزارة الزراعة والمياه ووزارة الصحة والجهات الأخرى ذات العلاقة تعمل جاهدة على دراسة أضرار تلك المبيدات الكيميائية وما يسببه الاستخدام الخاطىء لتلك المبيدات من أضرار على البيئة وعلى الإنسان وحيواناته الأليفة فإنني هنا أرجو من المسؤولين المعنيين أن يكونوا السبّاقين لهذا ويقوموا بإصدار التوجيهات لدراسية إمكانية إحداث قانون يمنع شراء أي مبيد كيميائي إلا بعد أخذ وصفة بهذا من أحد المختصين المرخص لهم ويوجب قيام المزارعين باستخدام فنيي مكافحة مرخصين للقيام بإجراء عمليات المكافحة بناء على وصفة كتابية من ذلك المختص وذلك لحماية أولادنا ومستقبل دولتنا المشرق قبل فوات الأوان.
ولكن ولتكون الصورة واضحة يجب أن نسأل أنفسنا قبل إصدار مثل هذا القانون عن: (1) ما النتائج المحتملة عند وضع قانون أخذ وصفة من مختص قبل شراء ورش المبيد؟ و(2) ما هي مؤهلات ذلك الشخص المختص والذي سوف يقوم بصرف تلك الوصفات؟ ومن أهم النتائج التي قد تؤثر سلباً أو إيجاباً على إقرار هذا القانون هي (1) أن القوانين التي تحرّم استخدام المبيدات العالية السمية ربما تفقد بعضا من أهميتها خاصة عند التهاون في صرف تلك المبيدات من قبل المختص، ولذا فانه من المحتمل ألا يؤثر مثل هذا القانون على كيفية استخدام المبيدات العالية السمية مما لا يؤدي معه الى خفض في عمليات الاستخدام الخاطىء لتلك المبيدات؛ و(2) أن هذا القانون سيعطي نوعا من التحكم في استخدام المبيدات الكيميائية مما يجعل الناس يقللون من تخوفهم منها بسبب اعتماد الناس بشكل كبير على هذا القانون ليحميهم من أضرار المبيدات مما يؤدي معه إلى فقد هؤلاء الناس لتلك الاحتياطات التي وضعوها لأنفسهم لتحميهم من أضرار تلك المبيدات قبل إصدار هذا القانون؛ و(3) أن تلك الوصفات ستعطي تبريراً منطقياً ومن قبل شخص مختص لاستخدام المبيدات الكيميائية مما يقلل من احتمالية الاستخدام الخاطىء لتلك المبيدات؛ (4) أن هذا النظام سيعطي الفرصة للمزارعين وأصحاب المشاريع الزراعية الكبيرة في أن يتمكنوا من استخدام المبيدات العالية السمية في حالة الضرورة القصوى وعند انعدام الفاعلية للمبيدات الأخرى بعد ان اخذ الوصفة القانونية من المختص؛ وأخيراً (5) أن وضع مثل هذا القانون سيزيد من فرص العمل والطلب لأولئك المؤهلين في وقاية النبات والحيوان وفي مكافحة الآفات.
أما بالنسبة لمؤهلات ومواصفات ذلك الشخص المختص والذي سيقوم بعمل تلك الوصفات للمزارعين فإن التعليم والخبرة في مجال وقاية النبات أو الحيوان والحصول على شهادة موثقة من إحدى المؤسسات التعليمية المعروفة تعتبر من أهمها, وتقع مسؤولية تقييم هؤلاء المختصين على إحدى الوزارات الحكومية مثل وزارة الزراعة أو وزارة الصحة إضافة الى الجهات ذات العلاقة مثل الجامعات والكليات المتخصصة إضافة الى المرشدين الزراعيين والمزارعين أنفسهم.
إن إصدار مثل هذا القانون سيجعل المملكة العربية السعودية خاصة في مجال الزراعة والثروة الحيوانية من أكثر الدولة أمانا وانتاجية في العالم وذلك لاعتبارات هامة من أهمها ان جميع المبيدات الكيميائية لا يمكن استخدامها إلا بعد أخذ وصفة خطية من أحد المختصين المرخصين لذلك والذين يمتازون بالتعليم والتدريب العالي ويحمل شهادات في مجال المبيدات ومكافحة الآفات والعناية بالمحاصيل والأراضي الزراعية, حيث يقوم هؤلاء المختصين بعمل وصفة خطية لأكثر المبيدات فعالية وأكثرها أماناً وكيفية وتوقيت استخدامها مع ضمان الاستخدام الآمن والفعّال لتلك المبيدات, أيضاً إن هذا القانون سيتيح الاستخدام الفعّال والمستمر للمبيدات من خلال الاختيار الأمثل لنوع المبيد بحسب نوع الآفة ونوع المحصول مع الأخذ بالاعتبار العوامل البيئية المحيطة وذلك لضمان السيطرة على الآفات الزراعية المختلفة ولضمان استمرارية الاستخدام الفعّال لتلك المبيدات.
على الرغم من ان إصدار مثل هذا القانون سيتبعه بعض التكاليف سواء على الدولة مثل تكاليف تدريب وتوظيف وترخيص ومراقبة هؤلاء المختصين أو على المزارعين أنفسهم مثل تكاليف الاستعانة الإجبارية بمتخصصين في المكافحة لمعاملة المبيدات الموصوفة من قبل ذلك المختص, ولكن تلك التكاليف سوف يتم تعويضها عن طريق زيادة إنتاجية المحاصيل وتقليل تكاليف الرش بالمبيدات خاصة غير الضروري منها وزيادة فرص العمل وتقليل تكاليف مراقبة المبيدات المختلفة خاصة المقيدة الاستخدام, ايضا نجد ان تقليل عمليات الاستخدام الخاطىء لتلك المبيدات سوف يساعد على مكافحة الآفات بشكل جيد ويساعد على حماية الغذاء والناس والبيئة من أضرارها, هذا وفي مقال قادم إن شاء الله سوف أتطرق الى بعض الحقائق عن كميات المبيدات المتداولة في المملكة العربية السعودية في محاولة لتسليط الضوء على واقع التزايد المخيف في معدلات استخدام المبيدات عطفاً على المساحة المزروعة وعلى تاريخ استخدام تلك المبيدات في المجالات الزراعية هنا.
للتواصل: mdoghair@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved