| العالم اليوم
في مستهل الستينات من القرن الماضي ساد العمل السياسي الدولي نوع جديد من الوصول الى السلطة، فبعد نمو الجيوش وظهور طبقة من الضباط الذين اتجهوا للعمل السياسي، وبدلاً من الاحتكام الى صناديق الاقتراع أو الى الأساليب الشرعية وفق القنوات المعتادة لكل بلد، اختصر الضباط الطريق وفرضوا عن طريق القوة تغيير السلطة، وتسلق قمتها، فظهر نمط جديد من ادارة البلدان عن طريق الانقلابات العسكرية التي أصابت البلدان التي شهدتها بما يشبه بالدوامة والفوضى السياسية، إذ تتابعت الانقلابات وأغرت القوة العسكرية وطموح الضباط وسهولة الاستيلاء على الحكم الى الإطاحة بمن سبقوهم، وهكذا تواصلت سلسلة من الانقلابات العسكرية دمرت المؤسسات الدستورية والسياسية في البلدان التي ابتلت بتلك الانقلابات، بل دمرت المؤسسات الاقتصادية وحتى الاجتماعية والفكرية من خلال فرض فكر وثقافات اجتماعية وأنماط سياسية واقتصادية، حيث لا تزال العديد من تلك الدول التي شهدت موجة الانقلابات العسكرية تعاني منها.
وإن تجاوز العصر مرحلة الانقلابات العسكرية، فإن في القرن الجديد ومع السنين الأخيرة من رحيل القرن العشرين بدأت تتجسد طريقة جديدة للاستيلاء على السلطة وهذه المرة عن طريق تحريك الجماهير وتوظيف انفعالاتها ودفعها من خلال القيام بسلسلة من التظاهرات وعمليات العصيان المدني لإجبار رؤساء الدول على الاستقالة ومغادرة قصور الرئاسة مرغمين, وهذا ما حصل للجنرال سوهارتو الرئيس الإندونيسي السابق الذي تخلى عنه الجيش بعد أن تعدد محاصرة الجماهير منزله، ثم تكررت الحالة مع دكتاتور يوغسلافيا سلوبودان ميلوسوفيتش الذي حوصر من المعارضة بمظاهرات متعاقبة انعكست نتائجها على انتخابات الرئاسة, وعندما حاول ميلوسوفيتش تزوير الانتخابات أظهرت الجماهير قوة جعلت الجيش يتخلى عن الدكتاتور.
الآن تتكرر الحالة في الفلبين، فبعد تأكد الشعب الفلبيني من فساد رئيسه أسترادا، الذي وصل انحطاطه الى درجة قبول الرشوة من أندية القمار، اندفع الشعب الفلبيني الى التظاهر يومياً لعزل الرئيس الفاسد الذي انتخب بنسبة 70% وهي نسبة كبيرة جداً، والتي اصبحت ضده الى حد أنه ترك وحيداً لمواجهة مصيره بعد أن تخلى عنه كل انصاره وقبلهم وزراؤه والجيش والشرطة ونائبته التي حلت محله,, لتتجسد طريقة جديدة واسلوب جديد لتغيير الرؤساء متوافقة مع عصر العولمة، حيث تمت كل تلك المحاولات الثلاث متأثرة بالإشعاعات الإعلامية,, والضغوط الدولية التي حدت كثيرا من قوى الرؤساء وسلطاتهم في قمع معارضيهم.
ممراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|