| مقـالات
قال لي صديق عندما أفضيت له ذات يوم برهبتي ولا أقول رعبي من ركوب الطائرات.
قال ذلك الصديق الذي خضع للتو لعملية جراحية دقيقة وحرجة، هناك حاجتان لابد من التعامل معهما شئت أم أبيت: الطائرات والعمليات الجراحية,, وأنا يا محاكيك دخلت إلى مستشفى بعد أن أخبرت أم العيال بأنني ذاهب لزيارة صديق في استراحته الخاصة، لذلك لا تفتقدوني إذا تأخرت! ومن البيت أتيت إلى هنا وقام الربع بشغلهم على أكمل وجه وأنت تراني كاملاً مكملاً,, والكامل وجه الله!!
خرجت من عند ذلك الصديق دون أن أتمنى له الشفاء العاجل ربما لأنني رأيته في كامل العافية وربما من رعبي من برودة أعصابه، وعبثه واستهانته بهم اعتاد أن يقض مضجعي لعدة أيام كلما نويت السفر بالطائرة من بلد إلى آخر!
ولأن لكل شخص من زمانه واغشاً، فإن هناك من يتطير وربما يترك وليمة عامرة بأطايب الطعام، حالما يرد ذكر لأرنب أو فأر أو ضب، وعندي من الأصدقاء والأبناء الذين يلزمون أقصى مكان في الحجرة إذا شاهدوا ظل صرصار أو فأر، وحمدت الله لأنني عودت نفسي على التآلف مع مثل هذه الكائنات مبكراً، فقد عاشرتها أو عشت معها خلال تجوالي في العديد من القرى والهجر المحلية، ووجدت أنها عينات لطيفة وحبيبة من مثيلات لها تعيش في أحياء بومباي والعديد من عواصم المدن الساحلية، فالفأر عندنا عصفور بجانب تلك الفئران التي تهرب منها القطط في أحياء بومباي,, وابقى مع جماعة الفوبيا لاختم بأشخاص إذا شاهد أحدهم ظل قطعة خس أو رأس بصل أو صحن سلاطة فإنه يترك مكانه حالا وينتقل لجانب آخر من المائدة، لا يصله فيه ظل أو شكل البصل أو الخس,, ومن هؤلاء من يكلف نفسه صعود عشرة أدوار على قدميه مع وجود الأسانسير أو السلم المتحرك,, ولأنني أقدِّر حال من يدوس على الفأر غصباً عنه فإنني أنظر بعطف وتفهم لكل صديق يعاني من مثل هذه الحالة، فلماذا صديقي لا يخفف أو يحاول معي البحث عن حل لعلتي مع الطائرة وغيرها من آلات العصر الجهنمية؟ وهي علة ليس لها من حل إلا أن يخترع لنا أديب مجنون مثل هربرت ويلز آلة تحملنا من منازلنا إلى أي مكان في العالم دون أن نشعر بالمطبات الجوية أو مراحل الإقلاع والهبوط والأكثر من ذلك لا نرى وجه تلك المضيفة الذي يذكرنا بجنود الفوهرر وهم يجوبون شوارع برلين وهم جنود لا يسمعون ولا يقرؤون ولا يتكلمون وملامحهم ناعمة ولامعة وباردة مثل قطع السيراميك.
|
|
|
|
|